الجمهورية السورية
أكثم نعيسة
سوريا: أسماها اإسكندر المقدوني “330 ق.م تقريبا” بإسم إله الشمس الهنديsoria , المرجع”وول ديورانت تاريخ الحضارة وفيليب حتى، وديع بشور، في تاريخ سوريا القديم.
”وجدت فيها شعوب مختلفة ك العرب و الكورد والأشوريين والكلدان والأكاد والتركمان ، وبعدهم الشركس والأرمن ، وغيرهم من شعوب أخرى كتيرة وأديان مختلفة، سادت فيها ثقافات ﻻتعد وﻻتحصى ، لقد كانت خزاناً رائعاً للحضارات والمعارف والثقافات ، أنتجت كثيراً من فلاسفة وأدباء وفنانين ومفكري وسياسيي جميع العصور ، والذين ساهموا فكرياً وفلسفياً وسياسياً ، بالتأسيس المعرفي للحضارة الإنسانية الحديثة التي تلقفت هذه المعارف بكل لهفة.
وحتى حين غزاها العرب المسلمون ، لم يستطيعوا تغيير ، ديموغرافيتها الأثنية والثقافية بصورة عميقة، رغم كل ما بذل من جهود وقمع وملاحقة ، لإذابة خصوصية أقوامها وثقافاتهم في بوتقة الإسلام ، ديناً ودنيا!.
لم تكن سوريا يوماً عربية الثقافة والجذور حتى في العصر الحديث والمعاصر إﻻ حين صعود التيار القومي الفاشي والنازي في أوربا ، والذي انتشر وباؤه إلى أن وصل المنطقة عبر وسطاء الفكر القومي العربي_ الإسلامي ، واستيلاء الأحزاب والتيارات القومية عنوة على السلطة السياسية في سورية (العراق مصر وليبيا أيضاً) وبناء الدولة البوليسية الاستبدادية الحديثة في أواسط القرن الماضي ،حينها فقط بدا فصل جديد وهمجي وحديث في تغيير وتشويه التاريخ السوري العريق ، عبر صهر وطمس ما تبقى من تلك الثقافات والمعارف في نسق إيديولوجي قومي واحد ، وصل إلى حد اعتبار جميع أبناءالقوميات الأخرى عرباً شاؤوا أم أبوا ، وتغيير أسماء قرى وبلدات قديمة قدم التاريخ ، إلى أسماءعربية صلفة ، وأضحى حلم الأمة العربية “الموهومة” هدفاً مزيفاً بنيت عليه سياسات دمرت قدرة السوريين على الابداع والانفتاح.
إنه تاريخ متواصل من القمع والتهميش والصهر القهري ، لإزالة إرث معرفي واجتماعي متعدد الفكر ينتمي إلى أعراق أثنية مختلفة ، إرث عظيم ممتد عميقاً في جذور التاريخ تناغم عبر مساره في صيرورة خاصة ليصب في نهاية روافده في الهوية السورية العليا ، والتي تشكل في جوهرها أساساً لبناء مفهوم الأمة السورية التي تحتضن شعوباً وثقافات عديدة.
سوريا هي سوريا الواحدة بكل خصوصيتها وشعوبها وأديانها وثقافاتها المتعددة ،ﻻيمكن أن تكون ذا بعد واحد تحت أي شعار أو ذريعة أو شريعة ، هكذا كانت، وهكذا ستبقى .