التصعيد الإيراني .هروبُ للأمام
دوران ملكي
لا شكّ أنّ العقوبات الأمريكية على أيران لم يكن متوقعاً فعاليتها لهذه الدرجة إذ أجبرت الولايات المتحدة الأمريكية جميع دول العالم على المشاركة في هذه العقوبات حتى الصين وأوربا التي كانت قطباً رئيسياً في الاتفاق النووي مع أيران. رغم الجعجعات الإعلامية للكثير من الدول الرافضة للعقوبات الأمريكية ولكنها التزمت بالقرار بدمٍ ٍباردٍ ويؤول ذلك الى امتلاك الولايات المتحدة أسلحة جديدة ومتطورة كالتحكم بشبكة الاتصالات العالمية ووسائل التواصل الاجتماعي و التهديد بفرض عقوبات اقتصادية قاسية على أي كيانٍ أو شركة أو دولة تشتري النفط الأيراني وكذلك سيطرتها على مفاصل النقد والاقتصاد العالميين هذه الأسلحة فعالة جداً واستُخدمت في عهد الرئيس ترامب مولّدةً الرعب في نفوس أغلب دول العالم وهو الذي كشف عنها وباغت الجميع بما فيها أغلب الدول العظمى كالصين وروسيا وحتى الاتحاد الأوروبي مما دفع بالبعض منها إلى البحث عن البدائل النقدية كالعملة الألكترونية والبحث عن وسائل جديدة للتواصل الاجتماعي.
أيُّ سرٍّ و أيُّ قوةٍ جبّارةٍ تمتلكها والتي تفوق بقوتها قوة جميع الأسلحة التقليدية، ففي إشارات بسيطة هزَّ أركان الاقتصاد التركي وتراجعت الليرة التركية إلى النصف تقريباً، وفرضت عقوبات على شركة هواوي الصينية المنافسة العملاقة وأخرجتها من المنافسة العالمية مع خسارة مالية ضخمة.
إشارات فوق عادية ترسلها إلى خصومها لربما هي مقدمات بسيطة يتمُّ الكشف عنها لأنهم اكتشفوا وسائل أكثر تطوراً كما جرت العادة بأن يتمّ كشف الأقدم .
لم تعد تحتاج الى أحلاف عسكرية أو مناصرين كما كان العرف سابقاً فالواقع يشير إلى عدم الاكتراث للحلفاء التقلييدين لا بل ممارسةالضغوط عليهم فلا يهمُّ كثيراً الاتحاد الأوروبي وتركيا واليابان في مواجهة روسيا والصين فما عانته أوروبا من ضغوطات اقتصادية لا تقلّ عن ما عانته روسيا والصين خاصةً في المجال التجاري والقيود الجمركية كما تجبر جيرانها على اتخاذ خطوات الحدّ من الهجرة مع تحمّل نفقات حماية الحدود الأمريكية .
إزاء أزمة الخليج أيران باتت تدرك حجم الكارثة التي ألمّت بها وتريد الخروج من المأزق الخطر الذي يهدّد أركان نظامها بحفظ ماء الوجه على أقل تقدير وتحاول الهروب للأمام مهدّدة بتحريك أجنحتها التي أسّستها منذ عام 1979 أبان نجاح إسقاط نظام الشاه وسيطرة الحركة الإسلامية على مقاليد الحكم وتبنّي مفهوم تصدير الثورة فبنت لها أجنحة عقائدية في سوريا ولبنان والعراق واليمن والبحرين وخلايا نائمة في بقية الدول الخليجية بالإضافة إلى دعمها اللامحدود لحزب العمال الكردستاني في كلٍٍّ من سوريا والعراق وكان يقف بشكلٍ سري خلف الإرهاب المتمثّل بداعش وأخواتها ليتمدّد في سوريا والعراق إثر تراجع الإرهاب .
الآن تحاول وبشتى الوسائل تأزيم الوضع في الخليج من خلال اعتراض سير السفن التجارية وتضييق الخناق على حركة الملاحة في الخليج وخلق الذراًئع لكي يتسنّى لها تحريك أجنحتها في العراق سوريا ولبنان فلسطين بغية تعكير الأجواء للوصول إلى أزمة دولية ربما تخرجها من عنق الزجاجة والموت السريري الذي يرافق العقوبات الأمريكية
بالرغم من محاولاتها الاستفزازية واسقاط الطائرة الأمريكية المسيّرة إلا أنها لم تصل إلى ما كانت تصبو إليه فلم يتمّ بلع الطعم واكتفت الإدارة الامريكية بتشديد العقوبات أكثر والسعي لتشكيل قوة عسكرية لحماية الملاحة العالمية
تحاول ايران ضرب مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة من خلال تحريك أذرعها بسبب أو بدون سبب وخاصةً في الخليج والعراق اذ تقوم بنقل الصواريخ البالستية إلى الأراضي العراقية تمهيداً لنقلها إلى مناطق أخرى ربما إلى سوريا وحزب الله اللبناني ودعم جميع فصائل الحشد الشعبي والتي تكشّر أنيابها لضرب المصالح الأمريكية وزعزعة استقرار اقليم كُردستان بعد تشكيل حكومته عن طريق أذرعه من الحشدالشعبي وحزب العمال الكُردستاني الذي بدأ منذ الآن بالعمليات التي وصِفت من قبل قيادة اقليم كُردستان بالإرهابية والتي أدّت إلى مقتل نائب القنصل التركي في أربيل عاصمة إقليم كُردستان بغية إحداث شرخ بين الإقليم وتركيا من جهةٍ ومن جهةٍ اخرى الوصول إلى حالة عدم الاستقرار والفوضى الخلّاقة في الإقليم .
كما تلوّح باستخدام حزب الله وحركة حماس لضرب إسرائيل من جهتين مختلفتين وربما من ثلاث جهات عن طريق الإرهاب الممنهج في سوريا وخاصةً في المناطق المتاخمة لإسرائيل وربما تستخدم بقايا التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق وخلايا حزب الله لضرب أهداف أوروبية وأمريكية في انحاء شتى في العالم.
إزاء هذا الوضع يتمّ مواجهة القفز الأمامي لأيران بمزيدٍ من التريّث وامتصاص محاولات أيران التصعيدية بغية فسح المجال أمام الضغوطات والعقوبات لكي تفعل فعلها المنوط بها وفسح المجال أمام الشعب الأيراني ليقول كلمته كذلك سدّ الثغرات والحيلولة دون توسيع دائرة الصراع وعدم فسح المجال أمام أذرعها المتربّصة لزعزعة الأمن العالمي والإقليمي.
جميع المقالات المنشورة تعبر عن وجهة نظر كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي يكيتي ميديا