آراء

التنمر الإلكتروني

منى عبدي

كثيراً ما نواجه التنمر الإلكتروني على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلا م والمنصات الافتراضية ، من خلال هواتفنا المحمولة وكمبيوتراتنا، بأشكال مختلفة سواءً عبر الفيسبوك أو التيكتوك أو الفيديوهات من خلال استغلال عالم الإنترنت والتقنيات الحديثة المتعددة، بهدف إيذاء الآخرين، شخصيات معروفة وأناسا مميزين أو خصوماً فكريين، أو حزبيين، بطرق عدائية متعمدة، بهدف تقويض الشعور بالثقة والأمان بهؤلاء، وخلق الشك الكاذب بأدوارهم وشخصياتهم نتيجة ضعف ونقص في ذواتهم ممارسين إرهاباً جباناً في هذا المجال.

وكما نعلم جميعاً أنّ التنمر هو سلوك عدواني يتسبّب به شخص أو أكثر عن قصد، وبشكل متكرر ، وهذا ما يؤدّي إلى إلحاق الأذى أو المضايقة بحق الشخص المستهدف، وهو الأذى النفسي أو الاجتماعي، من قبل بعضهم من عديمي الأخلاق والأحاسيس والضمير .

بالطبع يبداً التنمر الإلكتروني أحياناً تحت غطاء السخرية،

لكنها بعيدة عن معايير هذا الفن الراقي المحبّب؛ لأنّ الغاية منها هي الترهيب ونشر ثقافة الكراهية.

ومن بين أشكال هذا الترهيب هو انتشار جيوش الهكر الذين يخترقون صفحات الآخرين، ويراسلون أصدقاءهم أو ينشرون كتابات مسيئة في صفحاتهم بعد اختراقها، متحدثين باسم أصحابها،لخلق البلبلة، والإساءة إلى هؤلاء لابتزازهم المالي أو لابتزاز معارفهم، أو لنشر صور ما مفبركة، أو اختراق خصوصياتهم.

هذا التنمر في الحقيقة يؤثّر على صحة المستهدف، ويعرّضه للأرق والاكتئاب ولأمراض القلب، وهو ما يتمّ من دون أي حسيب أو رقيب، في زمن أخلاق وإعلام التفاهة.

وغالباً ما يكون هذا المستهدف طالباً ناجحاً أو موظفاً ناجحاً أو مبدعاً ناجحاً ، وأنّ من يستهدفه بعدوانية هو إما مأجور أو مريض أو مدسوس من قبل أنظمة ما.

ما يؤدّي إلى قتل ووأد الموهبة، وخلق الشك الاجتماعي بحق هؤلاء المميزين من قبل أشخاض يجسّدون ثقافة التفاهة بل الإرهاب .

تشير الأبحاث إلى أنّ مايصل إلى كل7من أصل 10 شباب قد تعرّضوا للإساءة عبر الإنترنت في مرحلة ما. غالباً ما يعامل مصطلح ” التنمر الإلكتروني ” كظاهرة متميزة ، ولكنه امتداد للتنمر الذي يعتبر مشكلة قديمة . بدايةً كان التنمر يتركّز حصرياً في محيط البيئة التعليمية ، ولكن اليوم يتعرّض الشباب للتنمر عبر التواصل الاجتماعي الأسرع في نشر الإشاعات، وخلق التوتر والقلق لدى أوساط واسعة منهم. بعد أن أصبحت تكنولوجيا الاتصالات جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، لهذا السبب فالهروب منها ومن الإساءة يتمّ بصورة نادرة و ضئيلة جداً، وتبقى حالة التوتر مستمرة للضحايا ومن جراء ذلك يتعرّض هؤلاء لأذى نفسي شديد .

وهناك تقارير تؤكّد أنّ الذين يناقشون السياسة والرياضة على الإنترنت هم الأكثر عرضةً لتلقي الإساءة على تلك المنصات .

اليوم نجد هذا التنمر يبدأ على شكل معركة تافهة، يمكن أن تتصاعد بسرعة من آلاف بل ملايين الرسائل المسيئة خلال فترة زمنية قصيرة، وفي بعض الأحيان يمكن أن تنتهي حالات التنمر عبر الإنترنت بمأساة، أو انتحار شخص مبدع متفوق بريء .

ومن أهم هذه الحالات:

التحرش عبر المحادثات

التزوير وانتحال الشخصية

سرقة المعلومات والصور

كما ومن أهم الخطوات التي يمكن اتباعها وتكون فعالة في مواجهة التنمر هي الثقة بالنفس، والإيمان بالقدرة على

-التجاهل قدر المستطاع.

-عدم إظهار التأثير والشعور بالاستياء من فعل هؤلاء المرضى والمهزومين والمأجورين.

كلمة أخيرة

لقد غدا التنمر حالة عامة وصارت وسائل التواصل الاجتماعي مرتعاً ومنطلقاً للكثيرين من الشذاذ الذين يمارسون ساديتهم، بل عدوانيتهم بحق الآخرين، ومن هنا فإننا بحاجة إلى حملات توعية كبيرة، ومن بينها اعتبار كل ما ينشر من إساءات وتجريح بحق الآخرين، من قبل بعض الذين يستخدمون الفيس بوك أو التويتر أو التيكتوك أو الانستغرام، كاذباً، وعلى الجهات المعنية في أي بلد كان أن تمارس الرقابة الصارمة على وسائل التواصل، ووضع حد للانتهاكات التي تتمّ، وتقديم كل مسيء إلى القضاء، لأنّ واقع الحال ينذر بانفكاك اجتماعي خطير، لنكون أمام أكبر حرب نحن جميعاً وقودها.

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “323”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى