الدكتور رياض نعسان آغا: القضية الكُردية قضيةٌ سوريةٌ بامتيازٍ.. ولا بدَّ أن يتمّ إنصاف الكُرد في مستقبل سوريا
Yekiti Media
أحياناً مهما تبلغ قوّة المحاور و إمكانات صياغة الأسئلة ، ويكون المحاور بقامة الدكتور رياض نعسان آغا ، لا بدَّ للمحاوِر أن يتأنّى و سيحتار في أيّ جانبٍ عليه أن يبدأ ؟
بتلك الطاقة التي فتحها وأصبحت نافذةً مثلاً ؟
ملحق الثورة الثقافي الذي اصبح في السبعينيات ككرايس وقصائد الشعراء نبلاء كانوا وفارس صمّم أن تبقى النافذة مفتوحةً حتى آخر لحظة من ذلك الظرف الجميل ؟ أم رجل الدولة بامتياز وإن لم يخلع مطلقاً معطف الثقافة ولم يهمّش المثقّفين ومعظمنا سمع كم من بسمةٍ صنعها ووردةٍ حاول بكلّ مستطاعه أن تبقى يانعةً ، أم هي الديبلوماسية بحنكتها و- أتيكيتها – وتلك الروحية المنسجِمة مع صاحبها؟ .. للحقّ ندرك بأنّ مَحاوِر الحوار واسعةٌ ومتشعّبةِ ومع هذا فسنأخذ الأهمّ من المهم من الدكتور رياض نعسان آغا وكلّنا شكرٌ وتقديرِ لهذا الوقت الثمين الذي منحه لموقع يكيتي ميديا الالكتروني.
يكيتي ميديا: منذ بدء الأزمة السوريّة سنة ٢٠١١ لم تتمكّن المعارضة السورية من توحيد قواها .. بتصوّركم دكتور : أيُّ مستقبلٍ ينتظر سوريا في ظلّ تشرذم المعارضة و تمسّك النظام بالسلطة؟.
المؤشّرات توحي بأنّ هناك تغييراً حاسماً قريباً
رياض آغا: المعارضة السورية مختلِفة الرؤى ، عبّرت عن الشتات الذي وُلِدت فيه ، وفي الأعوام الأولى بدت معارضة الخارج بعيدةً عن الثورة الشعبية قبل أن تظهر التنسيقييات ، وبعيدةً عن الحراك العسكري الذي قاده الجيش الحرُّ ، وظهر تعدّد الولاءات و المعتقدات مع تفاؤل بعض المعارضين باقتراب النصر ، ممّا جعل البحث عن مواقع مستقبلية شاغلاً لبعض قادة المعارضة ، والمؤسف أنّ تشكيلات المعارضة تمّت بإملاءاتٍ من الداعمين ، وجاء المال السياسي ليغرقها في أشكالٍ من الفساد ، وقد عُقِدت عدّة مؤتمراتٍ للمعارضة لعلاج هذا الخلل ، وجاء مؤتمر الرياض الأول ليعلن توحيد قوى الثورة والمعارضة ، وتمكّن من أن يجمع القوى العسكرية مع القوى السياسية التي وصلت جميعاً إلى رؤيةٍ مشترّكةٍ متكامِلةٍ ، لكنّ روسيا ذات النفوذ الأكبر أصرّت على أنّ المؤتمر لا يمثّل كلّ المعارضة ، وهنا بدأ الخلل واضّطرت بعض الدول الداعمة أن تلبّي موسكو التي سحبت البساط من تحت مسار جنيف و أخذته إلى أستانة وسوتشي ، فازداد تشرذم المعارضة ، وقد نجحت القوى الداعمة بتعطيل حراك المعارضة حتى فقدت حضورها في المشهد الراهن ، ولم يعد للسورين في النظام و المعارضة معاً أيّّ رأيٍ أو دورٍ في صياغة المستقبل ، وقد غاب السوريون عن اللقاءات الدولية التي عُقِدت مؤخّراً لبحث مستقبل سوريا ، ولا تعرف المعارضة ولا يعرف النظام حقيقة ما اتّفقت عليه الأطراف الدولية ، وبات الجميع يتلقّفون الشائعات ، لكنّ المؤشّرات توحي بأنّ هناك تغييراً حاسماً قريباً ، لأنّ النظام بات عبئاً ثقيلاً على داعميه.
يكيتي ميديا: ما يلوح في الأفق وكأنّ الإعلام الروسي يمهِّد لتغيير بشار الأسد من خلال التشكيك بقدرته على الاستمرار في قيادة سوريا ، وهم – الروس – يستغلّون أيّةَ مناسبةٍ للتأكيد بأنه لولا تدخّلهم منذ عام ٢٠١٥ لكان النظام قد سقط ، ماذا يعني ذلك؟
روسيا هي التي مكّنت النظام من الانتصار على شعبه
رياض آغا : نعم ، هناك حملة إعلامية روسية مبرمَجة لفضح فساد النظام ، وقد تابعنا سلسلة مقالاتٍ بدت مفاجئة ، رغم أنها لم تصدر عن جهاتٍ رسميةٍ ، لكننا نفهم أنها تظهر بتوجيهٍ ، وقد ازداد الموقف سوءاً حين ظهرت في دمشق مقالاتٌ تردّ.ُ على روسيا، وتهدّد بوتين شخصياً بالطرد ليس من سوريا فقط ، وإنما من الكرملين أيضاً ، وعبر هذا الموقف الانفعالي الأرعن المعبّر عن حجم الخيبة التي يشعر بها أنصار النظام إزاء التصعيد الروسي ، ولاسيّما بعد أن سرّبَ الإعلام الروسي خبر شراء الأسد لوحةً بملايين الدولارات هديةً لزوجته ، في وقتٍ يبحث فيه المواطنون المؤيّدون عن رغيف خبزٍ ، وقد يكون الخبر كاذباً لكنّ هدفه تحريضي واضح ، ثمّ ظهر الدور الروسي في فيديوهات رامي مخلوف وتداعياتها ، ونفهم من هذا أنّ روسيا ضاقت بالنظام، و باتت مضّطرةً أن تبحث عن مخرجٍ من هذا المستنقع الدموي، الذي غرقت فيه بلا ثمنٍ ، فلم يعد في سوريا ما يغري أحداً، وقد أصبحت الأرض اليباب و أكوام الخراب ، وفشلت روسيا في مشروعها لإعادة الإعمار ، وفشلت في إعادة اللاجئين وفي مشاريعها للمصالحات، ولم يعد بوسعها أن تقول إنها حلّت القضية على طريقتها ، وهي التي مكّنت النظام من الانتصار على شعبه ، وبالطبع لولا الموقف الروسي العسكري لسقط النظام، ولم يكن بوسع إيران أن تحميه من السقوط ، لكنّ روسيا استخدمت أقسى درجات العنف، ودمّرت المدن والأرياف، ومكّنت النظام من سحق لشعب بالكيماوي، و بالصواريخ و البراميل كما تعلمون .
يكيتي ميديا: قصة الخلافات وطريقة ظهورها و في هذا التوقيت ، بين أجنحة العائلة الحاكمة ، ممثّلة برامي مخلوف و رأس النظام في سوريا ..كيف تقرؤونها دكتور ؟
إنها لحظة تصفية الحسابات المالية العائلية قبل السقوط الأخير كما أتوقّع
رياض آغا: ما حدث أمرٌ طبيعي ، وجميع السوريين يعرفون أنّ رامي هو واجهةٌ لصاحب المال المنهوب ، ويبدو أنّ هناك مطالبة باستعادة الأموال تحسباً لانهيارٍ مفاجئٍ ، والقضية ليست في ضرائب أو سيرياتيل كلّها ، إنها لحظة تصفية الحسابات المالية العائلية قبل السقوط الأخير كما أتوقّع ..ولا أستبعد أن يكون لروسيا دورٌ خفيٌ ضمن حملتها الإعلامية .
يكيتي ميديا: في خاصيّة المحور الإيراني وخاصةً أجنحتها ، نلاحظ بأنّ الاستهدافات العسكرية الإسرائيلية تنفِّذ مهاماً لإخراجها ، وسياسياً يتمُّ تطويق أنشطةٍ أيضاً لمجموعاتها ، كيف تقرؤون خطوات ألمانيا الأخيرة ، بإعلان حزب الله اللبناني، منظمةً إرهابيةً؟.. ولماذا في هذا التوقيت ؟
التحرّك الألماني مرتبطٌ بالموقف الأمريكي و ستليه مواقف دولية مشابهة
رياض آغا: من الواضح أنّ هناك جديّةٌ في الموقف الدولي ضدّ إيران باعتبارها مصدر الشر في المنطقة والعالم ، وحزب الله الذي يسيطر على لبنان سيطرةً تامةً ،يهدم لبنان و يختطفه ، والتحرّك الألماني مرتبطٌ بالموقف الأمريكي، و ستليه مواقفٌ دوليةٌ مشابِهةٌ ، وكلّ ذلك للضغط على إيران والحدْ من نفوذ ميليشياتها في المنطقة.
يكيتي ميديا: دكتورنا القدير.. سوريا دولةٌ متعدّدةُ القوميات،والأثينيات ، وهي لوحةٌ فسيفسائيةٌ متكامِِلةٌ، و يُفترَض بها أن تكون مصدر ثراءٍ ، والكُرد مكوّنٌ أصيلٌ في هذه اللوحة… برأيكم دكتور : ما هو الشكل المناسب لنموذج الدولة السوريّة بشكلٍ عامٍ والقضية الكُردية بشكلٍ خاص ؟
القضية الكُردية قضيةٌ سوريةٌ بامتيازٍ ، ولا بدَّ أن يتمّ إنصافه في مستقبل سوريا
رياض آغا: الأكراد مكوّنٌ مهِمٌّ من مكوّنات الشعب السوري ، وقد عانى من الظلم و التقييد غير المبرَّر ، ولا بدّ أن يتمّ إنصافه في مستقبل سوريا ، عبر إدارةٍ محليةٍ متينةٍ، تملك صلاحياتٍ واسعةً ، كما يجب أن يتمتّع الأكراد بالحرية في الحضور الثقافي عبر اللغة والتعليم وكلّ النشاطات الاجتماعية ، ولاسيّما أنّ العرب والكُرد شركاء تاريخٍ طويلٍ، لم تحدث فيه أية مشكلاتٍ بين الطرفين ، لقد اعتبرنا القضية الكُردية قضيةً سوريةً بامتيازٍ ، وأعلنّا ذلك في كلّ البيانات التي صدرت ، ويجب إنهاء الصراعات الراهنة في الشمال الشرقي السوري ، والاندماج الكامل مع توجّهات الشعب السوري بكل مكوّناته.