إقليم كردستان وتحديات الداخل والخارج
مروان عيدي
أثبتت التجارب والأيام أنّ القيادة الكُردستانية في جنوب كُردستان تعمل باحترافيةٍ قلّ نظيرُها في الشرق الأوسط، فمنذ سقوط نظام البعث في العراق لم تستغلّ القيادة الكُردستانية الظروف السائدة حينئذٍ ،ولم تجنح نحو الاستقلال، بل ساهمت في ترسيخ الاستقرار من خلال تشكيل هيئة حكمٍ انتقالي من رئاسة الكتل السياسية الرئيسية في البلاد، وساهمت في توفير الحماية الأمنية للمقرّات الحكومية والشخصيات السياسية الفاعلة بقوات البيشمركة والقوات الأمنية، وساهمت عام 2005 بوضع دستورٍ للبلاد ،ورغم ذلك ساهمَ شركاؤهم في الوطن باختراق 55 مادةً دستورية متعلّقةً بالإقليم وحقوق الشعب الكُردي ،ولعلّ أبرزها المادة 140 المتعلّقة بالمناطق المستقطعة والتي بقيت دون تنفيذٍ حتى اللحظة ،وعندما طفى من جديد الصراع الطائفي، وسياسة المدّ والجزر بين السنة والشيعة لم يكن الكُرد جزءاً من ذلك الصراع بل كانت هولير من جديدٍ الملاذ الآمن للمعارضين والشرفاء من أبناء العراق.
ولم يألُ شركاء الكُرد في العراق الفدرالي جهداً إلّا وبذلوه في محاولة نسف التجربة الديمقراطية في الإقليم ،والرخاء الاقتصادي والعمراني فواجهوا مسعى الرئيس مسعود البرزاني نحو إجراء استفتاء على حقّ الشعب الكُردي بالاستقلال، وهو إجراءٌ ديمقراطي ومن حقّ الشعب الكُردي وإقليم كُردستان الفدرالي ، واجهوه بالدمار وحشد الميليشيات الشيعية والجيش العراقي والهجوم على إقليم كُردستان، إلّا أنّ هذه القيادة مجدّداً كانت بمستوى الحدث، ووضعت المجتمع الدولي أمام مسؤولياته باحترام القرارات الدولية وخطوط العرض التي رسمها مجلس الأمن الدولي إبان الانتفاضة الكُردية في التسعينات ،وفور تجاوز الإقليم وقياداته آثار هذا الاعتداء والالتفات إلى إعمار الإقليم وايلاء الشعب الكُردستاني الاهتمام ،ودعم البنية التحتية اقتصادياً وبنيوياً وامنياً لم يكن أمام التحالف الدولي بقيادة أمريكا وعند اتخاذ البرلمان العراقي قراراً باخراجهم من العراق ومن بغداد لم يجدوا سوى هولير لجعلها قاعدةً ومنطلقاً لمحاربة الإرهاب فكانت السبب في استهدافها في أيلول سبتمبر من قبل هذه الميليشيات في أواخر عهد ترامب ،وكانت الأضرار طفيفة واليوم يتكرّر ذات السيناريو في بداية عهد بايدن ،وتستهدف ميليشيات الحشد هولير العاصمة ومطارها بعدة صواريخ، ومع ذلك تلتزم القيادة الكُردستانية بسياسة ضبط النفس وعدم توجيه الاتهامات يمنةً ويسرةً حتى الانتهاء من التحقيقات وبدعمٍ ومؤازرةٍ من التحالف الدولي ليصار إلى محاسبة الجناة.
ناهيكم عن الكمّ الهائل من الضغوطات التركية وحزب العمال الكُردستاني وصراعهم على أراضي الإقليم وعدم انجرار هذه القيادة إلى تلك الاستفزازات واتخاذ الحيادية والدعوة إلى الحوار والمنطق بدلاً عن لغة السلاح والقوة.
والحال هكذا وهذا المحيط والوسط الملتهب يحتّم على المجتمع الدولي الوقوف بجديةٍ ودعم ومساندة الإقليم وقيادته والدفع باتجاه تطبيق نتائج استفتاء 2017 وهوأفضل حلٍّ لكلّ مشاكل الإقليم والعراق والمنطقة ككلٍّ.