الشرق الأوسط من سيدها الجديد؟
شيرزان علو
يواجه حالياً الشرق الأوسط تطورات سياسية كبيرة جداً من شأنها أن تغيّر الخريطة السياسية والعسكرية للمنطقة ، ويعيش حالةً من الصراع على سيادة المنطقة بعد الغياب التدريجي للولايات المتحدة التي كانت بالنيابة عن الأمم المتحدة سيد الشرق الأوسط ، إن صحّ التعبير في قيادة وحسم مشاكل المنطقة، بعد انشغالها بمنافسة الصين والروس في قيادة الاقتصاد العالمي والأزمات العالمية .
تركيا
تركيا بدورها أرادت إحياء أمبراطورية تضاهي ماضيها، واستطاعت أن تبني منطقة نفوذ لها في سوريا ، و أرسلت قوات إلى ليبيا، وساندت أذربيجان، وكذلك قطر وتمكّنت من إقامة علاقات واسعة مع روسيا، إلا أنّ هذا كله لم يمكّنها من هذا الدور السيادي؛ بسبب هشاشة اقتصادها وتنامي المعارضة الداخلية بالإضافة إلى أسباب آخرى .
مصر والسعودية
الدول العربية بالرغم من كثرة عددها وكبر مساحتها وانقساماتها ، إلا أنّ أبرز دولها مصر والسعودية لا تمتلكان الزمام ،فمصر غير قادرة على القيام بهذا الدور نتيجة الأزمات التي تعرّضت لها ، أبرزها الربيع العربي، و السعودية لم تستطع القضاء على حركة الحوثي بالرغم من قوتها و اقتصادها القوي .
إيران
إيران التي تكافح منذ عقود على أن تصبح دولة نووية وكذلك تعمل على تطوير أسلحة إستراتيجية وتقمع معارضيها على الصعيد الداخلي ، فشكّلت مليشيات شيعية في لبنان وسوريا وكذلك في العراق واليمن، فضلاً عن تزويدهم بالمال والسلاح والتدريب وقامت بالسيطرة من خلالها على أربع عواصم عربية ،إضافةً إلى دعم حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين على الصعيد الخارجي، هذا الأمرالذي جعل حدود إسرائيل محاطة بمليشيات إيرانية تهدّد الأمن الإسرائيلي ناهيك عن تدخلات إيران في أفغانستان والدول المحيطة بها ، وبذلك تعتبر نفسها مؤهّلة لقيادة المنطقة.
إسرائيل
إسرائيل التي تمتلك قوة استخباراتية وعسكرية وأحدث الأسلحة والتكنولوجيا في المنطقة بالإضافة إلى امتلاكها أسلحة نووية، وفق مصادر للطاقة الذرية، ،ومرّت بعدة حروب في المنطقة كانت اامنتصرة في أغلب الأحيان، وتتمتّع باللوبي والاقتصاد وشركات عالمية و أرصدة في بنوك عالمية قادرة على إحداث أزمات اقتصادية عالمي،ة فمَن يقف خلفها أوروبا والولايات المتحدة تجعلها مؤهّلة للقيادة وفق محللين ومصادر إعلامية .
التنافس
بعد أحداث 7 أكتوبر 2023 التي شهدتها إسرائيل والتي أرادت إيران من خلالها إيصال رسالة وايقاف مشاريع إسرائيل في المنطقة ،إلا أنّ إسرائيل استغلّت الموقف، وبدأت بحربٍ مفتوحة على جميع أذرع إيران في المنطقة، فتمكّنت من اجتياح غزة وتدمير قدرات حركة حماس وشلّها، و اغتيال أغلب قيادات الحركة و أبرزها رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية في طهران ،وفي 17 من الشهر الماضي بدأت إسرائيل بحرب مفتوحة مع ميليشيا حزب الله في لبنان وقامت بتفجير أجهزة حزب الله السلكية و اللاسلكية، وبقصفٍ مكثف على مواقع مهمة لحزب الله واغتيال قادته ، ولا سيما العملية النوعية التي وصفت بالدقيقة، التي قامت بها إسرائيل في اغتيال زعيم حزب الله “حسن نصر الله” وعدد من قيادات الحزب في قبو مبنى تحت الأرض 30 م بالضاحية الجنوبية في بيروت السبت الماضي.
و على الصعيد السوري قصفت و تقصف ليل نهار عدة مواقع تابعة للحزب داخل سوريا و كان أخرها اغتيال صهر حسن نصر لله في حي المزة بدمشق يوم أمس .
وعلى الصعيد اليمني قامت بعدة غارات استهدفت من خلالها مواقع لمليشيا الحوثي التابعة لإيران في مدينةالحديدة ،وبهذا نستنتج أنّ إسرائيل وجّهت رسالة واضحة لإيران مفادها ” أنّ إسرائيل قادرة على الوصول إلى أي نقطة في منطقة الشرق الأوسط “وهذا ما صرّح به المسؤولون الإسرائيليون علناً ،و نستنتج أيضاً ما قامت به إسرائيل ضد أذرع إيران في المنطقة، فتقوم ببتر هذه الأذرع وإبعاد خطرها تمهيداً للضربة الكبرى وهي قصف المواقع الاستراتيجية و المفاعلات النووية في إيران، وبذلك تعلن سيادتها للمنطقة .
بالمقابل تسعى إيران إلى إنقاذ أذرعها، وتحاول تشتيت إسرائيل وتحارب المصالح الدول في البحر الأحمر ، وجاء الرد الإيراني الأخير بالصواريخ على إسرائيل، لخلط الأوراق ،و لإنقاذ حزب الله من الموقف المحرج بعد تشتته وغياب القيادة لتمكين الحزب من إعادة ترتيب صفوفه من جهة ، و توجيه رسالة لإسرائيل أنّ إيران قوية وتستطيع المواجهة بشكل مباشر إذا دعى الأمر، وأنها ماتزال سيد المنطقة وتملك مفاتيح الحل، وأنّ أي ضربة إسرائيلية ضد مواقع في إيران لها عواقب وخيمة.