آراء

التاريخ ومنهجية التزييف.. ديريك وتعريبها أنموذجاً

وليد حاج عبدالقادر

مع توفر وسائل التواصل الإجتماعي وتحولها إلى منصات حوارية ومنابر معرفية أيضاً ، ولتساهم بالفعل في إسقاط وحدانية التحكم بمصير العالم أجمع ، ومنها سوريا – كمثال – فتنيط اللثام عن خفايا كثيرة ، وتثبت بأنّ الوطن ليس فيه ضيف ومضيف ، وذلك لسبب بسيط ، وهو أنّ المعلومة لم تعد محتكرة ، وأنّ الإنكشاف لم يعد معقّداً ، ومع هذا لازالت الغالبية المتطرفة مصممة ألا تخرج من تلك الشرنقة ، وتصرّ أن تبقى بإطار ذات العقلية التسلطية من جهة وطوباوية منهج الملكيات المقدسة ..

أن تنتمي إلى قومية وتتهرّب كبعدٍ إنساني في أية جهدٍ تشاركي للبشرية ، وذلك لعقدة نقص – ربما – تأصّلت فيك أو ديماغوجية فكرية تتلهّى بك و .. وقت الإنعطافات المتأزّمة تشهرها – لإنتمائك القومي ذاك – في وجه مَن كان بها يفتخر ؟! .. وهنا : بدايةً علينا الإقرار بأنّ الانكسارات لن تتحوّل إلى هزائم ، إلا حينما تتوازى مع الخطايا الكبرى ، وفي القضايا المصيرية تسقط الذرائعية كما الشماتة التي تمارَس كأبشع أسلوبٍ في عقدة النقص الذاتية ، فتصبح بعض المنهجيات المبتذلة كمواقف وتفاسير لذات النظريات التي تبعثر أوراقها الصفراء إيحاءً من ذات الفكر الإستعماري الذي مورس خلال القرنين الماضيين .. وعلى الرغم من نقاشاتنا المتعددة ، وفي حواراتٍ كانت شفاهاً وكتابةً حول الخلط المتعمد وكذهنياتٍ يراكبها ممارسوها وباجتزاء فاقدة لأية مصداقية علمية ، هذا المنهج الذي لازالت – منظمة الشباب العربي – والتي ينتمي إليها عتاةٌ من الشوفينيين الذي وضعوا نصب أعينهم نفي أي وجودٍ تاريخي كُردي وكُردستاني ، والكُرد مجرد طارئون على المنطقة ، وبالتالي فإنّ أية مظلومية هي مجرد ترف مزعوم ، وسأذكر شخصين كمثالٍ لازالا يرتكزان دائماً على مظلومية معاكسة ، وللحقيقة فإنّ مواقفهما المنكشفة أصلاً لا تشي سوى لعقد شخصانية لا أكثر ، فقد دأب كلا منهما في البحث عن أية فرصة ليستهدفا الكُرد والقضية الكُردية ، وفي كلّ مرةٍ يلتجؤون فيها إلى التقية القومية عند غالبية الأخوة العرب وبمختلف سوياتهم العلمية وتجاربهم العملية و .. حينما يتمّ محاصرتهم بالحقائق يختفون تماماً وبزعائم متعددة ، هذا الأمر الذي حدث وبخاصية ديريك الذي تاه عن كنعو انتمائي لها عكس القاطع الذي تحاشى لنقاشات سابقة إذاعية منها وتلفزيونية ، وفي العودة إلى طروحات د. غياث كنعو وببصمة الكاطع فإنّ ديريك – المالكية – تغلب فيها قرى الأخوة المسيحية وأنها أي المالكية بناها الأخوة المسيحية ، ولدى تساؤلنا وهل الأديان محصورة بقومية محددة ، أو ليس بين الكُرد مسيحيون ؟ .. وعليه ومع إصراره على نفي ذلك وإنّ المالكية والتي كان اسمها ديريك هو من ديرك السريانية ووو استعان من غوغل نصاً مع خارطة موضوعة معها أراد أن يعتبرها وثيقة، ولدى مواجهته بتلك الخارطة والمطالبة بمقارنتها مع كلامي النظري ومن ثم توضيحي له معنى اسم ديريك الذي عرّبه البعث إلى المالكية نسبةً الى عدنان المالكي أوائل الستينات وهذا نفي لتوصيفهم الأخير .. نعم : هو حيٌّ كان للأخوة المسيحيين فيها كنيستان يفصل بينهما شارعان ،والدير القديم الآخر كان في حينا وكان فيه بيوت للأخوة المسيحيين ،أعرف أصحابها بالاسم وسأقبل حكم أي واحد منهم ، نعم وبكلّ أسف هناك مغالطة متقصدة يمارسها أمثال هؤلاء مستغلين الخلط اللغوي من جهة وجهلها من قبل العامة وأنّ الاسمين كُرديان حتى وإن تسللوا واستنجدوا بغوغل وويكيبيديا .. ديريك الأخيرة تختزل معنى الدير والذي هو في السريانية حسبما أعلم – ديرون – أما در يك فهي حسب المعجم الملكي السويدي وأيضاً حسب التوصيف المكاني فهي استدلال من ده ريك أي الطريقان حيث كانت لكثافة المستنقعات فيها صعوبة كبيرة للعبور إلا من خلال طريقين ..

أما ما نقلوه عن ويكيبيديا ؟ فهناك تناقض في ذلك ومن ويكيبيديا ذاتها وعلى قدر الخلاف بين الواقع وما يتمنّونه ، سواءً في الانتماء أو الدقة ، وبقدر معرفتي بمنطقتي وكنت قد نبّهت الكاطع قبل فترة : ( إلا منطقتي وتلة جدي حسينو في حكمية بجانب ديريك ) . نعم لقد ( أنشأها الفرنسيون سنة 1926 تحت اسم قضاء دجلة بجانب قرية عين ديوار ، وفتحوا فيها منذ ذلك الحين باب الحدود واسعاً على حد تعبير القائد الكُردي د . نور الدين زازا ، وذلك لاستقبال الكُرد والسريان والأرمن القادمين من تركيا ، وشجّعوهم على الاستقرار في المنطقة واكتساب الجنسية السورية .. ) ، وهنا وفي إطلالةٍ سريعة على خارطة التقسيمات الإدارية العثمانية ، سنرى تداخلاً خرائطياً بين ولايتي الموصل وماردين ، وبعد انهيار الدولة العثمانية ودخول القوى العظمى إلى المنطقة ، بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى 1918 م ، حيث رابطت القوات البريطانية في تلك المنطقة وسعت لضمّها إلى ولاية الموصل ومن ثم إلى العراق ، التي خضعت لها . وبعد دخول قوات فرنسا الانتدابية إلى سوريا عام 1920 فاوضت بريطانيا على رسم حدود الدولة الناشئة من جهة ، وكذلك مع الحكومة التركية الجديدة التي قامت على أنقاض الدولة العثمانية ، وبموجب اتفاقية رسم الحدود بين سوريا وتركيا في عام 1928م تمّ ضمّ منطقة ديرك إلى سوريا ، وأصبحت منطقة إدارية مركزها قرية عين ديوار .

وبموجب المرسوم 1414 بتاريخ 18 تموز 1933 أصبحت قرية ديرك بلدة ،وتمّ إنشاء البلدية فيها . في عام 1936 م تمّ تحويلها إلى قائمقامية واستبدل اسمها من ديريك إلى (قائمقامية الدجلة) . وفي عام 1938 م حوّلها الفرنسيون إلى مركز منطقة ، ونقل إليها مقر المستشار الفرنسي الذي كان قائماً في بلدة (عين ديوار) . وبموجب المرسوم 346 بتاريخ 24 آذار 1957 تمّ تغيير اسم المدينة وأطلق عليها تسمية المالكية نسبةً إلى العقيد عدنان المالكي ) – مابين القوسين من ويكيبيديا – .

وديريك يقطنها اليوم الكُرد والعرب والسريان (سريان – آشوريون – كلدان) والأرمن ، و نسبة الأكراد فيها تقدر ب 75% من عدد السكان، وفي منطقتها ككل يقدر بحوالي 72.4% .

في مرحلة الفتح الإسلامي ، كانت ديريك ضمن منطقة الإقطاع الذي وهبه عمر بن الخطاب الى ( .. قبائل ربيعة التي امتدّت من جزيرة ابن عمر وماردين شمالاً إلى تكريت والأنبار جنوباً . في عهد السلاجقة أصبحت المنطقة تابعة لحاكم مدينة جزيرة ابن عمر ، وكان آخرها إمارة البدرخانيين التي حكمت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر . ) .

( وتعود العشائر الأصلية في هذه المنطقة إلى تلك الحقبة وما سبقها ، وكانت جزءاً من التركيبة القبلية لتلك الإمارة … وكانت المنطقة مقسّمة إلى إقطاعيات متباينة المساحة والغنى بحسب قوة العشيرة ودرجة قربها من العائلة الأميرية البدرخانية، فكانت منطقة ديريك في حينها تنقسم إلى :

( الآزخيين الذين نزحوا من مدينة آزخ نتيجة الاضطهاد الذي تعرّض له المسيحيون وهي العائلات الآرامية وأكبرها ( إيليا ، عمسكي ، رازاي ، حدو ستو ، مقسو ) .

– الدشت ( وتعني السهل ) : حيث تشغل المساحة المحصورة بين نهر دجلة في الشمال الشرقي ورافده نهر ( سفان ) في الجنوب ، وكانت منطقة سبخية غنية بالمياه والينابيع وتكثر فيها المستنقعات ، وكان هذا السهل موطن لعشيرة ( هسنا ) وتسمّت باسمهم منذ زمن قديم جداً ( دشتا هسنا ) ، وهي عشيرة كانت تعتمد على الزراعة وتربية الأبقار والماشية إلى جانب بعض الصناعات المتعلقة بالزراعة ، وأهمها صناعة أدوات الفلاحة والحصاد كالمحاريث الحديدية التي اشتهروا بها. وهذه العشيرة تضمّ مجموعة من المسيحيين التابعين لفخذ (بشكا) ولكنهم يعتبرون أنفسهم من السريان كعائلات ( حنا القس ) . – ويكيبيديا

– منطقة البرية : ( وتمتد بدءاً من نهر سفان شمالاً وحتى جبل سنجار ، وهي منطقة أقلّ خصوبة من الدشت وأقلّ مطراً ، لكنها كانت منطقة مراعي غنية ومهمة للعشائر التي اعتمدت على تربية الماشية ، وقد تقاسمت هذه المنطقة مجموعتان ، الأولى هي عشيرة ( آباسان ) التي كانت ولا زالت تقطن المنطقة المحيطة بجبل ( كندك ) وهي عشيرة زراعية ، وعشائر الكوجر التي كانت في المنطقة المحيطة بجبل بروچ ( قره تشوك ) وما زالت تشغل تلك المنطقة وهم من العشائر البدوية نصف الرحل، والعشيرتان من الأكراد.

– ( آليان وهي نقطة واقعة إلى الغرب من المنطقتين السابقتين )

– وهناك عشائر وافدة استوطنت المنطقة في أواخر العهد العثماني وبداية القرن العشرين ، ومعظمهم قدموا من الشمال من عمق الأراضي التركية الحالية ، ووفدت قبائل عربية من الجنوب من بادية العراق ومن منطقة نجد وشمالي شبه الجزيرة العربية ، وانتشرت في أرجاء المنطقة وشكّل بعضها تجمعات قرى متجاورة لأبنائها ، بينما توزّع بعض أفراد العشائر الأخرى على القرى القائمة والعائدة ملكيتها لعشائر أخرى . .. ومن أهم العشائر العربية الموجودة:

– ( .. قبيلة شمر العربية المشهورة ، وانتشروا حول – تل كوجر – التي عُربت الى اليعربية ، وكذلك استقرّوا جنوبي وادي نهر الرد ، وخصوصاً في منطقة تل علو .

– شرابيين : وهم فخذ من قبيلة طيء العربية، تتوزّع عائلاتهم على مختلف مدن وبلدات المنطقة حيث يعتمدون على تربية الأبقار والجواميس وبيع الألبان . وهم جوّالة أيضاً .

– ( قبيلة طيء ) العربية .. وفدت بعض عوائلها إلى المنطقة قادمة من الجزيرة الفراتية، ينتشرون في بعض القرى العربية جنوب الرد .

– عشيرة زوبع وهم من عشيرة عربية عراقية، تتواجد قراهم بكثافة غربي منطقة تل كوجر .

– العرب الغمر : وهم مجموعات أسرية تابعة لعدة عشائر عربية قاطنة في منطقة ( الطبقة ) بمحافظة الرقة السورية ، منحتهم الدولة أراض زراعية خصبة في منطقة ديريك المعرّبة الى المالكية تعويضاً لهم عن أراضيهم التي غَمِرت بمياه بحيرة الأسد. تمّ توطينهم في عدة قرى منتشرة على مداخل مدن وبلدات المنطقة، يعملون بالزراعة وتربية الأغنام.

ومن العشائر الكُردية الوافدة حسب يوكيبيديا : هارونا وهم يتواجدون في القرى المحيطة بمدينة ديريك

أومركا : يتواجدون في القرى المحيطة ببلدة رميلان ومنطقة آليان .

عليكا : يتواجدون في عدة قرى محيطة بديريك ورميلان وقامشلي.

بيداري : لهم عدة قرى جنوبي جبل – بروچ – قره تشوك

….

قسم كبير من النص المدوّن أعلاه خاصة التي بين قوسين هي من يوكيبيديا ولا أخفي حقيقة معرفتي بغالبية تلك المعلومات حتى قبل استخدام غوغل وكلّ برمجياتها ..

المقالة منشورة في جريدة يكيتي العدد 292

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى