الصراع العثماني – الصفوي على سوريا
د. زارا صالح
لم ينتهي الصراع القديم- الجديد بين هاتين الإمبراطوريتين رغم زوال الاسم واستبدالها ( الحداثي ) بجمهوريات (دينبة- علمانية ) تركيأ ، او ( طائفية- مذهبية) بولاية فقيه فارسية- إيرانية . فعادت ايران عبر أجندتها لتحتل اكثر من منطقة ليكون التحكم بالهلال الشيعي عند بعد وسيلة لتشكيل ( احزاب إلهية ) في كل دولة او مناطق السيطرة وتكون الحسينيات مساجدا ودور عبادة بدل المساجد طبعا يحمل ( الرسالة) الدينية- الشعاراتية وهي ( القضاء على اسرائيل اليهودية ورميها في البحر) لتكتمل لوحة الدغدغة الدينية والعودة الى صراعات الأزل بمنظور ديني يكون المخدر للسيطرة على تلك الجموع الجاهزة لجلد ذاتها دمويا للثائر من قتل الحسين.
ايران احتلت لبنان عبر فرعها اللاتي حزب الله وحسن نصرالله وكذلك الامر في سوريا منذ حقبة الاسد الأب ( لحماية المقدسات الشيعية) واليوم مع الدكتاتور الابن لتكون مشتركة بقتل السوريين وطرف أساسي في حماية نظام الاسد هو وبقية جماعات المهدي المنتظر من نظام شيعة العراق وكنائب العباس والمجندين المرتزقة من أفغانستان وبقاع العالم ، ولن نستغرب قيام ( حزب الله السوري ) قريبا لتكون سوريا على غرار لبنان.
واحتلت ايران أيضاً اليمن ( حوثيا) ولها ضلع إرهابي في اغلب المناطق الساخنة في الخليج سواء في السعودية او البحرين . طبعا يترافق كل هذا مع عمليات تخصيب اليورانيوم والملف النووي الذي يدخل في حساب التعاطي مع الغرب لتحقيق أهدافها السياسية والمذهبية، واليوم سوريا محتلة طواعية بموافقة أسدية من قبل ولات الفقيه الإيرانيين ولن تتنازل هي عن حصتها حنى في سوريا المستقبل ليكتمل مشروعها في المنطقة وتكون سوريا احدى مداخلها ولهذا فهي تستقتل من اجل ذلك وتكون لها معظم الكعكة لتبعد ( تركيا) عن حلبة سيطرتها السورية .
تركيا وبقيادة حزب العدالة والتنمية لم تغب يوما عن المسرح السوري سياسيا وجغرافيا واقتصاديا، فبعد ضمان ضم ( لواء إسكندرون السوري ) الى الدولة التركية وبتنازل أسدي طواعية ، وضعت تركيا تحسين العلاقة مع نظام بشار الاسد خاصة بعد سنوات من الخلافات نتيجة الملف الكوردي وموضوع قواعد حزب العمال الكوردستاني في سوريا ولبنان، عادت المياه لمجاريها بعد تسليم ( اوجلان) وشهدت العلاقة شهر عسل لعقد من الزمن وصلت الى تناول الفطور العائلي بين الاسد اردوغان في إستنبول والعشاء في دمشق نظرا ( لحميمية العلاقة) ، لكن البوصلة انقلبت منذ بداية ثورة الحرية للسوريين واحتواء اردوغان ملف المعارضة السورية بعد ان فشل في إقناع ( حليفه الاسد) ليعود الصراع الى الواجهة وتضع تركيا التي تملك أطول حدود جغرافية مع سوريا اضافة الى الوجود القومي الكوردي على طرفي الحدود، فكان لابد من احتضان الاخوان المسلمين السوريين وبقية الفصائل الاخرى حتى تضمن تركيا حصتها( السورية) بعد سقوط الاسد ولكي تبعد أيضاً المارد الإيراني – الشيعي عن اي دور فعال هناك خاصة وأنها اي تركيا فشلت في فلسطين حماس وخسرت مواقعها في مصر بعد هزيمة ( مرسي) وعودة السيسي وكذلك لبنان وغيرها من مواقع الصراع لصالح ايران.
تركيا حاولت وكممثل لحلف الناتو وكعقلية ( سلطان- خليفت) ان تكون عراب المعارضة السورية بكل تلويناتها وهي حتى متهمة بدعم الجماعات المتطرفة والجهادية والعابرين من ( تورا بورا) برا للقتال الأيديولوجي في سوريا وتسمح بعبورهم، وكذلك اليوم هي تطرح بقوة موضوع ( إقامة منطقة عازلة ) بعمق ٣٠كم في الداخل السوري وتسعى لموافقة دولية ليكون لها الدور الرئيسي في مستقبل سوريا سياسيا ولعل ( حرصها) على حماية ضريح ( سليمان شاه) د تكون حجة او حماية المدنيين في كوباني لقيام هكذا منطقة عازلة لتحتضن اللاجئين السوريين من جهة وتكون قاعدة لتدريب ( الفصائل المعتدلة من الجيش الحر) ليبدأ الضغط على نظام الاسد وقبول الجلوس لمفاوضات الحل السياسي كما يراه الغرب .
كل هذا الاهتمام ليس صدفة او فقط من أجل عيون السوريين إنما هي استكمالا لصراعها القديم مع ايران الصفوية والسيطرة على مناطق النفوذ وإعادة احلام احياء السلطنة العثمانية من جديد وعبر طموح حزب العدالة والتنمية وطبعا هناك تجاوب أيضاً من قبل اغلب أطياف المعارضة التي تدعمها تركيا للقيام بهكذا دور وحتى البعض منها ( الاخوان مثلا) مستعدين لتنازلات اخرى على غرار نظام الاسد ما دام طموحهه في السلطة الدينية وإقامة ( خلافة إسلامية ) قائم وبهذا سنكون من جديد امام احتلال من نوع اخر وصراع مذهبي مستكملا لسابقاتها ويكون الشعب السوري قرباناً لذوي النعمة من ( ايران وتركيا ) في لعبة الصراع على المنطقة وسوريا تحديدا التي لن تعود خارطتها السياسية والجغرافية الى واقعها السابق خاصة بعد اعلان الخلافة البغدادية من قبل داعش بين أراضي سوريا والعراق ليبقى الصراع مفتوحا والشرق الأوسط ساحة إقليمية ودولية وملعبا لتصفيات الحسابات وعقد الصفقات ورسم خرائط جديدة للمنطقة …..