“الزنگنة” عشيرة كوردية أصيلة تحاول الفاشية العروبية تزوير تاريخها

عبدالوهاب طالباني

تسكن محافظة كركوك عدة عشائر كوردية أصيلة في انتمائها الكوردي القح والثابت وتشكل العمود الفقري للوضع الديمغرافي لكركوك ، منها الزنكنة والهماوند والجباري والجاف و الشيخان والداودي والكاكائية وشوان، و”طالباني” الذين هم جزء اصيل من الزنگنة ” والبرزنجة وال”گل” والدلو و الصالحي والروژبياني والشيخ بزيني والزندي وبيوتات من اللور و” له ك” وغيرهم .

وقد اخترت عشيرة الزنگنة للحديث عنها لانها الاكثر تعرضا لتشويشات العنصريين وتزويراتهم التي تخرج عن المنطق والعقل وتخالفه تماما ، وتصويرهم الزنگنة عشيرة عربية نسيت لغتها فاصبحوا كوردا .

الزنگنة عشيرة كوردية أصيلة وكبيرة تنتشر بين كوردستان الجنوبية” في منطقة كركوك ” وكوردستان الشرقية” منطقة سنندج وكرمنشاه.” وهناك من يقول ” لست متأكدا من هذا” أن فروعا منهم هاجرت في ظروف صعبة الى باكستان ومنهم من وصل الى بلاد الطاجيك.

يتكلم افرادها بلهجة الماچو القريبة من اللهجة الهورامانية كثيرا ، وهي من اللهجات الكوردية الاصيلة التي كانت لفترة هي اللهجة المركزية الثانية في الشعر والادب في كوردستان بعد اللهجة الكرمانجية الشمالية، ويتكلم بها أبناء الكاكائية والباجلانيون والشبك وشيخان كركوك وعشائر اخرى.

وأتذكر أن احد الكتاب العراقيين وإسمه “رشيد الفيل” أصدر كتابا في عهد الزعيم “عبدالكريم قاسم ” أرجع اصول معظم العشائر الكوردية الى العرب ، بدون اية دلائل علمية و لاهداف عنصرية ، وذلك في محاولة سخيفة لتزوير تاريخ ألعشائر الكوردية الاصيلة ، ويبدو انّ بعض العروبيين ما زالوا يعيشون تلك العقلية التافهة في محو تاريخ الشعب الكوردي بكتابات وروايات سخيفة ، وبينهم اساتذة يحملون شهادات دكتوراه ولكنهم غارقون في مستنقع العنصرية والاحقاد ، أو من أجل بعض الفتات الوسخ وترضية مراكز استخبارية .

ليس عيبا أبدا أن ينتمي أحدهم الى أي قومية، فكل القوميات والشعوب لها احترامها ، وكلنا أخوة في الانسانية ، فاذا كان أحدهم كورديا وقال عن نفسه أنه وعلى سبيل المثال تركيا ، فالاحسن أن يكون تركيا ويبتعد عن الكورد ، فهو سوف لن يفيد الكورد في شىء أو ربما يضرهم .

ولكن العمل على تزوير تاريخ عشيرة بكاملها فذلك عمل عنصري ووقاحة سافلة لا يجب السكوت عنه و لا ان يمر مر الكرام.

تفضلوا الى النص الذي تشرته “الوكيبيديا” عن عشيرة الزنگنة والتي اعتمدت على أمهات المصادر التاريخية:
“الزنگنة عشيرة كرديه كبيرة و معروفة ليس فقط في كوردستان بل و حتى على مستوى العراق وهذا بفضل رجالاتها العظام و دورهم الريادي في شتى المجالات السياسية والاعلامية و الثقافية … و الخ .

برز منهم اعلامييون وكتاب و مسرحييون و رجالات دولة سياسياً وعسكرياً وكانوا دوماً في المقدمة ولازال الكثير منهم في السلك الدبلوماسي و الوزاري وفي المناصب العليا للدولة ليس في العراق فحسب بل وحتى في إيران ، حيث كانت تسكن هذه العشيرة منطقة كرمنشاه في كوردستان الشرقية قبل نزوحها إلى كوردستان الجنوبية و كان لهم امارتهم الخاصة هناك وتعرف بـ “امارة علي خان الزنكنه” وكما أشار اليها الأمير شرفخان البدليسي في كتابه المشهور “شرفنامه” ولكن الامارة تعرضت لصدمات و هجمات من قبل الدولة الصفوية في إيران و نتيجة لذلك نزح القسم الأكبر من هذه العشيرة إلى مناطق گرميان في كوردستان الجنوبية و تحديداً في قرية “قيتول” القريبة من قصبة سنگاو وهناك أسسوا امارتهم الثانية بأسم “امارة الزنگنه في قيتول” وقد أسسها “الأمير نوشيروان بك ابن علي خان بك الزنگنه” و الأخير كان يشغل منصب وزير المالية في عهد الشاه عباس الصفوي الثاني في إيران .

والجدير بالذكر انه كان لـ “نوشيروان بك” أحد عشر ولداً استشهد منهم أربعة في المعارك التي اندلعت بينهم و بين الصفويين في “ماهي ده شت” على اثر الخلافات السياسية هناك ، ولم يتم ذكر أحد من أبنائه الاخرين في أي من المصادر التاريخية التي كتبت عن العشائر الكوردية ماعدا “الأمير إسماعيل بك” الذي حلّ محل والده وأصبح أميراً على امارة الزنگنه كونه الابن الأكبر للأمير نوشيروان بك . كان ذلك في سنة ” 1035 هجرية – 1625 ميلادية” وبعد ذلك منح اللقب الأميري من الدولة العليا العثماني انذاك .

وعلينا أن لاننسى أن “محمد بك ابن نوشيروان بك” قائد القوات العسكرية للامارة هو الاخر جاء ذكره في كتب التاريخ وكان ذلك بسبب الخلافات التي نشبت بينه و بين ابن شقيقه “الأمير احمد ابن الأمير إسماعيل” ولولا ذلك لما جاء ذكر اسمه هو الاخر أيضا ، حيث بعد وفاة الأمير إسماعيل أراد شقيقه محمد بك تسلم قيادة الامارة خلفاً لشقيقه الأمير إسماعيل كونه قائد قوات الامارة لكن “الأمير احمد ابن الأمير إسماعيل” استلم السلطة و أصبح أميراً على إمارة الزنگنه خلفاً لأبيه وعلى اثره نشبت خلافات قوية بين الأمير احمد و عمه “محمد بك” استمرت لعدة سنوات ادى ذلك إلى عزل الأخير من منصب القائد العام و تنصيب شقيقه “مصطفى بك ابن الأمير إسماعيل” بدلاً منهُ”.

قدّم أبناء هذه العشيرة الالاف من اولادهم شهداء في حركة التحرر الكوردية كبيشمه رگه ومقاتلين أشداء في ثورة أيلول بقيادة الزعيم الخالد مصطفى بارزانى ، كما قدموا الالاف من الشهداء في عمليات الانفال الاجرامية حيث أبيد معظم قراهم التي كانت تبلغ 94 قرية في المنطقة التي يسكنونها والمعروفة ب”هەردەی زەنگنە” بين نهر روخانه ونهر سيروان وطريق كركوك – السليمانية وجبال بازيان وقرداغ… فاذا كانوا عربا كما يدّعي المزورون لماذا تم انفلة وقتل أكثر من نصف عدد أبنائهم رجالا ونساء ولم نسمع واحدا من هؤلاء المدعين يدافع عنهم …!

أن المحاولات المحمومة لبعضهم تزوير تاريخ الزنگنة، ما هي الا لتحجيم الشعب الكوردي وقضم مكوناته كما يجري مع الايزيديين الكورد والشبك ، لكن التاريخ المضيء لهذه القبيلة الكوردية الاصيلة لا يمكن تزويرها بقصص تافهة.

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “320“