آراء

الاتفاق الكوردي .. خلق توازن والتأسيس لاستراتيجية متينة

عزالدين ملا

كل ما تجري على الساحة الإقليمية لا يخرج عن سياق التوازنات والاصطفافات الاستراتيجية الجديدة، وقد تكون هناك خطوط وانقسامات يعطي الحيوية والتجديد في توازنات النفوذ والمصالح الدولية، فمن وجهة النظر الاستراتيجية الانقسامات التي حصلت قبل مئة عام قد ترهلت وتشنجت وبحاجة إلى خلطة جديدة تتماشى مع نفوذ ومصالح الدول، هذه التحركات السريعة من قبل الدول الكبرى والإقليمية يُنذر بوجود شيء قد يغير جميع المفاهيم الدولية الحالية، والحالة السورية من ضمن تلك المفاهيم الجديدة.

كلما نظرنا إلى المشهد العام في سوريا رأينا أن الحل السوري سيكون وفق مخارج أمريكية وروسية، والطبخة الرئيسية ستكون من المناطق الكوردية ومنها إلى الحل الشامل والكامل. ومن الممكن القول، أن مصير التفاعلات على الأرض السورية أصبح انعكاسا لطبيعة العلاقات بين أمريكا وروسيا.

الكورد بيضة القبان في المعادلة السياسية السورية وحتى الإقليمية، وغرفة العمليات الأمريكية الروسية المشتركة تعمل وتخطط لفرض حل يرضي الجميع دون خلق أو مساس بالتوازنات الإقليمية والدولية. فالقضية الكوردية معقدة ومتشعبة، الشعب الكوردي له تواجد في عدة دول، ولكل دولة خصوصيته وسياسته وارتباطاته الدولية مغايرة عن الأخرى، ونتيجة الظروف والمتغيرات التي حصلت في المنطقة من فوضى واضطرابات وخاصة في المشكل السوري، وجِدَ للكورد السوريين حظوظ وافرة، وكما سنحت الفرصة للكورد في العراق سابقا، وكما نعلم ان التوزع الكوردي بين عدة دول يعطي بعض الحسابات والخصوصيات.

الكورد في غرب كوردستان، ومن خلال الحوارات التي تتم بين الطرفين الرئيسيين في المعادلة الكوردية السورية، المجلس الوطني الكوردي الذي أخذ قوته من بعده القومي الاستراتيجي المبني على المطالبة بالحقوق القومية والوطنية الكوردية في كوردستان سوريا، ومن المنطقي انه ومن خلال استراتيجيته ان يضعه في خانة المعارضة ضد النظام السوري المستبد الذي حرَّم الكورد من كافة حقوقه وكما حرّمه من حقه كـ إنسان، ايضا اعتمد المجلس على منطق السياسة والدبلوماسية ومن خلال ذلك حصل على الشرعية الدولية من خلاله فمحله الطبيعي في المعارضة الوطنية والمشاركة في المؤتمرات والاجتماعات الدولية الخاصة بالشأن السوري وتحت إشراف أممي، رغم وجود قوة عسكرية له باسم بيشمركة روج الموجودة في إقليم كوردستان، ولكنه صممّ في اعتماده على النضال السياسي والدبلوماسي لإيمانه بصوابية هذا المنطق.

أما أحزاب الوحدة الوطنية وأكبرها حزب الاتحاد الديمقراطي الذي لم يخرج من قوقعته الضيقة، بل كرّس سياسته على أهداف وشعارات لا تخدم الشعب الكوردي وحتى لا تخدم المكونات السورية الأخرى، حيث اعتمد على منطق القوة العسكرية لصالح جهات أخرى، وقد نجحت أحيانا عندما اعتمدت عليها أمريكا في محاربة داعش، مما جعل لتلك القوة مكانة لدى التحالف الدولي.
ولخلق توازن واستراتيجية كوردية من خلال التوحيد بين القوة العسكرية على الأرض الممثلة بقوات قسد والقوة السياسية والدبلوماسية الممثلة بالمجلس الوطني الكوردي، هذا التوحيد سيخلق زخم ودفع نحو تشكيل كيان يدفع بالجميع لربط مصالح دوله مع مصلحة هذا الكيان.

الطرفان الكورديان يدركان مدى أهمية الاتفاق الكوردي في رفع شأن الكورد السوريين في الداخل السوري وإقليميا ودوليا يعطيه المزيد من الاحترام، كما وان المنطقة أمام ترتيبات جديدة، سيكون للكورد شأنٌ كبير فيما لو استجمعوا قوتهم وموقفهم وهدفهم وتمرير مصالحهم من خلال كيفية ربطه مع مصالح الدول الكبرى في المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى