آراء

الرقم الاجتماعي بين المعرفة والتجاهل

عبدالله جعفر كوفلي / باحث اكاديمي

الحياة مليئة بنظريات التي تشكل أسسًا لها ومنها نظرية الأرقام حيث ان لكل انسان رقم سواء كان ضمن الأسرة او نادي رياضي او ثقافي او تعليمي وهكذا على الانسان ان يعرف هذا الرقم ليعرف أين سيقف؟

الانسان كائن اجتماعي لا يستطيع ان يعيش بعيدًا عن الآخرين، فهو يتفاعل معهم ويؤثر فيهم ويتأثر بهم ولكل مجتمع من المجتمعات البشرية أسس ومعايير خاصة لتقييم الإنسان و وضعه في المكان المناسب والطبيعي وإن كانت هناك مشتركات ونقاط الالتقاء بين مجتمع وآخر.

لكل إنسان رقم اجتماعي يجب عليه معرفة هذا الرقم والا سيقع في خطأ التقييم ويتصرف بشواذ الأمور ويصبح محل السخرية والانتقادات، نقصد بالرقم الاجتماعي موقع الانسان ذكراً كان ام انثى داخل مجتمعه وهذا الرقم يتغيير بتغيير الزمان والمكان والشريحة التي يتعامل معها الإنسان، ومن احسن قراءة رقمه كان موفقًا وناجحًا في اختيار مكانه بين أقرانه وجلس في موقعه المناسب وصائبًا في اختيار الجمل والكلمات بصورةٍ يكون مسموعًا.

فكم من إنسانٍ أخطأ في معرفة رقمه الاجتماعي وجلس في غير مكانه وبعد فترة وجيزة وما ان حضر رجل آخر فأزاحه مسافة وبدخول الثاني أزاح اكثر الى ان ينتهي به المقام في ذيل المجلس مفقودًا ما كان يتصوره لنفسه خيالًا وسرابًا.
الرقم الاجتماعي يتغير بتغيير الزمان والمكان والأشخاص فإن الولد الأكبر في العائلة يملك رقمًا إجتماعيا ولكن يفقد هذا الرقم بخروجه الى بيت عمه وخاله وصديقه او الى مكان عام وكذا .

أكدت الأديان السماوية وخاصة الدين الاسلامي الحنيف وكذلك الثقافات العامة على أن لكل إنسان رقمه الخاص وعليه ان يتحرك ويتجول في نطاق هذا الرقم ولا يتجاوز ما هو مرسوم له والا سيقع ضحيةً لتفكيره الخاطئ وقيل رحم الله امرءاً عرف قدر نفسه وهذا من سنن الله تعالى في الحياة حيث جعلنا مختلفين في الطبائع والتصرفات والأذواق وجعل من الحياة لوحة جميلة إذا ما اعترفنا بهذا الاختلاف وتقبلناها بصدر رحب دون تمييز وتقليل من شأن الآخرين لمجرد كونه إنسانًا مهما يحمل من أفكار مختلفة عن طريقة تفكيرنا.

عدم معرفة الرقم الاجتماعي بات مرضاً متفشيًا بين مجتمعنا وتظهر بشكلٍ واضح في المناسبات الاجتماعية والدينية والثقافية، فكل من يحضر الى هذه المناسبات يرغب بالجلوس في الصف الأمامي ويشغل جلّ تفكيره وهو في طريقه الى ذلك المكان بأنه اين سيجلس ومن سيقوم بمنحه مكانه في الصف الأول وكيف سيستقبلونه أكثر من تسجيل الحضور والمشاركة في المناسبة وتقديم رأيٍ نافع وصائب او ان يقدم التهنئة او التعازي الى ذوي المرحوم، فبدخوله الى المكان تتحرك العيون وتتسارع الارجل لتحديد مكانٍ له والتهيئة لالتقاط الصور من أجل نشرها متظاهرًا بمكانته السرابية بين الناس..
وهذا ينطبق على المؤسسات والأجهزة والاحزاب فعليها أن تعرف رقمها في المجتمع وإلا سيكون النتائج صادمة ومثيرة للغاية!!

مع تمنياتنا للجميع بحياة سعيدة وآمنة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى