الرقص على ايقاع اﻷمل
جوان حسين (كردي)
مثلنا نحن شعوب العالم الثالث، كذلك المرمى المستباح جهارا ﻷهداف الغرب و الاستبداد. ولأننا بين عالمين من النفاق السياسي والدجل الديمقراطي، فقدرنا أن نعيش على اﻷمل الذي يكبر في قلوبنا كل مساء، عندما نخلد الى هدوء مضاجعنا، و يخبو نهارا عندما نصطدم ببؤس واقعنا، و بين الأمل المنتظر و واقع الخوف من الحاكم، والهلاك من الجوع والمجهول، نخسر الرهان على مستقبلنا و أحلامنا، وننسى أن القوة التي تمنح أمالنا الحياة هي صرخة الانعتاق من الصمت الذي حولنا الى اشباه انسان يختبئ في داخله، صرخة الوجود والتحدي في أن نكون نحن الشعب الذي يؤمن رغم النار والدمار، والجوع والحصار، والدماء والمجازر، و أحابيل الغدر وصراع الفناء و البقاء، و أصناف الموت و الترهيب، بأن أجمل اﻷوطان هو وطننا، وأن الحلم الذي قتله السفاح باﻷمس قد يشرق اليوم، وأن اﻷمل الذي انتظرناه طويلا و كثيرا، قد صار بين نجاة وحرية، وأن أغنية شمس الحق و الفجر القريب، سنسمعها معا على أنغام حريتنا، في ذلك الحقل الذي احتضن شهداءنا، وقرأنا معا بسم الله تواعدنا أن نحيا ونموت على الحق معا، وأن نصون الحلم الذي حافظنا عليه معا، وأن نحرق ارث الغدر والخيانة التي زرعها السابقون في نفوسنا عمرا، ولا نعود الى الوراء أبدا حتى لا نعكر بياض قلوبنا بسواد ماضينا، فلنا تاريخ من اﻷحزان و اﻷحزان التي لا تمحوها دموع الكون والعالم، ولنا من الحاضر هزائم وانكسارات لن تستقيم يوما إذا ركنا الى الذل والاستسلام، وبقينا في دائرة اليأس والصمت نأسف ونتحسر، وقد علمنا التاريخ أن الحق انتصار في النهاية، وأن الصراع بداية ونهاية، ونهاية الظلم الى زوال، و ما الثورات الا أمالا كانت صغيرة نمت في قلوب أصحابها فصارت مجدا لشعوب كسرت الخوف والقيود
وكم من شعب استفاق على آماله ليحيا يوما جديدا في ذاكرة أبنائه، و كم من رجال عظماء عاشوا عمرا من التجارب و الاخفاق فما يبست آمالهم حتى جعلوا الخيال ابداعا و اختراعا، بفضلهم قفز العالم الى النور والتنوير، ونحن في عالمنا الثالث ما نزال نحصي ونعد مآثر و آفضال العالم وثوراتهم، دون أن يكون لعالمنا فضل يذكر، وفرق ما بين عالمنا وعالمهم أننا شعوب نحلم بالكثير ولا نقدم إلا القليل، نحب اﻷمل ونتقاعس عن تحقيق أمالنا، وإذا ما اجتهدنا فنسير في خط أعوج، وأذا ما بلغنا أحلامنا يوما يصيبنا الغرور والتهور، أما شعوبهم فيقينهم عمل واخلاص لأمالهم في الابداع والابتكار، حتى صناعة الاستعباد في كرامتنا ولقمتنا أمل كان الغرب يطمح اليه يوما وكان له ما أراد ، و نحن في عالمنا الثالث ما نزال نجادل على قميص عثمان ومن باع الوطن والشعب في سوق الأمم، وفي قلوبنا أمل راسخ بمنصب أو كرسي حاكم، ليس لهدف وغاية أسمى بقدر ما هو أمل في حب الدنيا وشهوة الحكم و السطوة أو فرصة لجمع المال والثروة، نسيئ الى امالنا ونحطم بآمالنا أحلام غيرنا من البؤساء والفقراء، كذاك الحاكم الذي عاش على أمل البقاء في سدة الحكم لو قتل شعبه كله، وحطم العباد والبلاد جميعهم، كذلك الشعب الذي نهض على أمل الانعتاق من العبودية والعيش بسلام وحرية، فضاع الوطن بين أمل البقاء و أمل الانعتاق، و ما يزال مسلسل الامال الواعدة حاضرا بقوة في شارع العالم الثالث، يتابعه الشعب في كل يوم، عسى أن تصبح اﻷمال حقيقة و نغني معا ذات يوم أغنية شمس الحق و الفجر الجديد، و نقول معا ما قال ناظم حكمت يوما “أجمل الأيام تلك التي لم تأت بعد، وأجمل الكلمات تلك التي لم نكتبها بعد، واجمل البحار تلك التي لم نراها ونسبح فيها بعد” و أضيف أجمل ما فقدناه يوما سنراه في غد أجمل.
كاتب ومخرج كردي