آراء

التطبيع مع النظام.. شرعنة فوضى اللادولة

هيئة التحرير
بقلم: عبدالله كدو

في الوقت الذي يسعى فيه الشعب السوري ، عبر ممثليه الشرعيين، لوضع حد للمقتلة السورية، عبر تطبيق القرارات الدولية ذات الشأن، التي استتبعت مؤتمر جنيف المنعقد في30 حزيران عام 2012 ومنها القرار  2254، لتحقيق السلام و التغيير الديمقراطي المنشود،  في هذا الوقت نرى بأن بعض الدول العربية تعمل على التطبيع مع النظام الذي لم يعترف عمليا بتلك القرارات و يستمر في( حلّه) العسكري الدموي ،  لكن لسان حال شعبنا  السوري المكلوم يقول لتلك الدول، بأن هذا التطبيع إنما يعني شرعنة استخدام الأسلحة المحرمة دولياً، والبراميل المتفجرة في قرى و أحياء المدنيين العزل، و شرعنة الإعتقال و الإختفاء والإغتيال الكيفي، و شرعنة طي الدساتير و البرلمانات، وتغيير أنظمة الدول  إلى فوضى اللادولة، وتحويل  الدول المستقلة إلى ساحات حرب مفتوحة للمقايضة و تصفية الحسابات بين قوى دولية و إقليمية متدخلة،  و هو شرعنة تحويل الجيوش النظامية إلى ميليشيات، و شرعنة القتل و طرد أكثر من نصف سكان الدول، وتحويل الدول إلى مزارع  ” للمخابرات “، و شرعنة طمس لغاتٍ و ثقافاتٍ قومية من مكونات الدول باسم الدفاع عن المصالح الوطنية المزعومة، و صهر قوميات في بوتقة القومية السائدة، فما  مشروعي الإحصاء الاستثنائي و الحزام العربي العنصريَيْن ضد الشعب الكردي في سوريا، إلا  مثالا على ذلك ، و كذلك شرعنة الاستيلاء على أملاك و أموال جماعات و أفراد، بموجب قوانين تضعها و تنفذها أجهزة المخابرات المتعددة، و شرعنة نشر المخدرات  و بيع البترول و الموارد الطبيعية بعيدا عن أي رقابة برلمانية أو غيرها ، و التزوير و التشويه بما فيه سحب المادة الفعالة من الأدوية المضادة للسرطان و بيعها للمرضى، ومنح العلامات و الشهادات العلمية ل (المناضلين الموالين للنظام و محازبيه )…وجعل الأشخاص الأضعف في التحصيل العلمي مسؤولين على أولئك الأعلى تحصيلاً، و شرعنة المحسوبيات و الاستثناءات ضد الكفاءات، و العودة للحزب الواحد و عبادة الفرد وتجاوز القضاء و قتل السجناء تحت التعذيب، و اغتصاب السجينات ، و التجويع و ربط القطاع الخاص بأجهزة المخابرات بعد نهب القطاع العام و و و … و شرعنة الموبقات التي لا تتسع لها المجلدات.

فالتطبيع الذي بدأ عربيا، مؤخراً، بدعوى أن الوجود العربي في سوريا يفيد في تحييد نفوذ إيران في سوريا، وإخراج القوات الأجنبية منها، لن يحقق ذلك قط، حيث إن ارتباط النظام السوري بإيران هو ارتباط قديم و يراه الطرفان بأنه مصيري، ويعتمد على القوى الناعمة الثقافية الدينية والسياسية التي أوجدتها سياسات الحكومات الإيرانية و السورية  في سوريا منذ سنوات ، وعليه فإن النظام لن ينفك عن إيران، و سيظل إلى جانب القوى و الأحزاب المرتبطة بها في المنطقة.

حقيقة الأمر أن حركة التطبيع العربي مع النظام السوري تستند إلى تراخي الموقف الأمريكي إزاء مقاطعة النظام وانخفاض وتيرة فرض العقوبات عليه، ذلك التراخي الذي زاد من تأثير روسيا التي تعمل على تسويق النظام،  والاستعجال في الحصول على “إعادة الإعمار ” تمهيدا لإعادة اللاجئين ، و بالتالي استكمال عملية ” تدوير النظام” ،  و جدير بالذكر أن حركة التطبيع هذه تأتي بالتزامن مع صعود موجة ” التطبيع العربي” مع اسرائيل، حيث إن تغيير موقف النظام السوري باتجاه التعامل العلني مع اسرائيل – مشروع نقل الغاز المار بأراض سورية، مثالاً-  يسهل طريق  الدول العربية الذاهبة للتطبيع مع اسرائيل، على حساب حلم الحرية والديمقراطية للشعب السوري الذي أعلن ثورته في موسم ثورات الربيع العربي.

المقالة تم نشرها في جريدة يكيتي بعدد 292

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى