الاستقلال يعني ثروات كوردستان للكورد
جان كورد
من البديهي والطبيعي أن يتفق على رفض ومحاربة استقلال كوردستان جميع أعداء الكورد فيما بينهم، رغم كل خصوماتهم ونزاعاتهم التي منها دموية وعلى شكل حروبٍ تستمر لسنين طويلة، مثل الحرب العراقية – الإيرانية في عهد الطاغيتين صدام حسين وآية الله خميني، فاستقلال كوردستان يعني، قبل كل الجوانب الأخرى الهامة للموضوع، تحرير اقتصاد الشعب الكوردي من قبضة النظم والدول التي اغتصبت ممتلكاته ونهبت بترول وغاز وثروات كوردستان، وفرضت على هذا الشعب شتى أنواع الضرائب من دون القيام بأي مشاريع نافعة له في وطنه، في حين أن هذه النظم استمرت على الدوام في سياسات الصهر والتمييز والتهجير والتقتيل وانكار الوجود القومي للأمة الكوردية عبر التاريخ الحديث للمنطقة، منذ معاهدة سايكس – بيكو الاستعمارية في عام 1916.
أي أن استقلال كوردستان يفصل بالتأكيد بين مرحلتين اقتصاديتين وليس فقط بين مرحلتين سياسيتين، وهذا هو الجانب الأهم من المسألة، فإن مليارات الدولارات التي كانت تجنيها الحكومة المركزية من كوردستان ستذهب بعد الاستقلال الكوردي إلى خزانة كوردستان، وسيكون للكور عملتهم الخاصة وبنكهم المركزي الوطني وسياسة مالية – اقتصادية مستقلة ومحررة من السياسة المالية – الاقتصادية للحكومة المركزية في بغداد، وإذا ما تمكّن الكورد في الأجزاء الأخرى من كوردستان تحرير أنفسهم واقتصادهم من ربقة الدول التي ورثت حكم بلادهم ونهب ثرواتهم من الاستعمار، فسيكون في المنطقة اقتصاد مختلف عما كان عليه قبل الاستقلال، ونحن واثقون بأنه سيكون عملاقاً واضح المعالم وعميق الجذور في الأرض الكوردية التي ينكر الأعداء وجودها أصلاً، وعندها سيخرس أولئك العنصريون الذين وصل الأمر ببعضهم إلى درجة استخدام ألفاظٍ نابية وقليلة الأدب حيال الوجود القومي الكوردي، ومنهم سوريون مع الأسف يعلمون جيداً أن للكورد في سوريا نضالٌ عريقٌ إلى جانب العرب وسائر المكونات السورية القومية والدينية في مقاومة الاحتلال الفرنسي، ومن بعده لحماية التراب السوري والذود عن سيادة واستقلال سوريا، وعلى الرغم من ذلك لا يخجلون من إطلاق عياراتٍ فاشيةٍ وعباراتٍ تنم عن نفوسٍ مريضة ضد الشعب الكوردي الذي أنجب رجالاتٍ تفتخر بهم سوريا عبر تاريخها القديم والحديث.
بعض الكتّاب الكورد يركّزون فيما ينشرونه على الأسباب الطائفية والسياسية التي تدفع بملالي إيران للوقوف ضد استقلال إقليم جنوب كوردستان، وفي الحقيقة إن السعي الحثيث لإيران في العراق هو قبل كل شيء للسيطرة على البترول العراقي بأجمعه وكذلك على بترول كوردستان، انتاجاً وتسويقاً، ودحر الأتراك من السوق الكوردستانية، وهذا أهم من نشر أفكار الطائفة وتعاليم الخميني في الأجواء الكوردية السنية. وطبيعي أن يكون للأتراك ذات الأهداف الاقتصادية، ولذلك نرى ما يسمى ب”الجبهة التركمانية” الخاضعة للدوائر الأمنية في أنقره تعمل كل شيء من أجل عدم مساهمة محافظة كركوك الغنية بالبترول إلى إقليم كوردستان، وأهم طموحٍ لهذه الجبهة هو جعل المحافظة اقليماً قائماً بذاته بذريعة أن فيها أقلية تركمانية وأخرى عربية، والتناقض هنا واضح، فهي تسعى لأن تظل الأكثرية الكوردية في كركوك خاضعةً للأقلية، فقط من أجل السيطرة على بترول المحافظة ومنع إيراداته عن إقليم جنوب كوردستان، فالمسألة مالية قبل أن تكون سياسية أو طائفية.
لذا، على الكورد في سائر أحزابهم وقياداتهم ونشاطاتهم وحواراتهم أن يحذروا المؤامرات على اقتصادهم مثلما يحذرون التآمر على سيادتهم وحريتهم، فأهم سببٍ لتكالب المستعمرين سابقاً وورثتهم الإقليميين فيما بعد على احتلال ونهب كوردستان، هو ثراء هذه البلاد من مختلف الجوانب، حيث كانت ولا تزال عيون الناهبين على بترول كوردستان وثروتها المعدنية والزراعية ومياهها وأسواقها الواسعة وأيدي العمل الرخيصة للكورد. ولذا على الناشطين الكورد رفع شعار (ثروات كوردستان للأمة الكوردية) في كل مناسبةٍ وحين. وصدق البارزاني الخالد الذي قال: ((كركوك قلب كوردستان))، لأن القلب هو الذي يزوّد الجسم بالدماء.
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عــن رأي Yekiti Media