الإدارة الذاتية تخير الأهالي بين ثلاثة سيناريوهات
شفان إبراهيم
أولها: تحمل الجوع والفقر وفقدان غالبية مستلزمات المعيشة اليومية، في ظل اللاسياسات واللاحلول للمشكلة الاقتصادية.
ثانيتها: عودة الحكومة السورية بكليتها وهي في حدها الأدنى وقبل أن تبادر لفعل أيّ شيء، فإن المرجح أن غالبية المنازل ستلزم بدفع ملايين الليرات السورية ثمن فواتير الماء والكهرباء، وتسوية أمور البناء ومركبات الإدخال، التي لم تدفع لمؤسسات الحكومة السورية منذ قرابة عشرة أعوام، عدا عن مسارات الرعب والخوف وغيرها.
ثالثتها: عملية عسكرية جديدة تقودها تركيا والفصائل السورية المسلحة وما تتسبب به الحرب دوماً وأبداً من هجرة وتمزيق للشمل الاجتماعي.
تتحدّث بعض النخب السياسية في الإدارة الذاتية، رداً على المطاليب الاقتصادية بضرورة تضحية الشباب بطاقاتهم وقوتهم الدافعة في سبيل “مصلحة البلاد”!
غريب أمرهم؛ إذا علمنا أن قرابة الــ90% ممن استشهدوا في مختلف المعارك هم من فئة الشباب، في حين أن 90% من الفاسدين واللصوص وأصحاب الصفقات المشبوهة هم من شريحة الرجال – الكبار.
فلماذا لا تتمكن الإدارة الذاتية من ضبط الفساد والنهب المنظم وتترك اعتقال السياسيين والصحفيين والناشطين وأصحاب الرأي ؟
الثورة التي لا تعالج الفقر، وتوفر فرص العمل، لا تكون ثورة بمخرجات عظيمة، عندنا انعدام شبه كلّي في الإنتاج المحلي مع زيادة الاستهلاك، وتالياً فإن الفقر يتصدّر المرتبة الأولى في هذه البلاد الغنية بمواردها والفقيرة بإنتاجها. والفقر هو الداء الأكثر انتشاراً والأكثر غدراً والأشد فتكاً بالشباب وأفكارهم، وبالآباء الذين يشعرون بصغر أحجامهم أمام عجزهم عن توفير مستلزمات أبنائهم.
تبدو الإدارة الذاتية مطمئنة، وينامون مرتاحي البال؛ فلا منافس اقتصادي لهم، لذلك فهم لا يشعرون بأن أزمة اقتصادية تعصف بالعباد والبلاد.
الواضح أن شبكة البرجوازية الحزبية المتحكّمة باقتصاديات الإدارة الذاتية لا يهتمون ولا يقرؤون أن منطق القواعد الاجتماعية هو البحث عن الرفاهية والأمان والأيام السعيدة أوقات السلم، والحصول على مقومات البقاء والاستقرار في أيام الحرب، والنهضة الإنتاجية في مراحل معينة من الصراع وما بعده، وأن تعاظم نفوذ الأفكار المعارضة للسياسات الاقتصادية تتسع عبر نطاق مخيف للقوى العاملة ضمن الإدارة الذاتية نفسها، فلتتفضل تلك البرجوازية ولتتبرع بملايين الدولارات لتوفير مستلزمات الأهالي في حال نشوب أي عملية عسكرية جديدة.
في المقابل تُلزم تلك الشرائح الاجتماعية بدفع “بوصلة التأمين” من الضرائب التي لا مقابل لها على صعيد الضمان الاجتماعي – التقاعد – ضمان صحي، شيخوخة، وهذه الضرائب بطبيعة الحال تُدفع من جيوب الفقراء وحدهم، إذ إن قطاعات التجار والأطباء وكل الشرائح الاقتصادية تلجأ إلى زيادة تعرفتها وأسعارها ومعايناتها لتعويض ما يتم دفعه من ضرائب، والضحية دائماً وأبداً هي المشتري والمريض والزبون، والتي تكون من بين أسباب انحسار مدخراتها الخاصة.