الشهيد عبدي نعسان رمزاً تاريخياً لا ينتسى في ذكرى رحيله 11/5/1985
نجم الدين كياض
بعد تأسيس الحركة السياسية الكُردية في الخمسينات من القرن الماضي عام 1957 في أول تنظيم سياسي كُردي على يد نخبةٍ من المثقفين والسياسيين الكُرد، برز دور الحركة الكُردية في منتصف السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي في وسط الطلاب والمثقفين وطبقة العمال والفلاحين .
كانت الحركة الكُردية بشكلٍ عام والتيار اليساري بشكلٍ خاص في تلك المرحلة في أوج نشاطها الشعبي و الجماهيري وبين الفئة المذكورة أعلاه. كما وبرز دور بعض الشخصيات السياسية الكُردية الذي كانت تناضل آنذاك في صفوف التنظيمات السياسية الكُردية في وسط الشارع الكُردي مثاثراً بالثورة البارزانية والثورات الكُردستانية كما والثورة البلشفية في مواجهة النظام البعثي العفلقي. كما وتمسكهم بقضيتهم القومية وحقوق شعبهم الكُردي. و نضالهم كان يهدف لتعريف الشارع الكُردي على حقوقه القومية المشروعة على أرضه التاريخية في الجزء الكُردستاني الملحق بسوريا وفق اتفاقية الذل والخيانة سايكس بيكو في تقسيم كُردستان .
وفي بداية الثمانينات من القرن الماضي كنت طالباً في الثانوية. كما وكنت أشاهد وأسمع عن دور الحركة اليسارية بين الطلاب. كما وكنت أسمع عن رموزها السياسية ودور بعضهم آنذاك في وسط الشارع الكُردي ووسط طلاب المدارس ،خاصةً التيار اليساري الكُردي الذي كان يلتزم الماركسية اللينينية كنهج آنذاك في توعية الشارع الكُردي وتنظيمه وفق ايديولوجيته.
أذكر البعض من المناضلين الراحلين عبد القادر قطوان والمصور فندي وعثمان شيخ خضر ومنهم الشهيد المناضل عبدي نعسان في كوباني رحمهم الله وبعض المناضلين الذين لازالُوا على قيد الحياة ولم أذكرهم بالاسم، وهم يخوضون نضالهم القومي والوطني .
كان الشهيد عبدي من الأسماء اللامعة في الحزب اليساري الكُردي وفي وسط الشارع الكُردي ووسط القوى السياسية الكُردية، بين يمينه ويساره آنذاك. بالرغم من دخوله معترك السياسة بفترة قصيرة جداً. و انتسابه للحزب اليساري الكُردي عام 1978 وانتخابه عضواً في اللجنة المركزية .لهذا ،مما دفعني التعرف عليه وتوثيق صلتي به في عام 1981 ومن خلاله انتسبت إلى الحزب في نفس العام. وكان بداية عملي في معترك السياسة. وبعد تعرّفي على روح الشهيد الثورية ومشروعه القومي والسياسي.كما وإخلاصه لقضيته القومية .كذلك ودوره الرائد بين الفئة المتعلمة والمثقفة وخاصةً صلته الوثيقة مع طبقة العمال والفلاحين. كما وسمعته وإخلاصه لقضية شعبه.وكذلك مساعدته للطبقات الفقيرة من خلال عمله كصيدلاني في وسط المجتمع وحتى أناقته وإنضباطه الحزبي. كما ودوره في مواجهة التيار العشائري والرجعي وشوفينة حزب البعث العفلقي.كذلك كان الشهيد يملك الصفات القيادية التي كانت تؤهّله ليكون قائداً ثورياً. كما وفي فترةٍ قصيرة من نضاله أصبح رمزاً سياسياً بارزاً ذا شخصيةٍ كاريزمية في الحركة الكُردية آنذاك. ورمزاً من رموزه القومية والوطنية. . وفي عام 1982 أسّس الشهيد مع بعض الشخصيات السياسية حزب الشغيلة الكردية بقيادة المرحوم صبغت فتح الله سيدا سكرتيراً عاماً وعضوية القيادة لكل من مصطفى بكر وعبد الباسط سيدا والشهيد. كانت قيادة عملية ناجحة تنظيمياً و سياسياً وإسلوباً . وشاركت معه وبعض الرفاق الآخرين المؤتمر الثاني للحزب عام 1984 الذي انعقد في عامودا.
لقد لعبت هذه الشخصية وكاريزميته دوراً بارزاً في توعية الشعب الكُردي. ودفاعه عن قضيتة وحقوقه القومية على أرضه التاريخية وفق ما شرعته الشرائع الدولية ونصوصه في حق الشعوب في تقرير مصيرها. الشهيد عبدي في فترةٍ قصيرة أصبح له دورٌ بارزٌ في تصحيح مسار القوى السياسية من خلال محاولته لتشكيل إطارٍ يجمع بين القوى الكٌردية. كما وتخرّج على يده في فترةٍ قصيرة كوادر متقدمة في قيادة الشارع الكُردي .
كما وأصبح محطّ أنظار الشارع الكُردي .هذا ما جعل النظام البعثي يتخوّف وأزلامه والتيار الرجعي و العشائري آنذاك من هكذا شخصية سياسية مناضلة. من اتساع دورها في وسط المجتمع الكُردي وحركته السياسية . وتخوفهم من فقدان هذه الفئة المنبطحة والعميلة من دورها في وسط المجتمع الكُردي وخدماته للنظام العفلقي العروباوي ؛ لهذا سارعت و خطّطت بالتنسيق مع الفروع الأمنية للنظام في كوباني في التخلص من دور هكذا شخصية . لما يشكّل هكذا شخصية سياسية من خطرٍ على مصالحهم وتحالفهم مع النظام. من خلال تنظيمه للشارع الكُردي وتوعية المجتمع ورصّ صفوفهم تحت قيادة الحركة الكُردية في مواجهة النظام وأدواته العميلة والتيار العشائري المتعفّن في المستقبل .
لذا قرّرت التخلص من الشهيد المناضل عبدي نعسان. لإضعاف دور الحركة من خلال إنهاء دور الشخصيات المناضلة في وسط الشارع الكُردي. لذا تمّ تصفيته على أيدي العقلية العشائرية المتعفّنة آنذاك بتاريخ 11/5/1985 وبمساعدة بعض الأطراف العشائرية وحلفائهم آنذاك و التي كانت تدّعي انذاك تمثيلها للشارع الكُردستاني.؟
إنّ النظام وأدواته وتوابعه ووكلاءه لهم الدور الأكبر في تصفية الشخصيات السياسية الكُردية و رموزها. وأولهم كان الشهيد عبدي نعسان ومن بعده شيخ الشهداء محمد معشوق الخزنوي والشهيد مشعل تمو ونصر الدين برهك وغيرهم والقائمة قد تطول.
كلّ هذا كان بالتخطيط من دوائره الأمنية وبالتنسيق مع عملائه ووكلائه. وتهدف من وراء ذلك لإضعاف دور الحركة السياسية الكُردية. كما وقد نشط دورالنظام وعملائه وأزلامه ووكلائه بعد الثورة بشكلٍ كبير في تصفية الشخصيات السياسية الذين كان لهم الدور البارز في مواجهة النظام ووكلائه.
لروح الشهيد وكلّ شهداء الحرية المجد والخلود
العار لقاتلي الشهيد النظام وعملائه ووكلائه.