إسرائيل قلقة.. ماذا تريد الصين من وجودها في سوريا؟
نشر موقع “ديفينس” تقريراً عسكرياً سلّط فيه الضوء على الأطماع العسكرية الصينية في سوريا والمخاوف الإسرائيلية منها، مشيراً إلى أن نوايا الصين في سوريا موضع جدل حاد بين الباحثين والخبراء، بما فيهم الإسرائيليون.
وتخشى مصادر إسرائيلية من أن هناك دلائل على أن الصين قد تتحرك للاستفادة من الانسحاب الأميركي من سوريا، كجزء من جهود أكبر تبذلها بكين لتوسيع وجودها في منطقتي الخليج العربي والشرق الأوسط.
عبر سنوات الصراع السوري، كان للصين توافق سياسي مع روسيا، من خلال جهودهما المبذولة في الأمم المتحدة لحماية نظام الأسد ومواجهة النفوذ الغربي في المنطقة، فضلاً عن رغبتها في المساهمة بمشاريع إعادة الإعمار، وتقديمها كميات صغيرة من المساعدات الإنسانية.
وأكد المصدر الإسرائيلي للموقع أن التصرفات الصينية تأتي جزئياً في إطار غطاء لطموحاتها الشرق أوسطية الأوسع، فيما قال مصدر آخر إنه “من المواضع أن الهدف الرئيسي للصين هو الحصول على موطئ قدم عسكري في سوريا”، مشيراً إلى أن واشنطن “على علم بالخطة الصينية لكنها حتى الآن لم تفعل أي شيء لوقفها”.
وصرح رئيس القيادة المركزية للقوات الأميركية، الجنرال كينيث ماكنزي، بأن منطقة الشرق الأوسط، بشكل عام، هي منطقة “تنافس شديد بين القوى العظمى، وأعتقد أنه بينما نقوم بتعديل وضعنا في المنطقة، ستنظر روسيا والصين عن كثب لمعرفة ما إذا كان هناك فراغ يمكن استغلاله”، وفق ما نقلت عنه قناة “الجزيرة”.
وأشار ماكنزي إلى أن مبيعات الأسلحة هي رافعة يمكن أن تستخدمها كل من موسكو وبكين لتوسيع نفوذهما في سوريا والمنطقة، فعلى سبيل المثال قدمّت كل من موسكو وبكين أسلحة للعراق، كما لروسيا تاريخ في تقديم أنظمة دفاع جوي وأسلحة أخرى لعدة دول في المنطقة، ولدى الصين هدف طويل المدى يتمثّل في توسيع قوتها الاقتصادية وإنشاء قواعد عسكرية في نهاية المطاف في المنطقة.
وعلى الرغم من ذلك، تبقى قضية النوايا الصينية موضوع نقاش حاد بين الباحثين، حيث قالت دراسة أعدّها “مركز السياسات وبحوث العمليات” إنه “من غير المرجّح أن تتوغل بكين بعيداً في سوريا، لأن عدم الاستقرار في البلاد يتزايد، بينما تنظر بكين إلى نظام الأسد على أنه عامل استقرار يواجه تمدد التشدد الديني، كما يتقلص الاهتمام بتقديم الدعم الاقتصادي للأسد”.
ومن الجانب الروسي، تعتقد وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية أن روسيا تشن حملة مضايقات ضد القوات الأميركية والغربية المنضوية ضمن “التحالف الدولي” في سوريا، وذلك بهدف طويل الأمد يفضي إلى إخراج الولايات المتحدة من سوريا.
واقتبس تقرير قدّمه كبير مفتشي البنتاغون، شون أودونيل، إلى الكونغرس الأميركي في 8 أيار الجاري، حول عملية “العزم الصعب” التي يقوم بها التحالف في سوريا ضد “تنظيم الدولة”، عن مصدر دفاعي إسرائيلي قوله إنه “حزين لأن الروس يتحركون ببطء ولكن بخطة استراتيجية”، وأوضح التقرير أن موسكو زادت عدد أفراد قواتها في سوريا خلال الجزء الأول من هذا العام.
وفي سياق الاستراتيجية الروسية، أوقفت القوات الروسية، الأسبوع الماضي، قافلة عسكرية أميركية شمال شرقي سوريا، وأعادتها إلى مكان انطلاقها، معتبرة أنها انتهكت اتفاقية “فض الاشتباك”، وهو اتفاق أبرمته روسيا والولايات المتحدة، منذ بدء عملياتهما في سوريا في العام 2015، لمنع وقوع أي حوادث بين قوات البلدين.
ورفض البنتاغون التعليق على هذه الحادثة، في حين يؤكد تقرير أودونيل، على أن روسيا نفسها تنتهك اتفاقية “فض الاشتباك” بشكل متكرر وروتيني، على الرغم من عدم تهديد القوات الأميركية أو الغربية لها.
وتحافظ الولايات المتحدة على وجود عسكري منخفض للغاية في سوريا منذ سنوات، ووفق على ما قالت المصادر الإسرائيلي لموقع “ديفينس”، فإنه “افتراض خاطئ بأن قدرة داعش في سوريا محدود للغاية ضد المصالح الأميركية، والحقيقة أن داعش يواصل العمل في سوريا ويخطط لهجمات إرهابية ضد أهداف غربية”.
ونقل الموقع عن الخبير الإسرائيلي البارز في قضايا الشرق الأوسط، مردخاي كيدار، قوله إن “الأميركيين يمتنعون عن الحديث عن قوتهم العسكرية في سوريا، لأن لديها مهمة لحماية بعض الأصول الاستخباراتية الأميركية هناك”.
وأضاف الخبير الإسرائيلي أن “الروس يعتبرون أنفسهم مالكي سوريا، ولا يريدون أي قوات أميركية على الإطلاق”.
وأشار كيدار إلى أنه “قد يكون للقوة الأميركية في سوريا مهمة أخرى، حيث أراد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، تعطيل الخطة الإيرانية لإنشاء ممر إلى البحر المتوسط، لا أعرف ما إذا كان هذا على قائمة مهام الولايات المتحدة اليوم، ولكن قد يكون هذا سبباً آخر لبقاء الوجود الأميركي في سوريا”.
أما فيما يتعلق بإيران، فتؤكد تقارير حديثة أن طهران وموسكو يتنافسان على النفوذ وغنائم الحرب، فيما بدأت الميليشيات التي تدعمها إيران في نقل كميات كبيرة من الأسلحة إلى مستودعات جديدة بالقرب من مدينة الميادين بريف دير الزور، وتخزينها في قنوات وغرف خرسانية، باستخدام شاحنات متنكرة على شكل حاويات تخزين الفاكهة والخضراوات.
وذكرت تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” أن إيران تعتمد على ميليشيا “الحشد العشبي” العراقية التي تزود باقي الميليشيات في سوريا بالسلاح، وعادة ما تتم عمليات التسليم على الحدود السورية العراقية، أو من خلال لقاءات تتم في نقاط داخل الأراضي العراقية قرب الحدود.