آراء

الحزام العربي مشروع عنصري بامتياز

إسماعيل رشيد

الحزام العربي هو مشروع استيطاني ، قرّرته الحكومة السورية في عام 1965 بهدف تفريغ منطقة الجزيرة أو محافظة الحسكة من السكان الكُرد الأصليين، وتوطين أسر عربية بدلاً عنهم. ويمتدّ الحزام بطول 300 كيلو متر وعرض 10-15 كيلو متر، من الحدود العراقية في الشرق إلى رأس العين في الغرب.

اغتنمت السلطات السورية فرصة بناء سد الفرات ومشروع إعادة توزيع الأراضي الزراعية كي تستولي على أراضي الفلاحين الأكراد لإقامة مزارع نموذجية مزوّدة بالمياه والمدارس والحماية الأمنية ،وتمليكها لفلاحين عرب غمرت مياه السد قراهم، وبالفعل تمّ توطين أكثر من أربعة آلاف أسرة عربية في الشريط الحدودي وتوزيع أكثر من 700 ألف دونم من الأراضي المصادرة عليهم.

رافق ما سبق سياسة ممنهجة تهدف إلى طمس الهوية الكُردية ،وصهر الكُرد كأفراد في بوتقة القومية العربية، وتجلّت في قمع الحركة السياسية الكُردية واعتقال نشطائها وتغيير الأسماء الكُردية التاريخية لمئات القرى والبلدات والتلال والمواقع واستبدالها بأسماء عربية ،

فمع استيلاء حزب البعث على السلطة في سوريا عام ١٩٦٣ من القرن الماضي تعرّض الشعب الكُردي لسياسات شوفينية ومشاريع عنصرية ممنهجة، استهدفت وجوده على أرضه استكمالاً للإحصاء الجائر لعام 1962، الذي جُرّد بموجبه عشرات الآلاف من المواطنين من الجنسية …

وانطلاقأ من تلك الأفكار العنصرية أصدر الملازم أول محمد طلب هلال رئيس الشعبة السياسية في محافظة الحسكة كتاباً في أوائل الستينيات بعنوان ” دراسةعن محافظة الجزيرة من النواحي القومية والاجتماعية و السياسية ” مليئاً بالتلفيقات والأضاليل، ينبع عن الحقد والعنصرية والشوفينية القومية العمياء ضد أبناء الشعب الكُردي في سوريا.اذ يقول :

. إنه قد آن الأوان لوضع خطةٍ راسخة لهذه المحافظة ، وتنقيتها من العناصر الغريبة؛ كي لا يبقى الأغيار ومن ورائهم الأستعمار يعثون فساداً في هذه الرقعة الغالية ذات الثروات الكبيرة من الدخل القومي، وخاصةً أنّ روائح البترول قد أخذت تفوح فيها …ص4

…. إذا يمكننا القول بأنه ليس هناك شعب بمعنى الشعب الكُردي ولا أمة بكاملها بمعنى الأمة الكردية … ولغته ليست بأصلية إلا لهجات خاصة كلغة ” النور ” ليس أكثر ……ص8

…. لا يتعدّى الشعب الكُردي هذا المجال، حيث لا تاريخ لهم ولا حضارة ولا لغة ولا جنس حتى … اللهم ألا صفة القوة والبطش والشدة ……ص9

ليست المشكلة الكُردية الآن وقد أخذت في تنظيم نفسها إلا انتفاخ ورمي خبيث،نشأ أو أنشئ في ناحيةٍ من جسم هذه الأمة العربية وليس له علاج سوى بتره ….ص10

لذا وبناءً على ذلك يجب أن ننظر إلى الأكراد بأنهم قوم يحاولون بكلّ جهدهم وطاقاتهم وما يملكون لإنشاء وطنهم الموهوم حيث يترتّب على هذه النظرة كونهم أعداء ولا فرق بينهم وبين إسرائيل ورغم الرابطة الدينية فإنّ ( يهودستان ) و ( كُردستان ) صنوان ….ص44

– بعض مقترحات محمد طلب هلال:

1- أن تعتمد الدولة على عمليات التهجير إلى الداخل، مع التوزيع في الداخل ومع ملاحظة عناصر الخطر أولاً بأول, ولابأس أن تكون الخطة ثنائية أو ثلاثية السنين تبدأ بالعناصر الخطرة لتنتهي إلى العناصر الأقل خطورة وهكذا..

2- الأكثرية الساحقة من الأكراد المقيمين في الجزيرة يتمتّعون بالجنسية التركية ، لذا يجب سحب الجنسية السورية منهم

3- سد باب العمل: لابدّ لنا أيضاً المساهمة في الخطة، من سد أبواب العمل أمام الأكراد حتى نجعلهم في وضع: أولاً :غير قادر على التحرك، وثانياً: في وضع غير مستقر ومستعد للرحيل في أي وقت.

وهذا يجب أن يأخذ به الإصلاح الزراعي أولاً في الجزيرة بأن لايؤجر ولايملّك الأكراد, والعناصر العربية كثيرة وموفورة بحمد الله.

4- إسكان عناصر عربية وقومية في المناطق الكُردية على الحدود فهم حصن المستقبل ورقابة بنفس الوقت على الأكراد ريثما يتم تهجيرهم ونقترح أن تكون هذه العناصر من شمر لأنهم أولاً أفقر القبائل بالأرض وثانياً مضمونين قومياً مئة بالمئة.

5- جعل الشريط الشمالي للجزيرة منطقة عسكرية كمنطقة الجبهة حيث توضع فيها قطعات عسكرية مهمتها إسكان العرب وإجلاء الأكراد وفق ما ترسم الدولة من خطة.

للتغيير الديمغرافي آثار سلبية و مدمرة و يؤثّر على الحياة الاجتماعية و الخصوصيات القومية أو الدينية للجماعات و يهدّد التعايش السلمي و هو منافي جملةً و تفصيلاً لكافة القوانين و الشرائع الإنسانية لذا يتطلّب من المعارضة السورية الديمقراطية المنخرطة في العملية السياسية الأممية ، والمجتمع الدولي تحمل مسؤولياتهم حيال هذا الإجراء الشوفيني العنصري الذي مورس بحق شعبٍ اعزل لإعادة المنطقة الى سابق عهدها، و إنّ أي تسوية سياسة لمستقبل سوريا الجديدة بدون إعادة المغمورين العرب إلى مناطقهم الأصلية و تعويض الكُرد عن ما لحق بهم من أضرارٍ طيلة ما يقارب نصف قرنٍ، سيبقى التعايش السلمي مهدّداً كالقنبلة الموقوتة و معرّضة للانفجار بأيّ لحظة.

المصادر ؛

1- الحزام العربي، مقدمات ومراحل التنفيذ – برزان مجيدو.

2- المسالة الكُُردية في سوريا- د. عبدالباسط سيدا.

3- دراسة عن محافظة الجزيرة من النواحي القومية والاجتماعية والسياسية -محمد طلب هلال .

المقالة منشورة في جريدة يكيتي العدد 287

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى