الباغوز.. والمنحى الجديد للصراع في سوريا
د. عبدالحكيم بشار
إن إعلان التحالف الدولي ومعه قسد بنهاية وسقوط دولة الخلافة في العراق والشام بعد سيطرتها على الباغوز، تلك الدولة التي أعلنتها منظمة داعش الإرهابية عام 2014 وشهدت نهايتها بسقوط باغوز.
لقد أخذ هذا الحدث، وأعني سقوط باغوز الحجم الاكبر والمساحة الأوسع من اهتمام الإعلام العالمي والمحللين السياسيين وقادة الدول مع تأكيد الجميع أن إنهاء ما تُسمّى دولة الخلافة لا يعني أبداً إنهاء داعش الإرهابي إلا أن أي من تلك التحليلات حسب علمي لم تربط الأحداث التي سبقت سقوط باغوز، ورافقتها مع بعضها بشكل ممنهج للخروج بما يمكن ان يكون عليه الصراع في سوريا في المرحلة المقبلة، حيث جرت أحداث متتالية متفرقة ظاهرياً، ولكنّها مترابطة من حيث المضمون، وتشكّل معاً وضعاً جديداً في سوريا، ومن هذه الأحداث:
1-استدعاء رئيس النظام السوري الى طهران واجتماعه غير البروتوكولي مع السيد خامنئي بوجود قاسم سليماني وغياب وزير الخارجية الايراني، هذا الاجتماع الذي غاب عنه علم النظام الرسمي وبوجود قاسم سليماني له دلائل عسكرية أوامرية من طهران الى رأس النظام واعتباره حاكم ولاية ايرانية حظي بشرف اللقاء مع خامنئي ليأخذ التعليمات الجديدة والتي بالتأكيد هي ذات طابع عسكري بحت لغياب رئيس الدبلوماسية الإيرانية عن الاجتماع وحضور أهم شخصية عسكرية ايرانية
2-اجتماع رؤساء أركان الدول الثلاث النظام السوري وإيران والعراق بعد اجتماع طهران يؤكّد على البُعد العسكريّ لاستدعاء رأس النظام السوري إلى طهران، وغياب وزير الدفاع الروسي عن هذا الاجتماع دليل على أنه هناك عمل عسكري في سوريا خارج عن سياق التنسيق مع روسيا.
3- زيارة وزير الدفاع الروسي بعد اجتماع رؤساء أركان الدول الثلاث الى سوريا والتي هي مرتبطة جوهرياً بذلك الاجتماع.
4-إعلان قوات التحالف الدولي وقسد بإنهاء ما تسمى دولة الخلافة في العراق والشام بعد السيطرة على باغوز.
إن ربط هذه الأحداث مع بعضها البعض مع التصعيد العسكري الحاصل في ادلب وتصريحات وزير “دفاع” النظام السوري بأن على قسد إما قبول مبدأ المصالحة أي تسليم نفسها وأسلحتها مقابل الإعفاء عنهم أو مواجهة جيش النظام، وتصريحات السيد جيفري المبعوث الامريكي الخاص الى سوريا بشأن الحوار مع تركيا وضرورة اقامة المنطقة الآمنة وتفهمها لهواجس تركيا الأمنية، وأن قسد لن تكون جزءاً من هذه المنطقة، وتصعيد العمليات العسكرية ضد قسد في الرقة وريف دير الزور من قبل مجموعات مجهولة لا تنتمي لمنظمة داعش الإرهابية.
إن ربط كل هذه الاحداث التي حصلت ودراستها ستفضي بنا الى الاقتناع أنّ تحوّلاً جديداً في منحى الصراع في سوريا على الأبواب والتي يمكن تأخذ الاشكال التالية:
1-استمرار العمليات الارهابية من قبل مجاميع وخلايا داعش الارهابية النائمة ضد القوات الامريكية وقسد في مناطق متفرّقة على شكل عمليات انتحارية.
2- استهداف المقرات الامريكية وأماكن تمركز قواتها في سوريا من قبل المليشيات الشيعية كأحد نتائج الاجتماع الثلاثي لرؤساء أركان الدول الثلاث على شكل عمليات انتحارية أو غيرها من الأشكال العسكرية التي تستهدف زعزعة الوجود الامريكي في سوريا والتي قد تشكّل جوهرَ العمليات العسكرية ضد القوات الامريكية لأن اجتماع رؤساء الأركان الثلاث ليس للاستعداد لمواجهات عسكريّة مباشرة مع جهات معادية لهم
3-تصعيد العمليات العسكرية ضد قسد وتحديداً ضد الـ ypg من قبل مجموعات موالية للنظام في مناطق الرقة ودير الزور ومنبج.
4- سعي النظام لفكفكة قوات قسد حيث يحتفظ النظام السوري بحلفاء أقوياء له داخل هذه القوات، وقادر على تحريكهم بما يخدم مصلحة النظام وصولاً الى احتمال حدوث مواجهات بين قوات قسد أنفسها.
5- سعي النظام لأحداث صراع كردي عربي مستفيداً من انتهاكات الـ ب ي د الجسيمة في المناطق العربية خاصة في دير الزور والرقة حيث هناك الكثير من الضحايا المدنيين، وبالتالي قد يعمدُ النظامُ الى تدريب مجاميع صغيرة وتسليحها ليس ضد ب ي د وحدهم إنما ضد الكرد كل الكرد للتأسيس لصراع كردي عربي عميق وطويل .
6- زيادة التصعيد العسكري في ادلب دون الوصول الى هجوم شامل وذلك للضغط على تركيا للإسراع في مكافحة تنظيم هيئة تحرير الشام الارهابي وللحفاظ على بقاء تركيا ضمن تحالف سوتشي.
7- قد يقوم النظام بخلق تنظيم ارهابي جديد، أو سيعمل على الدعم غير المباشر للخلايا النائمة لداعش ليحافظ على رسالته التي نجح فيها في تغيير مواقف المجتمع الدولي وأولوياته والتي تقوم على (إما النظام أو الإرهاب).
إن هذه السيناريوهات المُحتملة تشيرُ إلى احتمال أن يأخذ الصراع في سوريا منحى جديداً في قادمات الأيام.
الدكتور عبدالحكيم بشار عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكرُدستاني- سوريا