الأمازيغ بعيون كردية : كيف يرى حٌكام الجبال الشعب الذي ينتسب للحرية.
بقلم مها سالم الجويني
أنا الأمازيغية .. لم أكن قبلها سوى عميلة وسمسارة أو بربرية همجية .. أبتسم ملأ أشداقي و أدفن وجهي في الأصفر و الأحمر و الأزرق و الأحمر و أرفع يديّ كالصليب على حرف الزاي ..ذلك الانسان الحر الذي يتوسط علم الأمازيغ .. أحببنا أو كرهنا أحببتم أو كرهتم … تمائم جدتي تباركني: حاربي كأنك تيهيا ..حاربي كأنك نصف السماء.جدتي تباركك أنت يا حفيدة زرادشت .. جدتي تقول لي : سيري جنبا إلى جنب مع رفيقتك الكردية لم أعرف قيمة حديث جدتي إلا حينما قال لي صديقي الروائري الكردي جان دوست يربط الأمازيغ بالكرد قدر من فجائع و آمال ..نتواصل دائما.
يُعرف الشعب الكردي بإسم “حكام الجبال” لأنهم عرفوا بالمقاومة المسلحة ضد الغزاة والمحتل منذ فترة الإنتداب البريطاني إلى حكومات ما بعد الإستقلال وصولا إلى يومنا هذا ضدّ مليشيات ما يسمى دولة الخلافة بالشام والعراق .
شعب يسميه البعض بالشعب المغلوب على أمره و لكنه إختار أن ينتسب للجبال و للمترفعات فكان مثلها شامخا لم و لن ينحني رغم قسوة المحن و رغم الدكتاتوريات التي تحاصره و ترفض الإعتراف بحقه في أرضه و في هويته ، ليصل الأمر لحرمان الأكراد من الجنسية و من المشاركة السياسية و من الحياة و من ينسى فينا مجزرة الأنفال؟ .
يرى هذا الشعب المقاوم نفسه في شعب آخر يسكن قارة أخرى يفصله عن كردستان آلاف الأميال و مئات من الوديان و بحر الحوض المتوسط ، شعب يتحدث لغة أخرى و يسكن بين الصحراء و الساحل و السهول و الجبال يسمي سمى نفسه منذ القدم بإيمازغن و سماه الغازي بالبربري .
إنه الشعب الذي كتب عنه جهاد صالح- أحد الكتاب الأكراد – بحثا تحت عنوان”الأمازيغ الشعب الذي عبد الشمس” حيث ذكر الآتي :” يعتبر الأمازيغ أقدم شعب في شمال أفريقيا، حيث يرجع تاريخهم إلى أكثر من عشرين ألف سنة.
أجمع الأركولوجيون وعلماء التاريخ على أن الأمازيغ هم السكان الأصليون لشمال أفريقيا والجزء الأكبر من الصحراء الكبرى، و عرف الأمازيغ منذ القدم بأسماء عديدة في اللغات الأوروبية منها (المور- المازيس). وكما أطلق المصريين القدامي على الأمازيغ اسم المشوش، ولأنهم خرجوا على طاعة الإمبراطورية الرومانية سمّوهم الرومان بارباروس …..
الأمازيغ شعبا بدون وطن..
شعب يبحث عن هويته وتاريخه ولغته وأرضه في أوطان تحكمها حكومات تقصي كل ما هو مختلف عنها، وتنتهك في ثقافاتها و سياساتها حقوق الإنسان الأمازيغي ليصل الاضطهاد في تلويناته إلى لوحة معتمة تحتاج منا جميعا أن نبدد الظلمة عنها “.
إعتبار الحرية أساس هوية الأمازيغ خصال تعجب الشعب الكردي من يقدم أغلى ما يملك من مقاتلات و فرسان في سبيل المجد و لكن أمجاده تنكر في صفحات الإعلام العروبي و الغربي بداية من الملا المصطفى برزاني من جاهد ضد البريطانيين ليتهمه حزب البعث العراقي بالعمالة فيما بعد مرورا بالبشمركة – تعني باللغة الكردية الفدائي- التي تحولت بفضل الأعلام العروبي إلى كنية تحقيريه تفيد مليشي أو متمرد . يذكرني تحوير معنى بشمركة الكردي إلى تحوير معنى كلمة فلاق عند الأمازيغ التي تعني المقاتل و كل من يحمل السلاح ضد المستعمر ، لتتحول فيما بعد حكومة الإستقلال بتونس الى كنية تفيد المتمردين و الهمج .
فالفلاق هو كل من حمل السلاح ضد المستمعر الفرنسي و إعتمد جبال خمير أو جبال أطلس أو الشعانبي أو الدويرات أو غيرها من الجبال الأمازيغية كحصن له ، يحميها من المعتدي و تحميه من الهزائم ، فلطالما تميز يوغرطين بحروبه في مرتفعات جبال الشاوية كما تميز احسان نوري باشا في تركيا و كردستان و ألبانيا .
و في سؤالي للمناضل الكردي –كاوا بوتاني- عن وجه الشبه بين القضيتين الكردية و الأمازيغية ،قال : ” القضية الأمازيغية بالنسبة لنا تشبه كثيرا القضية الكوردية لها نفس المعاني و تحمل نفس الظلم والتهميش ونفس سياسة التعريب المتطرفة التي لا تحترم التنوع و التعدد الثقافي بمنطقتنا لنجد أنفسنا أمام مشاريع لقتل اللغة والهوية و الوجود.. من أجل ذلك أصبحت القضية الأمازيغية قضيتنا و ندافع عنها في كل مكان ، ففي كل تظاهرة إلا و يرى العالم ” فالعلم الكردي رفقة العلم الامازيغي يباهيان السماء .. إضافة لكوننا تعرضنا للقتل وللنهب و للتهجير باسم الدين بالرغم كوننا مسلمين و قدمنا للحضارة الإسلامية صلاح الدين الايوبي و طارق إبن زياد و غيرهم ..و مع تطور الأحداث في المنطقة غدت العلاقات بين الشعبين أكثر صلابة … إنها علاقة حب و إحترام متابدل ، الطرفين يفهمون بعضهم البعض بسبب ما تعرضنا إليه مدى التاريخ .. إنها علاقة في تطور و تقدم بشكل يومي على جميع النواحي الاقتصادية و الثقافية و الأدبية …” .
و في حوار آخر جمعني بالشاعر الكردي عماد الدين موسى قال : صديقتي الامازيغية ،و شقيقة الكرد …
رسالتي للأمازيغ، شركائنا في الاضطهاد، هي ألا يتوقف أي شعب محروم من أبسط حقوقه عن المطالبة بهذه الحقوق في المحافل الدولية و بالطرق السلمية حتى الرمق الأخير . “.
رسائل الكرد للأمازيغ لا يسعها هذا المقال ، بل تسعها تلك الساحات الحمراء التي تعلو فيها أعلام العزة و الكرامة التي ميزت شعبين عانوا الربيع الاسود و القتل و التهجير و هاهم يواجهون الوحوش البشرية من مليشيات داعش رافعين غيثاراتهم و ألوانهم و يضربون الأرض بدبكتهم و يغنون للحرية .