أخبار - كُردستان

التوترات في المنطقة.. هل تؤثر على انتخابات إقليم كُردستان المصيرية؟

Yekiti Media

أعلنت رئاسة إقليم كردستان 20 أكتوبر المقبل، موعداً لإجراء الدورة السادسة للانتخابات البرلمانية في البلاد، التي تأخرت عامين من موعدها المقرر، نتيجة لعدم التوافق على قانون الانتخابات بين الحزبين الحاكمين (الحزب الديمقراطي الكردستاني في أربيل – حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية).

وتمثل هذه الانتخابات السبيل الوحيد لعودة الإقليم إلى الحياة البرلمانية، حيث كان الإقليم قد دخل مرحلة الفراغ القانوني، عقب إعلان المحكمة الاتحادية في بغداد نهاية مايو 2023، بطلان قانون تمديد برلمان كردستان، ثم تبعه قرار بعدم دستورية تمديد ولاية مجالس المحافظات.

وفي نهاية فبراير 2023، قضت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، بإلغاء 11 مقعداً كانت مخصصة للأقليات في برلمان كردستان تدعى بمقاعد “الكوتا”، منهم التركمان والآشوريون والأرمن، ما دفع الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى الإعلان عن مقاطعة الانتخابات؛ احتجاجاً على قرارات المحكمة.

وشكلت مقاطعة الحزب الديمقراطي الكردستاني عقبةً كبيرةً أمام إجراء الانتخابات، كونه الحزب الحاكم في أربيل عاصمة إقليم كردستان، ويمتلك أكثرية المقاعد في البرلمان، ما دفع المحكمة الاتحادية إلى إصدار قرار جديد في أواخر مايو 2024، أعادت من خلاله 5 مقاعد للأقليات، في خطوة أقنعت الحزب الديمقراطي الكردستاني بالموافقة على المشاركة في انتخابات أكتوبر.

انطلاق الحملة الدعائية

وفي 24 سبتمبر الماضي، أعلنت المفوضيةُ العليا المستقلةُ للانتخابات في العراق، بدءَ الحملة الدعائية لانتخابات إقليم كردستان، التي ستستمر حتى 15 أكتوبر المقبل 2024، موضحةً أن نحو 1190 شخصاً قد ترشحوا لخوض انتخابات برلمان كردستان، كما تم تسجيل 136 قائمةً انتخابيةً.

ونشرت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عددَ مراكز الاقتراع، التي بلغت 1431 مركزا، شملت 1266 للتصويت العام، و165 للتصويت الخاص، ويحقٌ لأكثر من مليوني شخص للمشاركةَ في الانتخابات، بعد حصولهم على بطاقات البايومترية (بطاقات إلكترونية).

وانتشرت في مدن الإقليم وساحاته الرئاسية الصورَ الدعائيةَ التي تتضمنُ اسمَ المشح وانتماءَه الحزبي، إضافةً إلى رفعِ شعارات تسعى لجذب الناخبين إلى مراكز وصناديق الاقتراع، ما جعل الشارع الكرديّ في حالة ترقب عن شكل الخريطة السياسية الجديدة في البلاد، خصوصا من ناحية تشكيل الحكومة الكردية المقبلة.

وخلافاً للانتخابات السابقة، ستشرفُ المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في بغداد، على العملية الانتخابية؛ وذلك بسبب دخول مفوضية الانتخابات المحلية الكردية في الفراغ القانوني، وسيتم تقسيم الإقليم إلى 4 دوائر انتخابية موزعة كالآتي: أربيل 32 مقعداً، السليمانية 36 مقعداً، دهوك 24 مقعداً، و حلبجة 3 مقاعد.

وتشمل خريطة القوى المشاركة: الحزب الديمقراطي الكردستاني، الاتحاد الوطني الكردستاني، حركة التغيير الكردية، حراك الجيل الجديد، الاتحاد الإسلامي الكردستاني، جماعة العدل الكردستانية، تحالف سردم، قائمة الحرية، الأحزاب المسيحية والتركمانية، إضافة إلى المستقلين.

الخوفُ من تأجيل الانتخابات

وتأتي هذه الانتخابات في ظل تحديات سياسية خطيرة، خصوصا بعد توسّع رقعة الحرب بين إسرائيل و حركة “حماس” في غزة إلى جنوب لبنان، وما تشهده المنطقة من صراعات سياسية بين إيران وإسرائيل، عن ذلك يقول المستشار الإعلامي لرئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، كفاح محمود لمنصة “المشهد”، إن هنالك إصرارا واضحا من جميع الأحزاب على إجراء الانتخابات، خصوصا الحزبين الكبيرين الديمقراطي والاتحادي.

وأوضح محمود أن الوضع في الشرق الأوسط على صفيحٍ ساخنٍ، العراق متأثر جداً بوضع الحرب بين إيران وإسرائيل و”حزب الله”، خصوصا أن هنالك أطرافا مهمة في العراق تدعو إلى دخول الحرب إلى جانب إيران، لذلك إذا ما تصاعدت حدة التوترات خلال الأيام المقبلة بالتأكيد فإنها ستؤثر على سير العملية الانتخابية أو تأجيلها، لكن استبعد ذلك حالياً.

وعن أهمية الانتخابات البرلمانية، يجيب محمود: ” الإقليم بلا سلطة تشريعية منذ عدة سنوات، بينما تقوم السلطة التنفيذية بتصريف الأعمال، هنالك الكثير من القوانين متوقفة، إضافة إلى مسودة الدستور التي يحاول الحزبان الكبيران تمريرها، وإصدار دستور خاص بكردستان، لكن الظروف لم تسمح بذلك، هنا تكمن أهمية هذه الانتخابات”.

وبالنسبة لبرنامج الحزب الديمقراطي الكردستاني خلال الانتخابات، يقول محمود إن الحزب الديمقراطي الكردستاني قاد مسيرة الإقليم منذ سنوات طويلة، يمتلك أكثرية المقاعد في البرلمان، أطلق العديد من المشاريع، وحقق الكثير من الإنجازات الاستراتيجية، لذلك يسعى الحزب إلى إكمال مسيرته وبرنامجه ومشاريعه الاستراتيجية، التي تتعلق بالبنية التحتية للإقليم، وبحياة المواطن والخدمات والمياه والسدود والتصنيع والبطالة والمرأة والشباب والكثير من الأمور.

وعن النتائج السياسية للانتخابات يقول محمود: “نعتقد أن هذه الانتخابات ستغير إلى حد ما الخارطة السياسية، ونؤكد أن الحزبين الرئيسيين الديمقراطي والاتحادي بصرف النظر عن عدد المقاعد التي سيحصلان عليها، سيتحملان المسؤولية الكبرى، وسيشاركان في تشكيل الحكومة القادمة بعد الانتخابات”.

رسالة للجماهير

ونشر حزب الاتحاد الوطني الكردستاني رسالة وجهها إلى الجماهير في إقليم كردستان، مؤكداً من خلالها التزام الحزب بتلبية مطالب المواطنين، والاتجاه نحو الانتخابات ببرنامج شامل في سبيل حماية كيان إقليم كردستان، وتحسن الأوضاع المعيشية لمواطنيه.

وعن أهمية الانتخابات، يقول القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني عباس كاريزي، ل “المشهد” إن الانتخابات مصيرية، خصوصاً للاتحاد الوطني الكردستاني، في ظل التشتت السياسي والأزمات الاقتصادية التي يشهدها الإقليم، كالحركة التجارية شبه المتوقفة وتراجع الاستثمارات، ما يقتضي التغيير الجذري في إدارة الحكم في إقليم كردستان، وأن يكون هذا التغيير نابعاً من إرادة الشعب الكردي.

ويضيف كاريزي: “أرى أنه سيكون للمواطنين رأي مختلف عن الانتخابات السابقة، ما سيعدل كفة الحكم، لذلك نحن نعول على هذه الانتخابات أنها مرحلة مفصلية في تاريخ إقليم كردستان، وندعو جميع الأحزاب والقوى السياسية إلى إجراء دعاية انتخابية هادئة بعيداً عن التشهير والاستهداف غير المبرر”.

برنامج الاتحادي الانتخابي

وعن برنامج حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، يشرح كاريزي: “برنامجنا متشعب ويشمل القطاعات والمجالات والمؤسسات الحيوية في إقليم كردستان، لكن في مقدمة أولوياتنا مسألة رواتب واستحقاقات إقليم كردستان من قبل الحكومة الاتحادية، ثانياً تحقيق النزاهة في ملف النفط، ثالثاً ملف العلاقات الخارجية وسيادة إقليم كردستان والتدخلات الخارجية من قبل دول الجوار، رابعاً ضمان حرية التعبير، حيث لا يسمح للمواطنين بالتعبير عن رأيهم في بعض المدن، إضافة إلى ملفات الشباب والنساء والبطالة والهجرة الجماعية حيث يهاجر مئات الشبان إلى الخارج، وتوفير سبل العيش الكريم وفرص العمل وأن تكون هنالك فرص متاحة للجميع للتعيين أو الحصول على وظيفة في القطاع العام والخاص”.

يقول المرشح عن كوتا المسيحيين دائرة أربيل رقم 219، ضياء بطرس لمنصة “المشهد”، إن إجراء الانتخابات ضرورة حتمية لإقليم كردستان، خصوصا أن البرلمان بقي معطلا لمدة عامين، ولم يتم عقد أي جلسة، لذلك ينبغي إجراء هذه الانتخابات، كونه إقليما فيدراليا دستوريا يحتوي على مؤسسات فيدرالية، هذا يتطلب انتخابات نزيهة تنبع من إرادة الشعب ورغبته في التصويت.

وبالنسبة لموقف الأقليات يرى بطرس أن الأقليات هي جزء من شعب إقليم كردستان، لها دور في هذه المنطقة، بعد قرار المحكمة الفيدرالية بإلغاء مقاعد الكوتا المخصصة للأقليات، ثم إعادة 5 مقاعد لها، نرى أنه لا توجد عدالة في التوزيع، لكن الأقليات قبلت ذلك حاليا كمرحلة انتقالية ليتم تصحيح ما تم إلغاؤه في البرلمان القادم.

مطالب الأقليات

وبالنسبة لمطالب الأقليات، يشرح بطرس: “طرحنا برنامجنا الانتخابي المتعلق بأبناء شعبنا من المسيحيين، سنطالب بإصدار قانون جديد للانتخابات بصورة عامة لشعب إقليم كردستان ولقواه السياسية، وأن تتضمن فقرة خاصة في الكوتا عدداً وآلية، العدد أنه يجب أن تعود مقاعد الكوتا كما كانت سابقاً 11 مقعدا، والآلية أن يتم تشكيل سجل خاص للأقليات، وقائمة اقتراع خاصة، ويوم خاص للاقتراع، وأن يمنحوا حق الفيتو في البرلمان كغرفة مستقلة ومعنية بشؤون الأقليات في كل القوانين والقرارات التي تصدر من البرلمان فيما يخص أقليتهم”.

ويرى بطرس أن هذه الدورة ستكون مختلفة عن الدورات السابقة للأسباب الآتية:

  • آلية الانتخاب، حيث أعلنت المفوضية العليا المستقلة عن إجراءات متعددة لضبط الانتخابات ومنع عملية التزوير.
    • لأول مرة في إقليم كردستان يتم تقسيمه إلى 4 دوائر انتخابية.
    • الانتخابات ستجري إلكترونياً لا ورقياَ.
    • يمكن للناخب ممارسة حقه الانتخابي عن طريق بطاقته الصادرة من مدينته فقط.
    • في كل محطة من محطات التصويت هنالك عدد من الكاميرات للمراقبة.
    • عند التصويت الخاص نقصد تصويت القوى الأمنية والشرطة وغبرهم، سيتم سحب بطاقاتهم بعد التصويت لمدة 3 أيام لعدم تكرار التصويت أكثر من مرة، هذه الآلية جديدة وسوف تفير الخارطة السياسية.

ويختم بطرس حديثه بالقول: “الكتل السياسية سابقاً كانت معدودة ومعروفة، ولكن هذه المرة هنالك كتل جديدة انبثقت وتحالفات جديدة، هذا يعني أن هنالك قوى سياسية جديدة دخلت في العملية الانتخابية لربما تحصل على مجموعة مقاعد في كل محافظة، لذلك أرى أن البرلمان القادم سيكون شاملاً لمجموعة من الأحزاب، لن تكون هنالك أي فرصة لأي حزب أن يحصل على 50% زائد واحد، أتوقع أن تشكيل الحكومة بعد انعقاد جلسة البرلمان الجديد لن تكون سهلة أو قريبة، بل ستحتاج إلى بعض الوقت لاتفاق الكتل السياسية فيما بينها”.

المشهد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى