آراء

الأخوة فكراً وممارسة

دوران تيشي

كثيرا ما يتردد في أيامنا مفهوم لا للأقتتال الأخوي و دم الأخ على الأخ حرام و دم الكردي على الكردي حرام والغاية منها هو تغليب التناقض الرئيسي على التناقضات الثانوية من منطلق أن شعبنا مضطهد ويجب تحريره بشتى الوسائل و توجيه جميع الفعاليات نحو المغتصب.
إن شعار الأخوة أستخدم منذ الأزل منذ أن بدأت الخليقة قام أولاد أدم أحدهم بقتل أخيه فحرم دم الأخ على أخيه عبر الأية الكريمة “من قتل نفس بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا” وكانت على شكل رابطة الدم و ما ينتج عنها من روابط أثرية وقبلية و أستمرت حتى يومنا هذا بين المد و الجزر فعند قسم من الشعوب لا تتجاوز رابطة الدم عدد أصابع اليد الواحدة أي خمسة أباء متسلسلين وعند البعض الأخر يصل ألى حد القبيلة .
وتعدت الرابطة الأخوية في الديانات السماوية رابطة الدم بل وصلت ألى أخوة الدين والعقيدة عبر الأية الكريمة ” أنما المؤمنون أخوة” و حديثا ظهر معيار أخر للأخوة و هو المعيار القومي الوطني حيث تبدأ المشاعر بالتكاثر و التنامي في خضم العادات و التقاليد واللغة الواحدة و المصالح المشتركة ألى أن تصل ألى المخاض الأخوي ولم تكن متناقضا مع الأخوة الدينية حيث دعى جميع الديانات ألى التأخي و المحبة.
وقام الكثير من شعوب العالم بأنجاز مهام التحرر الوطني و تشكيل الكيانات القومية و بقى عدد قليل منها لم يكتمل معهم تحقيق هذا الأنجاز العظيم و أستخدموا شتى الوسائل لأنتزاع هذا الحق و منها المفهوم الأخوي و التفاهم الأنساني فكان شعار التأخي أحد الأركان الرئيسية في نهج البرزاني الخالد حيث دعى العراقيين التأخي بدل من الأقتتال و لكن لم يلقى أذان صاغية من الحكومات العراقية المتعاقبة و خلال القرن الماضي تعرض مفهوم التأخي ألى هجوم كاسح من مبادئ الأيديولوجيا و الديالكتيك الماديتين حيث تقلصت روابطها حتى وصلت ألى الأنهيار ضمن العائلة الواحدة . وأصبحت في طريقها ألى الزوال و أستخدم بدل عنها كلمة رفيق في تطبيقات الماركسية اللينينية وبقيت تستخدم حتى يومنا هذا رغم زوال الشيوعية كون وجود أحزاب و فعاليات سياسية متمسكة ببقايا هذه الأفكار .
الأيديولوجيا المادية لا تدع مجالا لتنامي المشاعر و الأحاسيس و تقوم بتشتيت الرابطة الحسية والتي هي العمود الفقري في التكوين الأخوي فأن استطاعت التغلغل في مجتمعاتنا تتحول روابطنا ألى روابط مطاطية تمتد بعيدا حتى تصل ألى الدونية و العدمية وقتها لا تسمع صوت المشاعر الأخوية فهي تصبح كالحليب الذي غش بكثير من الماء لا تظهر عيوبه ألا عند التخثر أذا شعار التأخي هو نتاج فكري قومي أنساني بأمتياز و هو شعار سلام و عدالة و مساواة و تستخدمه الجهات السياسية من هذا المنطلق الأ أن الكثير يستخدمونه وهم لا يؤمنون لا بالفكر القومي ولا الديني من منطلق الاستغلال وفي غير مواضعه ككلمة حق يراد بها باطل .
مفهوم التأخي لا يؤخذ بالشمولية المطلقة فهناك من ينسلخ عن سلوك الجماعة و فكرها تحت تأثيرات مختلفة “مادية -سلطوية – أيديولوجية” وتعمل في الضد من مصالحها عبر استغلالها فكريا و حسيا وخاصة عندما يزيد عليهم الخناق ينادون بأعلى أصواتهم أين الأخوة فمثلهم مثل الكافر الذي يعصي أمر ربه في كل شيء و تأتيه مصيبة ينادي رحماك يا ربي .
تقوم الجماعة حينئذ بتشريع قوانين بحقهم من تجريد للأنتماء إلى القصاص بحقهم وألا لما قام كاوى الحداد ضد الملك القاهر (استياك) ولا ثارت الشعوب على قاداتهم الفاسدين ولا طبق بحق أي العدالة الأنسانية.
من حق الجماعة أن تثأر و تقاتل ضد من يعصي مبادئ التأخي في الجماعة الواحدة ضد من يستبيح دم أخيه من منطلق السلطة و القوة و يشرع لظلمه بأستغلاله لمبادئ التأخي و لكن لكل فرعون موسى ” ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب “.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى