آراء

إشكالية المصطلحات.. مجرد رأي

براسوز جزيري / هولير

إن أغلب المصطلحات المطروحة كحلول لقضايا حقوق الشعوب والأفكار الداعية الى التعايش بين القوميات والطوائف المختلفة تحت عناوين ومسميات مصطنعة مثل الأخوة والديمقراطية والاشتراكية والمواطنة ،  كل هذه المصطلحات ليست الا تمويه لتبرير وشرعنة سلطة  المتحكمين والمحتلين لأوطان وحرية الشعوب الضعيفة  ، لا شك مثل هذه الأفكار تخص الجانب الإنساني لحياة البشر ،  ولكن زجها واقحامها في امكنة لم ترتق الى سوية استيعاب الفكرة حكماً ستؤدي الى عكس المرجو منه وسيتجه لغير الطريق المرسوم له ،  هذا اذا كان اصلاً الغاية حميدة. فنجاح تجربة ما في زمان ومكان ما ليست بالضرورة نجاحها في مكان وزمان آخر قد تكون غير مهيئة لقبول الفكرة  ، وهذا يعني ان البيئة والتركيبة الإجتماعية والثقافية تختلف من مكان لآخر  فالمقاس مختلف ولكل زمان  ثقافتة وهذا يستوجب دراسة البيئة والسيكولوجيا الإجتماعية في المكان والزمان المحددين قبل زج واقحام اي نظرية على مجتمع ما ، وربما من المبكر الحديث عن الديمقراطية وقبول المختلف في المجتمعات المتخلفة من الناحية الثقافية والاقتصادية وخاصة الشرق المبني على إرث القبلية القومية والدين القومي بما لهاتين المؤسستين من دور في بناء الفكر العقائدي وبالأخص بعد ظهور الإسلام بطابعه العروبي ،  واخضاع الشعوب لسيطرة نفوذها  ، واجبار شعوب المنطقة بالقوة على التدين بدينهم والتكلم  مما اسست لفكر وثقافة التقليد تتوارثه جيل عن اخر لدى جميع اللذين حكموا باسم الدين (العرب والعثمانيين والفرس وغيرهم ..) وهذا يعني إننا ورغم التطور والتقدم العلمي ما زلنا بحاجة الى سنوات عديدة من العمل والجهد بدون كلل لتهيئة الأرضية المناسبة لزرع بذور الديمقراطية وقبول الإختلاف التي تعد غريبة عن مجتمعاتنا ،  وللتأكيد وعلى سبيل المثال لا الحصر انظروا  لما يجري في الدول التي يعيش فيها اكثر من قومية وديانة (ايران – تركيا – لبنان – العراق – سوريا – اسرائيل – اليمن – المغرب – الخ ) وكلها تعج بالحروب والدمار ولم تستقر يوماً  وأن هدأت  نسبياً من حين لآخر  فهي مؤقتة ،  وهذا يؤكد صحة ما ذهبنا إليه و زيف شعارات كل الذين يتبنون هذه الأفكار والنظريات التي تدعوا إلى وحدة الشعوب والقوميات تحت شعار الوحدة الوطنية والديمقراطية  ، والاشتراكية …كل هذه المصطلحات ليست الا للتحكم بمصير الشعوب والطوائف المختلفة  وتذويبها في بوتقة قوميتهم ودينهم وطائفتهم وهم يدركون ويعرفون تمام المعرفة بأن هذه المجتمعات المتخلفة نسبيا بما فيها مجتمعاتهم غير جاهزين لقبول مثل هذه الأفكار ،  واعني الديمقراطية والعيش تحت سقف واحد  ، وان اكبر الديمقراطيات في العالم حتى الآن لم تطبق 50% من الديمقراطية المنشودة  (اسبانيا – بريطانيا – روسيا …..)  فإذا كانت اوربا والمشهود لها بالديمقراطية لم تطبق الديمقراطية المنشودة فكيف لدول مثل الدول المذكورة اعلاه ستكون واحة للديمقراية والقيم الانسانية؟  وهذا يقودنا إلى ماهية الغاية من الترويج لهذه الحلول الترقيعية المزركشة  برقع الديمقراطيات والاشتراكية الملونة  ، والتي هي في مضمونها الغام قابلة للتفجير في اي لحظة ،  وهي ليست إلا مصطلحات تخديرية لإطالة عمر المحتل وترحيل الحلول الحقيقية إلى زمن غير معلوم…؟؟؟

 

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “271”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى