آراء

الشعب الصامت… شعب متقدم

عبدالله جعفر كوفلي/ باحث أكاديمي

الشعوب أصناف وأنواع بعاداتها وتقاليدها وطريقة عيشها وأسلوب أخذ حقوقها، فمنها ما اعتادت على القوة والثأر واستخدام العنف في حياتها لأدنى الأسباب، ومنها ما تربت على الصمت و الهدؤ والصبر والاناة في تعاملها اليومي مع المواقف والاحداث، ومنها ما تصرخ من أغمص اقدامها وتهلهل وتنادي بأعلى صوتها من اجل ابسط الحقوق.

الشعب الصامت هو الذي يبني ويعمل كالنحل ويكتسب دون الحاجة الى الضجيج والأهازيج، الكل يعرف ما له من حقوق وما عليه من واجبات، فلا يتنازل عن حقوقه ولا يهمل واجباته تجاه الوطن والحكومة، فهو القادر على تحقيق الأهداف والمنجزات، السلطات تشرع القوانين وتصدر التعليمات والشعب يلتزم به وينفذه دون ان يسلب من حقوقه وفي المقابل هو يقوم بواجباته على أتم وجه، الوظيفة وتولي المناصب عند هذه الشعوب فرصة للخدمة وأداء الواجب وليست سلطة ومنحة من المراجع العليا وفرصة لفرض الأوامر وجمع الأموال وتكوين الجاه بطرق غير شرعية، متى ما انتهى من الوظيفة يرجع مواطناً بسيطاً الى المجتمع ويستمر في خدمته السابقة مواطناً صالحاً مصلحاً، هذه الشعوب تتقدم وتصنع المعجزات وتبني الاوطان والحضارات وتلعب دورها المنشود وتعرف قيمة ابناءها وتدعمهم ليكون إنساناً ناجحاً عاملاً مخلصاً مبدعاً في المجال الذي يرغب العمل به.

أما الشعوب التي اعتادت على الرقص والأهازيج وعمل الضجيج وتضرب بإقدامها على الارض لتعلن ولائها لسلطة او حكومة او حزب او شخص وتدعم موقفها، فإنها شعوب ستبقى في المؤخرة.

هذه الشعوب التي أدمنت على الرقص ورفع الشعارات التي كتبت لها وراء الكواليس وتخرج الى الشارع وتغلقه امام الآخرين بمجرد تغريدة بسيطة وتبقى لايام وأيام متمسكة بما لا يعرفه، هذه الشعوب مغلوب على امرها وحقوقها مسلوبة ومنتهكة، والخدمات المقدمة لها ضيئلة إن لم تكن معدومة، مدنها كالقرى مخربة، ثرواتها منهوبة، افكارها مشلولة لا ترى الا ما هو مرسوم لها، تحارب الناجح والمبدع من أفراده وتدعم الفشل ليستمر على نهجه غير النافذ المفعول، وإنها أرغمت على هذه العادة او لجأت اليه لتخرج ما في داخله من كرهٍ واحتقان تجاه الآخرين، تبقى هذه الشعوب متطفلةً ومعتمدةً على غيره مستهلكاً غير منتج.

وما ان ينتهى من رقصه ودكه الارض بقدميه بحنجرةٍ طويلة مصابة بالالتهاب لصراخه وأهازيجه العالية فاضِ اليدين لا يجد ما يسد رمقه ورمق أسرته وفقد عمله، يبدأ بنقد الواقع وكره من ليسوا من فصيلته ويُحمِّل الآخرين سوء احواله ونقص الخدمات ولكنه لا يعي او يأخذ الدرس والعبر، بل ينتظر بلهف ما يوجه اليه من أوامر ليبدأ من جديد ما ندم عليه في السابق وهذه هي حال تلك الشعوب التي تجد في الصراخ والأهازيج طريقاً لها للتعبير عن وجودها وطلب الحقوق، وان سلطات مثل هذه الشعوب قد قرأتها وعرفت مكامن قوتها وضعفها فتوجهها حسب ما تمليه اهدافهم ومصالحهم.

هذه الشعوب تحتاج الى وعي وفهم صحيح دون تطبيل ومديح وحناجر طويلة.
فالسؤال المهم من اي الشعوب نحن؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى