الذكرى الـــ 94 لإعدام الشيخ سعيد بيران
Yekiti Media
ولد الشيخ سعيد بن الشيخ محمود بن الشيخ علي ( البالوي )في قضاء بالو بولاية ” لازغ ” ١٨٦٥ ، بكُـردستان تركيا، وكان جده الشيخ علي قد استقر في ( بالو ) و نسب اليها .
تلقى الشيخ سعيد تعليمه الأولي على يد والده و بعض مريديه، حيث تعلم أولاحفظ القرآن و مبادىء القراءة و الكتابة، ثم درس الفقه و الشريعة الاسلامية، وبعد أن أنهى دراسته، أصبح عالما معروفا كان من حقه منح شهادات الاجازة والتدريس لطلاب العلم الذين يكملون دراستهم على يديه، وبعد وفاة والده انتقلت اليه الزعامة الدينية، واصبح مرشدا للطريقة في بالو، وقد بلغ عدد مريديه وأتباعه حوالي اثنتي عشرة ألفا، كان من بينهم العديد من الترك، أما البقية فكانوا مــن الكُـرد.
لم يكن الشيخ سعيد شيخا كلاسيكيا قديماً، بل كان عالما محدثا لبقا ، لم يكن يؤمن بالخرافات والسخافات التي كان الناس يرددونها عن المشايخ، ولم يقبل بتقبيل يديه أو الانحاء له، و كان مجلسه يعج بالمثقفين والعلماء والرجال الشجعان، وقد بذل جهودا كبيرة في سبيل نشر العلم والمعرفة في كُـردستان، وقد كان في نيته انشاء جامعة في مدينة( وان ) على غرار الجامع الأزهر ولكن الزعماءالدينيين الكلاسيكيين والحكام الأتراك وقفوا ضد محاولته هذه.
مارس الشيخ سعيد النشاط السياسي منذ تاسيس الجمعيات والمنظمات الكُـردية بين أعوام ١٩٠٨- ١٩٢٣ وكانت له صلات وثيقة مع العائلات الوطنية كعائلة بدرخان بك، وعائلة الشيخ عبيدالله النهري، بالإضافة إلى الزعماء الكُـرد المعاصرين له.
وعندما تم اعتقال بعض قادة جمعية آذادي ( خالد جبران،ويوسف زيا ) في خريف عام ١٩٢٤ ، تم اختيار الشيخ سعيد رئيسا للجمعية التي عقدت مؤتمرا في تشرين الثاني ١٩٢٤ في حلب حضره علي رزا ابن الشيخ سعيد ممثلا عن والده الى جانب معظم القادة الكُـردد في تركيا وسوريا وقرر المشاركون القيام بانتفاضة شاملة لنزع الحقوق القومية الكُـردية، على أن تبدأ في يوم العيد القومي الكُـردي ( نوروز ) ٢١ آذار ١٩٢٥، ولكسب الدعم والتأييد للانتفاضة قام الشيخ سعيد بجولة في كُـردستان.
وقام أثناء جولته بحل الخلافات بين العشائر الكُـردية وإزالة العداوات، والدعوة إلى الوحدة، والاتفاق.
وقد وصل الشيخ سعيد في يوم ٥ شباط الى قرية بيران برفقة مائة فارس، وتصادف وصوله مع وصول مفرزة تركية جاءت لاعتقال بعض الكُـرد، وعندما طلب الشيخ سعيد من قائد المفرزة احترام وجوده واعتقال من يشاء بعد أن يغادر القرية رفض الضابط التركي ذلك، فوقع اصطدام مسلح بين قوات المفرزة ورجال الشيخ قتل فيها بعض الجنود الاتراك وتم اعتقال الآخرين وكان ذلك في ٨ شباط وعندما انتشر خبر تلك الحادثة ظن القادة الكُـرد بأن الشيخ اعلن الانتفاضة وهاجموا القوات التركية وسيطر الشيخ عبد الرحيم أخو الشيخ سعيد على مدينة كينج التي اختيرت كعاصمة مؤقتة لكُـردستان، وانتشرت الانتفاضة بسرعة كبيرة ولفترة قصيرة على أراضي معظم كُـردستان ( ١٤ ولاية شرقية ) وبلغ عدد الكُـرد المنتفضين حوالي ٦٠٠ ألف الى جانب حوالي ١٠٠ ألف من الشركس والعرب والارمن والاثوريين.
وفرض الثوار الحصار على مدينة آمــد/ديار بكرالتي صمدت في وجههم حتى وصول القوات التركية المعززة بالأسلحة الثقيلة، ولم يتمكن الثوار مـن السيطرة على المدينة رغم اقتحامهم لها، فأمر الشيخ سعيد قواته بالتراجع، وقد حاصرت القوات التركية الثوار، ومنعتهم من دخول العراق وسوريا وايران.
وفي أواسط نيسان تم اعتقال الشيخ سعيد مع عدد من قادة الانتفاضة التي خبت نارها شيئا فشيئا، وفي نهاية أيار تمت محاكمة الشيخ سعيد وقادة الانتفاضة الآخرين وبعد محاكمة صورية صدر الحكم بالاعدام بحقه مع ٤٧ من قادة الثورة ونفذ حكم الاعدام فيهم في ٣٠أيار ١٩٢٥ ،وأمام حبل المشنقة قال الشيخ سعيد ( أن الحياة الطبيعية تقترب من نهايتها، ولم آسف قط عندما أضحي بنفسي في سبيل شعبي، أننا مسرورون لأن أحفادنا سوف لن يخجلوا منا أمام الأعداء ).
وقد بلغت خسائر الكُـرد تدمير ٩٠٠ بيت وحرق وازالة ٢١٠ قرية وعدد القتلى وصل الى ١٥ ألف بالاضافة الى نهب ممتلكات وثروات كل من وصلت اليهم أيدي الجنود الأتراك.