الثروة الحيوانية بين سطحية وشعبوية الإعلام وارتجالية واعتباطية قرارات الإدارة
برزان شيخموس
منذُ ثلاثة أيامٍ تشهد اسواق بيع المواشي في محافظة الحسكة وعلى وجه الخصوص أسواق ( الحسكة, قامشلو, سيكر, عامودا) ركوداً كبيراً بل شللاً تاماً لعمليات البيع والشراء بعد صدور قرار الإدارة الذاتية بإيقاف تصدير المواشي بعد ارتفاع أسعارها والتي بالأساس تستند لسعر الدولار وهو على توافق مع ارتفاع أسعار جميع المواد وليست حالة استثنائية ليستوجب هذا الفرمان غير المستند إلى أيّ دراسةٍ حقيقيةٍ لواقع الحال بل هو قرار ارتجالي اعتباطي استند إلى حالة خلق رأي عام عملت عليها وسائل إعلامية سطحية شعبوية تتقدمهم روداو وإذاعة آرتا اللتان يبدو أنهما مصرتان على الظهور في اللون الأصفر للصحافة وليس لهم غاية سوى تعبئة الوقت المخصّص لنشراتهم دون النظر والتمعّن في عواقب الأمور, كما انهم يتضرّعون للباري لتنهال الكوارث والآوبئة والأمراض وكلّ ما شابه فقط لتوفّر المادة الخام للمادة الصحفية التي ستملأ الوقت وتكون سبباً في استمرار قبض رواتبهم.
لدى معظم الدول المتقدّمة والمتحضّرة والتي تسعى لخدمة شعوبها المواشي وتسمّى ثروة حيوانية أي تعدها ثروة إسوة بالثروات الزراعية والنفطية والباطنية وتقدّرها خير تقدير وتسعى جاهدة لتطويرها وتقديم كافة وسائل التطوير لها, لأنها تعتبرها ثروة بين ألف قوس وتحتها عشرات الخطوط الحمر, ولا تسعى كما دأب كلّ من سلف و ذُكرت أسماؤهم الذين يسعون لتحطيمها وتقزيمها وإلحاق الضرر بفئة كبيرة من هذا المجتمع والذين يمتهنونها كوسيلة عيش من جانب, ومن جانب آخر هي وسيلة لدفع عجلة الاقتصاد العام نحو الانتعاش خاصةً مع ما تشهده المنطقة من كارثة نقدية وعن طريقها تُضخُّ ملايين الدولارات للجزيرة وعلى وجه الخصوص محافظة الحسكة وتلك الدولارات يكون لها تأثير واضح على انتعاش الأسواق من خلال تواجد العملة وتساهم في تحريك قطاعات أخرى قد أصابها الركود في حالة عدم توفّر السيولة كالبناء والعمالة بكافة أشكالها , فعلى سبيل المثال في سنين الخير ومع حلول مواسم زراعية جيدة تكون الاستفادة لجميع شرائح المجتمع وليس المزارع والفلاح لوحدهم فبحلول موسم وفير يحلّ الخير والحركة في عموم المنطقة والأمر ينطبق حرفياً على الثروة الحيوانية.
من جهة ثانية فلنتماشى مع طرح الوسيلتين الإعلاميتين وقرار الإدارة ونمنع تصدير المواشي بغية تنزيل أسعار اللحوم, فهل هذه البروبوغندا وهذا القرار الاعتباطي باستطاعتهما الحدّ من ارتفاع أسعار المواد الأساسية ومنها الرز والبرغل والشاي والزيت والسكر والأدوية وحليب الأطفال ومستلزماتهم الأخرى والتي تُعدّ حاجات أساسية وضرورية يكون المرء بحاجتها ويسعى لتأمينها قبل أن يفكّر بالحاجات الكمالية والتي يقرّها الاقتصاد السياسي بالقول” للإنسان نوعان من الحاجات ضرورية وكمالية لا يفكّر الإنسان بالكمالية إلا بعد تأمين الضرورية”.
كلّ ما سلف بين يدي إذاعة آرتا أف أم وشبكة روداو الأخبارية والإدارة الذاتية الذين يفتقرون إلى التمييز بين الضروريات والكماليات.
أعتذر عن الإطالة, مع أنني كنت معتكفاً عن الكتابة لأسباب خاصة لكن هناك من يخرج المرء عن جلده ويفرض عليه إلغاء كلّ قراراته