التطبيع بين أنقرة ودمشق: الأسد يحوّل الشروط إلى “حقوق”
جدّد رئيس النظام السوري بشار الأسد، رغبته الضمنية، بعدم الذهاب بعيداً في مسألة تطبيع العلاقات بين نظامه وتركيا، إذ باتت الشروط المُسبقة التي تَمسّك بها سابقاً للإكمال في مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق أو الجلوس على الطاولة التفاوضية، “حقوقاً لا يمكن التنازل” عنها، في حين التقطت أنقرة إشارات عدم رغبة النظام وإرادته في الانخراط الجدي بعملية التطبيع، فأخرجت “أوراقها القديمة” للتلويح بها، عبر المطالبة بإجراء انتخابات حرّة ونزيهة في سورية بعد إقرار دستور جديد، ومن ثم تسوية الخلافات السورية – التركية مع النظام أو الحكومة المقبلة في البلاد.
وفي كلمته أمام “مجلس الشعب” خلال افتتاح الدور التشريعي الرابع للبرلمان بعد انتخابه، قال الأسد، أول من أمس الأحد، إن “الرغبة الصادقة في استعادة العلاقات الطبيعية تتطلب أولاً إزالة أسباب تدمير هذه العلاقة، وهذا يتطلب التراجع عن السياسات التي أدت إلى الوضع الراهن، وهي ليست شروطاً، وإنما هي متطلبات من أجل نجاح العملية، وهذه المتطلبات تحمل في داخلها الكثير من العناصر الهامة، ولكن في مقدمتها حقوق الدول”. وأضاف: “نحن كبلد لن نتنازل عن أي حق من حقوقنا في أي ظرف من الظروف، لن نتخلى عن حقوقنا ولن نطالب الآخرين بالتخلي عن حقوقهم. يعني هذا منطق واحد”.
الأسد يماطل في مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق
ونوّه الأسد إلى “التعامل بحركية أسرع” حيال المبادرات التي طرحت بشأن العلاقة مع تركيا، والتي تقدمت بها كل من روسيا وإيران والعراق، وأن هذه المبادرات لم “تحقق أي نتيجة تذكر”. وشدّد في ما خصّ التطبيع بين أنقرة ودمشق على مسألة الانسحاب وتوقف تركيا عن دعم الفصائل والمعارضة، قائلاً إن “استعادة العلاقات الطبيعية كنتيجة للانسحاب والقضاء على الإرهاب هي مصلحة مشتركة لأي شعبين جارين، لكن لا يمكن الحصول على نتيجة بدون التعامل مع السبب، فنحن لم نغير سياساتنا لا سابقاً للحرب ولا لاحقاً لها”. وأضاف: “هذا يعني أننا لا يمكن أن نكون نحن السبب في ما تغير، لأننا لم نغير شيئاً بالنسبة لتوجهاتنا ونوايانا وسياساتنا، وبنفس الوقت لم نرسل قوات لكي تحتل أراضي في بلد جار لكي ننسحب اليوم، ولم ندعم الإرهاب لكي يقوم بقتل شعب جار، وكنا نعتبره شقيقاً لكي نتوقف عن هذا الدعم اليوم أيضاً، وأول الحل هو المصارحة لا المجاملة تحت عنوان المصالحة، وأول الحل هو تحديد موقع الخطأ لا المكابرة، إذ كيف يمكن معالجة مشكلة لا نرى أسبابها الحقيقية”.
وبدا الأسد وكأنه يريد المماطلة في عملية التطبيع بين أنقرة ودمشق وإدخالها في مسار تفاوضي جديد وطويل الأمد، مبني على ورقة أو أوراق يتم خلطها عند الحاجة، كما اعتاد النظام التعامل مع المسارات التفاوضية التي رافقت الأزمة السورية. وقال: “إن أي عملية تفاوض بحاجة إلى مرجعية تستند إليها لكي تنجح، وعدم الوصول إلى نتائج في اللقاءات التي حصلت سابقاً، لها عدة أسباب، وأحد أهم الأسباب عدم وجود مرجعية لتلك اللقاءات. هذه المرجعية قد تستند إلى أشياء عدة يُتفق عليها بين الأطراف المختلفة، على سبيل المثال ما يصرح به المسؤولون الأتراك بشكل مستمر هو موضوع اللاجئين وموضوع الإرهاب، وما يصرح به النظام السوري بشكل مستمر هو موضوع الانسحاب من الأراضي السورية وموضوع الإرهاب أيضاً”. وتابع: “نحن لا نعتقد بأنه لدينا مشكلة في كل هذه العناوين الأربعة سواء العناوين السورية أو العناوين التركية، ويفترض ألا تكون هناك مشكلة بحسب ما يعلن عنه بعض المسؤولين الأتراك في العناوين السورية، طالما أنه لا توجد نوايا سيئة كما يقولون”.
وأضاف: “عندما يتم الاتفاق على هذه العناوين يجب أن يصدر بيان مشترك من خلال لقاء بين المسؤولين في الطرفين بمستوى يحدد لاحقاً. هذا البيان المشترك يتحول إلى ورقة تشكل ورقة مبادئ، هي التي تشكل القاعدة للإجراءات التي يمكن أن تتم لاحقاً بالنسبة لتطوير العلاقة أو الانسحاب أو مكافحة الإرهاب أو غيرها من العناوين التي تهم الطرفين”، منوهاً إلى أن “أهمية هذه الورقة وهذه المرجعية أنها تنظم المفاوضات، تمنع المناورة أو المزاجية من قبل أي طرف، وبنفس الوقت تشكل أداة يستند إليها أصحاب المبادرات تساعدهم على النجاح في مساعيهم، فإذاً المرحلة الآن التي يتحدث عنها النظام السوري هي مرحلة الأسس والمبادئ لأن نجاحها هو الذي يهيئ لنجاح الإجراءات لاحقاً”.
العربي الجديد