الشعب الكُردي في سوريا بين المصطلحات والحقوق المشروعة
المحامي أكرم شمو
مع تصاعد النقاشات حول مستقبل سوريا الجديدة، باتت أهمية اختيار المصطلحات التي تصف مكانة الشعب الكُردي في غاية الحساسية.
إنّ استخدام لغة سياسية دقيقة لا يتوقّف عند الجانب الإعلامي؛ بل يمتدّ ليؤثّر على المسار القانوني والسياسي في مرحلة إعادة صياغة شكل الدولة وهويتها.
الكُرد، كجزءٍ من النسيج السوري، يعانون من تحديات تاريخية وسياسية فرضتها الاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقية سايكس بيكو، التي قسّمت وطنهم التاريخي، وألحقت أجزاء منه بسوريا دون إرادة شعوب المنطقة. هذا الواقع يفرض عليهم إعادة تموضع هويتهم داخل إطار الدولة السورية بما يضمن خصوصيتهم وحماية حقوقهم.
ـ مكون أساسي من مكونات الشعب السوري
يعكس هذا المصطلح اعترافاً بالكُرد كجزءٍ من التنوع السوري ويبرزهم كشركاء في الوطن، إلا أنه قد يفتقر أحياناً إلى التأكيد على هويتهم القومية المستقلة.
مزايا المصطلح:
١ – يعزّز قيم المواطنة والمساواة.
٢ ـ يدعو إلى شراكة وطنية لا تمييز فيها.
التحديات:
١- يذيب الهوية القومية للكُرد داخل إطار أوسع دون إقرار بخصوصيتهم
2ـ لا يوفّر إطاراً واضحاً لضمان الحقوق القومية.
ـ جزء أساسي من الشعب السوري
يركّز هذا المصطلح على دور الكُرد في بناء الدولة السورية لكنه قد يُستخدم في بعض الأحيان لتقليل أهمية هويتهم التاريخية المستقلة.
مزايا المصطلح:
١ – يُظهر أهمية الكُرد كشريكٍ لا يمكن تجاوزه في مستقبل سوريا.
٢ – يعزّز شعور الانتماء لوطن موحد.
التحديات:
1ـ قد يُستغلّ سياسياً لتقويض الخصوصية القومية للكُرد.
٢ – يغفل عن مطالبهم القومية وحقوقهم كشعبٍ أصيل.
ـ الأقلية الكُردية
يُستخدم هذا المصطلح للإشارة إلى الكُرد كجماعةٍ عرقية تحتاج إلى حماية خاصة بموجب القوانين الدولية لكنه يُضعف مكانتهم كشعبٍ أصيل على أرضه التاريخية.
مزايا المصطلح:
١ – يتيح المطالبة بحماية الحقوق الثقافية بموجب القوانين الدولية.
٢ – يعزّز مفاهيم المساواة وعدم التمييز.
التحديات:
١ -يُختزل الكُرد إلى مجرد “جماعة” تحتاج الحماية، متجاهلاً هويتهم القومية.
٢ – يحدّ من إمكانية المطالبة بتمثيل سياسي متكافئ.
ـ الشعب الكُردي في سوريا
هذا المصطلح يعبّر عن الهوية القومية للكُرد ويؤكّد على أنهم شعب أصيل على أرضه وهو الأكثر دقةً وإنصافاً في التعبير عن مكانتهم التاريخية والقانونية.
مزايا المصطلح:
١ – يعترف بالكُرد كشعبٍ له حقوق قومية كاملة بما فيها الحق في تقرير المصير وفق القانون الدولي.
٢ ـ يعزّز شرعيتهم التاريخية كجزءٍ من كُردستان الكبرى التي تمّ تقسيمها قسراً.
3 ـ يعكس التزام الكُرد بوحدة سوريا مع الحفاظ على خصوصيتهم القومية.
التحديات:
قد تُسيء بعض الأطراف تفسيره كدعوة للانفصال.
أهمية اختيار المصطلح المناسب
من بين المصطلحات المطروحة يبدو أنّ مصطلح “الشعب الكُردي في سوريا” هو الأكثر تعبيراً عن حقيقة الوجود الكُردي في سوريا ودوره التاريخي والسياسي.
فهو يعكس التوازن بين الخصوصية القومية والمواطنة المشتركة ويؤسّس لخطابٍ سياسي يرتكز على حقوق الشعوب الأصلية وفق المواثيق الدولية مع تأكيد الالتزام بوحدة البلاد ضمن نظامٍ ديمقراطي تعددي.
في سبيل المستقبل المشترك:
من الضروري أن تستند الرؤية السياسية الكُردية إلى حقائق التاريخ والجغرافيا التي تؤكّد أصالة وجودهم في سوريا ، فالحفاظ على وحدة البلاد لا يعني طمس الهويات القومية، بل يتطلّب صياغة عقد اجتماعي جديد يعترف بكلّ المكونات بما في ذلك الشعب الكُردي، كشركاء متساوين.
الطريق إلى مستقبل مشترك يتطلّب التركيز على الهوية المشتركة دون تجاهل الخصوصية القومية وتأكيد الحقوق القومية في إطارٍ وطني يضمن التعددية والعدالة ، مثل هذا الخطاب قد يكون حجر الزاوية في بناء سوريا الجديدة التي تسودها قيم الحرية والمساواة.
المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “328”