أنتم عابرون وكوردستان باقية
د. خالدة خليل
من يتصفح تاريخ الألم الكوردي بإنصاف وحيادية، يعلم حجم المآسي والكوارث والإبادات التي حلت بالكورد، ليس لسبب سوى اختلافهم القومي الذي ينكر حقوقه الآخرون سراً وجهراً. ومع أن القضية الكوردية أعمق وأبعد من أن يراها قصيرو النظر، الذين لا يكادون يميزون ملامحها النضالية، بل أنهم يتغافلون عن رؤيتها لأسباب واهية ما تزال تحتفظ بها ذواكرهم عن التبعيات والاستعمار والتطرف القومي والأنظمة الشمولية.
لقد شاهدنا ردود الفعل الكثيرة وغير المنصفة بحق الكورد حين أرادوا تقرير مصيرهم عبر الاستفتاء، وقد صدر جلّ هذه المواقف من شخصيات سياسية أو حكومات إضافة إلى أُناس مشحونين بالتطرف القومي على مواقع التواصل الاجتماعي، ليتحول موضوع مهم يتعلق بتقرير المصير إلى موضوع عدائي! وكأن الشعب الكوردي هو ملك للشعب العربي الذي مازال يتعامل بنظام الرّق ولا يجوز عتقه! بل أن الحكومة العراقية في بغداد راحت تتمادى في عقوباتها ضد هذا الشعب، فكانت دليلا دامغاً على فعلها غير الإنساني، ولا أريد هنا التركيز على ما قيل وما مورس من افعال سياسية وغير قانونية، فلطالما قالوا عنها وكتبوا دون جدوى.
لكنني أريد هنا أن أتساءل عن جدوى مثل هذه الأفعال بحق شعب عانى ما عاناه عبر التاريخ.
إذ ليس في قوانين العالم قانون أو قرار يسمح باستعباد الشعوب لبعضها بهذا الشكل في عصر انتهاء الاستعمار العلني، أو بمعنى آخــر ما يجعل من شعب له ثقافته ولغته وجغرافيته وتاريخه الحافل أن يكون رهينة أقفاص شعب آخـر يلزمه بالانصياع الأعمى ونسيان تاريخه! خاصة في عصر الثورة المعلوماتية التي تكمن احدى اهم ركائزها بالتعريف بالهويات وإبرازها. وتكاد تكون هذه الثورة المعلوماتية في إبراز الهويات بمستوى الثورة الفرنسية التي انجزت حقوق الانسان والاعتراف بإنسانيته.
لقد ناضل الشعب الكوردي على مر العقود الماضية وقبل أن تتشكل دولة العراق، التي كان للكورد فضل كبير في تشكيلها بانضمام ولاية الموصل إلى العراق، وذلك في استفتاء نُظم سنة ١٩٢٥ والذي صوت فيه الكورد الذين بلغت نسبتهم آنذاك ٧٣٪ من سكان الموصل التي لم نطالب بها يوماً! ولولا لعنة الجغرافية ونكث الأصدقاء لوعودهم والنيران الصديقة! لما أصبح الكورد رهينة هذا التعصب وهذه الحروب الهوجاء التي راح ضحيتها مدنيون بالآلاف.
سيبقى الكورد في مسعاهم من اجل تقرير مصيرهم، ونقول لأعداء الكورد والرافضين لحقوق شعب كوردستان جميعاً: كلكم ماضون وكوردستان باقية.