الجبال وحدها أصدقاء شعب كوردستان
غفور مخموري
إن الهجوم الوحشي لميليشيات الحشد الشعبي والجيش العراقي في فجر يوم 16/10/2017 على كركوك وطوزخورماتو وخانقين وسنجار ومخمور بأنواع الأسلحة الأمريكية المتطورة علاوة على أنه أدى إلى نزوح و تشرد آلاف المواطنين المدنيين، لقد إرتكبت ميليشيات الحشد الشعبي والجيش العراقي العديد من الجرائم ضد مواطني تلك المدن والبلدات، بدءاً بتشريد المواطنين المدنيين إلى حد القتل ونهب ممتلكات و ثروات الناس ، لاشك أن هذه تكشف عن أن حكام العراق الحاليين يريدون إعادة نفس السياسة الخاطئة للحكومات العراقية السابقة، وقد أثبتوا الحقيقة التي تؤكد أن نظرة حكام العراق الحالية هي نفس نظرة السلطات السابقة، وهذه تؤكد أن عقلية السلطة العراقية ثابتة ولا تتغير، وإن نظرة حيدر العبادي وصدام حسين لحل القضية الكوردية هي نفس النظرة ! فكلاهما يقدّم المنطق العسكري على منطق الحوار والتفاهم، إن هذه النظرة والهجمات والحملات رسالة لجميع الاطراف بأن شعب كوردستان مايزال تحت طائلة التهديدات فهو بحاجة إلى الحماية.
إن المؤامرات والتهديدات الجارية على شعب كوردستان وتجربته، مؤامرة إقليمية مصاغة ببرنامج كبير ضد شعب كوردستان، إن تلك المؤامرات يجري العمل لها منذ أمد طويل وتتم محاولة تنفيذها، وتعرف كافة الجهات جيداً أن القوات العراقية تتوجه أسلحتها بعد القضاء على داعش إلى كوردستان، لقد كان اجراء الإستفتاء لقطع الطريق عن تلك المؤامرات، أي كانت تلك المؤامرات قائمة قبل الإستفتاء ـ يحتمل أن الإستفتاء كان له دور على وقت تنفيذ المؤامرات، أخر العراقيون تحرير الحويجة، لكي يأتوا بهذه الحجة معظم القوات إلى أطراف كركوك، ويستغلوا الفرصة بعد الحويجة لإحتلال كركوك وأطرافها، وقبل حرب الداعش كانوا يهددون مراراً وفي العديد من المناسبات إعادة إحتلال كركوك، وفي حينه شكلوا لهذا الغرض (قيادة عملية دجلة ).
أي أن ما يجري اليوم في كوردستان والمنطقة كان مؤامرة قبل أوانها، وقد أدركت قيادة شعب كوردستان بتلك المؤامرة ، لذلك قررت تنفيذ الإستفتاء، وقد نبه قوات التحالف مسبقاً من تلك المخاطر لكن كانت دون موقف، فكان عدم وجود موقف قوات التحالف جعل من قيادة شعب كوردستان الإعتماد والإستناد إلى شعب كوردستان، وهذه حقيقة لاتنكر، إن الصمت الحالي لبلدان (التحالف في الحرب ضد داعش) أمام زحف االجيش العراقي على كوردستان يؤكد تلك الحقيقة، سيما عدم موقف أمريكا في هذه الكارثة التي تذكرنا بأن أمريكا جعلت دائماً الشعوب المضطهدة ضحية مصالحها، فأمريكا من خلال العديد من المرات تظلم شعب كوردستان، فكان حري بنا أن لاننسى دائماً الظلم الذي أرتكبته أمريكا سنة 1975 ضد شعب كوردستان وتوجهت إلى مصالحها وقلبت ظهر المجن لشعب كوردستان، فهي اعادت سنة 2017 نفس الشيئ، فجعلت مرة أخرى شعب كوردستان ضحية مصالحها، وهذا يثبت الحقيقة التي تكشف جوهر أمريكا بأنها صديقة لمصالحها فقط، وهي مستعدة دائماً أن تتخلى عن المبادئ الإنسانية من أجل حماية مصالحها.
جرى الإستفتاء من قبل شعب كوردستان كعملية ديمقراطية على وفق مبادئ (حقوق الإنسان وحق تقرير المصير والمبادئ الديمقراطية)، أي أن شعب كوردستان مارس عملية ديمقراطية، ولم يرتكب جريمة حتى يعاقب معاقبة جماعية و يقلب له ظهر المجن، من المفترض عدم السماح للعراق وبلدان المنطقة التكتل ضد شعب كوردستان ويفرضوا عليه العقوبة الجماعية ويكون المجتمع الدولي متفرجاً ودون موقف.
إن صمت المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن والدول العظمى تجاه جرائم وإعتداءات الحشد الشعبي والجيش العراقي ضد شعب كوردستان في 16/10/2017، وإيمان المجتمع الدولي و البدان الأعضاء من الأُمم المتحدة ونفس منظمات الأُمم المتحدة UN بمبادئ (حقوق الإنسان وحق تقرير المصير والمبادئ الديمقراطية) يضع تحت المساءلة، فصمت تلك الأطراف إزاء الظلم الذي يلحق بشعب كوردستان يخاطبنا : بأن مبادئ (حقوق الإنسان وحق تقرير المصير والمبادئ الديمقراطية) من قبل تلك البلدان والأطراف التي تدعو إليها، مجرد شعارات ولا شيئ آخر !!
إن اللاموقف للمجتمع الدولي أثبت مرة أخرى تلك الحقيقة بأننا — شعب كوردستان – دون اصدقاء، فالجبال وحدها أصدقاؤنا، إن هذا الواقع المر يفرض على القيادة السياسية الكوردستانية وعلى جميع أطرافنا أن نفكر تفكيراً أدق من الماضي، وأن نعيد النظر بتعاملنا وسياستنا مع كل طرف، ونصوغ ورقة عمل أحدث للعمل وكفاحنا القادم، ونتعامل معاملة سليمة مع هذا الواقع وننتفع منه لعملنا المقبل.
إن الوقائع الراهنة مؤقتة وتمر، وفي الماضي رأينا العديد من المآسي و الوقائع أشد من ذلك، وإن إحتلال كركوك لا يصبح الأمر الواقع، وكما نعرف كافة أطرافنا أن قوات ثيَشمةرطة شعب كوردستان حررت كركوك سنة 1991، ثم بإشعال الضوء الأخضر من قبل البلدان الذوات المصلحة إحتل العراق كركوك ثانية، وفي عام 2003 حررت كركوك مرة أخرى من قبل قوات البيشمركة (ثيَشمةرطة)، ثم عمد التحالف الدولي أن تقع في يد العراق، وفي عام 2014 حررت قوات الثيشمةرطة مرة أخرى كركوك، إلى يوم 16/10/ 2017 حيث بموجب مؤامرة إقليمية وبإشعال ضوء أخضر من قبل التحالف الدولي أُعيد إحتلال كر كوك من قبل الحشد الشعبي والقوات العراقية، إن تلك الحقائق تدعونا إلى أن شعب كوردستان لايتخلى في أي وقت عن كركوك، وإن الحالة الراهنة لا تصبح الأمر الواقع.
إن كامل تأريخ كوردستان تضحيات وإنتكاسة ونهوض وإستئناف، إن شعب كوردستان من وهدة خيبة الأمل أعاد بناء أعظم أمل للمستقبل، لذلك فإن الحالة الراهنة تتلاشى تجاه إرادة دعاة الحق من أبناء شعب كوردستان وتنتهي، لكن من هنا من الضروري أن نسأل أنفسنا ماذا يستوجب أن نفعل لمواجهة تلك المؤامرات والتهديدات وإنقاذ هذا الوضع ؟ ردا على ذلك ، من الضروري :
– للوقوف بوجه تلك المؤامرات والتهديدات على جميع جهاتنا أن نكون صوتاً موحداً، وصفاً واحداً ونرتب البيت الكوردستاني بأسرع وقت، وهذه مهمة قومية ووطنية عاجلة لجميع أطرافنا، ويجب أن نعمل لها بجدية، من أجل ذلك من الضروري وبأسرع وقت بناء مظلة مشتركة لكامل الأطراف السياسية الكوردستانية والتجمع تحت هذ المظلة دون تهميش أية جهة، وإن هذا يغدو عاملاً قوياً لإعادة ترتيب البيت الكوردستاني، وتحقيق وحدة الصف والصوت الموحد، وفي الوقت نفسه يطمئن شعب كوردستان للمستقبل.
— نجعل النقد والنقد الذاتي قاعدة راسخة لعملنا القادم، لأن النقد آلية لكل تقدم أية مؤسسة والمجتمع، وعن طريق النقد نرى نحن نواقصنا وأخطاءنا، لاشك أن العثور على أخطائنا ونواقصنا يدفعنا إلى البحث عن المعالجة، من هذا المنطلق من الضروري مراجعة أنفسنا على جميع المستويات ونعترف أن أُسلوب عملنا فيما مضى كانت فيه نواقص كثيرة، فمن الناحية السياسية والناحية الدبلوماسية والناحية الإدارية والتجارية وكامل مجالات الحياة كان الحزب على قدر ما متنفذاً بحيث لم يبق لمؤسسات كوردستان شأناُ ، إن هذا الأسلوب من العمل كان له تأثير سلبي في الداخل وفي الخارج، فواجه النقد، لذلك من الضروري أن نحاول تنظيم الأجهزة والمؤسسات الكوردستانية على اسس المؤسساتية والتكنوقراطية .
— عدم وجود العدالة السياسية والإجتماعية والاقتصادية وتهميش معظم الجهات السياسية في العملية السياسية وإتخاذ القرار في كوردستان أدى إلى المنازعات والتفرقة السياسية والإجتماعية في كوردستان، يجب أن تؤخذ هذه النقطة بنظر الإهتمام وتعالج، وإن حل هذه المشكلة مفتاح لفتح معظم الأبواب المغلقة وعامل قوي لإعادة تنظيم الوسط السياسي الكوردستاني ولهذا نحتاج إلى القرار السياسي الجريئ وإنكار الذات.
— إن االحملات والهجمات الراهنة للقوات العراقية على شعب كوردستان تثبت بأن أية حكومة عراقية سواء الآن أم في المستقبل ليست مستعدة لتثبيت الحقوق المشروعة لشعب كوردستان لذلك أن العمل لتحقيق نتيجة إستفتاء شعب كوردستان مهمة عاجلة لمرحلة العمل وكفاح القيادة السياسية الكوردستانية، ولأجل هذا من الضروري أن تشكل القيادة السياسية الكوردستانية (بورد إستقلال كوردستان)، لكي يتمكن هذا البورد أن يصوغ ورقة عمل عمومي لكيفية العمل وإتخاذ الخطى نحو إستقلال كوردستان، لاشك يمكن لتحقيق هذا الإستفادة من تجارب الكثير من الشعوب والبلدان من حيث طريقة عملهم لإعلان إستقلالهم، يجب أن يكون مكون (بورد إستقلال كوردستان) عبارة عن الأشخاص الخبراء في القوانين الدولية من العناصر الكورد المعروفة والفعالة والعرب والأجانب المعروفين على الصعيد الدولي، لكي يتمكنوا على المستوى العالمي وفي أوساط أصحاب القرار ان يشكلوا (اللوبي) لإستقلال كوردستان، أن يكونوا أشخاصاً من أصحاب التجارب والسلطة لكي يجري الإستماع لهم، فمن هذه الناحية علينا أن نبعد أنفسنا من التجار السياسيين.
– إن ذلك التعاطف القومي الموجود على صعيد كوردستان الكبرى تجاه وضع جنوب كوردستان خطوة هامة بإتجاه تحقيق إتحاد قومي، يجب أن نستفيد من هذه الفرصة وأن نعمل بأسرع وقت عقد (المؤتمر القومي الكوردستاني)، ولأجل هذا الغرض يجب الآّ نقع تحت تأثير الحكومات المحتلة لكوردستان، وتكون لنا قرارات جريئة، في الوقت الحاضر إتحدت كافة محتلي كوردستان ضد شعب كوردستان وطوقوا كوردستان، وما هو موجود هو وحدة شعب كوردستان الذي يساند في كامل أجزاء كوردستان، إن هذا الواقع يتطلب من جميع أطرافنا أن نخطو نحو الإتحاد القومي ونعقد (المؤتمر القومي الكوردستاني) ، ويصبح هذا أفضل رد لمحتلي كوردستان.
– أن هذه الهجمات والحملات للحشد الشعبي والقوات العراقية ومحاولاتهم الوصول إلى النقاط الحدودية ترمي إلى تحجيم وإضعاف موقع جنوب كوردستان، وغلق الباب على غرب كوردستان، وضرب حركة التحرر الوطني في شمال كوردستان وشرق كوردستان، وهذا يقول لنا تلك الحقيقة بأن المؤامرة أكبر بكثير مما تربط بعض الجهات الداخلية هذه المؤامرة والهجمات بالإستفتاء وحده، لاشك أن الوضع الراهن يثبت أن إجراء الإستفتاء كان لمنع هذه المؤامرة الكبيرة، وإن هذا الواقع يتطلب القيام بأسرع وقت لعمل تشكيل (قوة الدفاع القومي الكوردستاني)، ولأجل هذا من الضروري العمل لتشكيل قيادة مشتركة لكامل القوات العسكرية الكوردستانية على مستوى كوردستان الكبرى، وهذا يؤدي إلى تغيير ميزان القوى في المنطقة.
– إن إيصال الحقائق والمؤامرات والتهديدات إلى الأوساط الدولية، و المؤسسات المعنية تحتاج إلى العمل الدبلوماسي القومي، ولأجل هذا نحتاج أن نؤسس (اللجنة القومية للعلاقات الدبلوماسية) ويعمل على صعيد جميع بلدان العالم، ونوصل صوتنا إلى كافة الأطراف لدعم عمل هذه اللجنة وتنظيم الجاليات الكوردية خارج الوطن في منظمة قومية تؤخذ بنظر الإعتبار، وتجري المحاولات دائماً في أن يكونوا في عمل ونشاطات متنوعة لكي يمارسوا الضغط على اوساط أصحاب القرار في كافة أرجاء العالم.
إذا ما تمكنا نحن في مدة قصيرة بالشكل الذي بحثناه أن نعيد ترتيب أنفسنا ونخوض معترك العمل والكفاح، عندئذ نخطو نحو مستقبل زاهر بقلوب مطمئنة، ونتمكن في فترة قصيرة أن ندمر المؤامرات والحصارات المفروضة على كوردستان، ولأجل هذا نحتاج إلى مراعاة المصلحة العليا القومية والوطنية، والتنخلى عن المصالح الشخصية والحزبية .