آراء

الصراع المسلح في سوريا وتداعيات الخلاف التركي الاسرائيلي على أمد النزاع .

* قهرمان مرعان آغا
من جملة العُقَد والتشابكات المستعصية والمتجذِّرة في ديمومة الصراع في سوريا ، هو الخلاف التركي الإسرائيلي، متمثلاً برئيسها طيب رجب اردوغان وحكومة حزبه العقيدي المحافظ ، وحكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو الذي يسعى الى اعلان الدولة الدينية اليهودية، وكذلك تداعيات انقلاب العسكر برئاسة السيسي في مصر لمصلحة الأخيرة ، وبتدخل مباشر من الإمارات والسعودية ، وما تلاها من إختلاق صراعات مسلحة في غزة وسيناء وامتدادها الى الجوار الليبي، وكذلك التنافس التركي الإسرائيلي في افريقيا ، وقد جاءت زيارة السيد أردوغان الى مقاديشو في هذا الإطار لما يشكله استقرار صومال المستقبلي بأقاليمه ، في زيادة قوة نفوذ تركيا على سواحل البحر الأحمر ، طبعاً مع عدم تغافل دور القوى الكبرى متمثلة بامريكا واوروبا التي ترسم استراتجياتها وفق المتغيرات الدراماتيكية وإنتكاسات تلك المتغيرات لصالح دول رأس المال والقوة إقليمياً ، متمثلة ب-(دول الخليج ، اسرائيل) .
حيث تبدد آمال الرئيس التركي بإزاحة سلطة الإخوان في مصر وانقطاع علاقته مع رئة سيناء (قطاع غزة) ، حينها كان يشكل تطور الأوضاع في ظل حكومة الرئيس المعتقل مرسي الضغط المباشر على دولة اسرائيل لتحميلها على الإنصياع للمطالب التركية ، سواء القضايا المعلقة بين الطرفين أو الموقف من حليفه حماس ، في الوقت الذي يزداد حدة الصراع بين الأطراف في سوريا أكثر دموية ، بإعلان داعش خلافتها الاسلامية المزعومة ، منذ اواسط ٢٠١٤ والتي جاءت في تسلسها التاريخي ، بعد الخلافة العثمانية في العالم الإسلامي والتي يتطلع إليها السيد اردوغان دون كلل ويمنن نفسه برؤية ذاك الحلم ، والحنين الى ذلك العصر ،من خلال تعاظم الدور السياسي والاقتصادي المرتقب لتركيا ، في منطقة الشرق الأوسط والأدنى معاً ، طبعاً بعد تشطيب قضاياه ومشاكله الداخلية سواء ما يتعلق بتنفيذ الإتفاق مع حزب العمال الكوردستاني وزعيمه اوجلان ، او ما يتعلق بالإدارة المستترة ، الموازية لسلطته العائدة لغريمه فتح الله گولن .
ينظر اردوغان الى الحجاز والكعبة المشرَّفة كقبلة المسلمين والخليج وما يمثل من مصالح الدول الكبرى ، من خلال بوابتها سوريا و بلاد الشام وإن تأثير نفوذه السياسي والاقتصادي لن تطال تلك البقعة دون إمتلاك حليف قوي في بلاد الشام وكذلك الأمر بالنسبة لمصر وشمال افريقيا ، نعم ، إنه يحاول أن يفكر بعقل السلطان سليم الأول (مع فارق الزمن والشخص والأدوات) الذي لُقب بخادم الحرمين ، وأمير المؤمنين ، وأول خليفة للمسلمين ؟! ، ويتقمص شخصية السلطان محمد الفاتح الذي فتح القستنطينية في عام ٨٥٧هًـ ١٤٥٣م ،عندما عبَّرالعثمانيون بحر مرمرة الى الشاطئ الاوروبي ، من خلال الإلتفاف عليها ، حيث استعصى على المسلمينء فتحها من الاناضول ، ومنذ عهد الأمويين ، لهذا فإن تركيا لديها تأثير بشكل او بآخر على معظم القوى المسلحة والسياسية على الارض في سوريا ، فهي تلعب لعبة الشطرنج بذكاء ، ولا يهمها سقوط القلاع ولا موت الفرسان ، مادام مصالح الملك بخير .
أما الجارة الجنوبية لسوريا، دولة اسرائيل، فهي حريصة على لفظ مصطلح دولة العدو جانباً من افواه السذج من ابناء سوريا وشطبه من قاموس الخواء لبعث العروبة ، بديمومة حكم وراثة الاسد وطائفته وسلطته في دمشق والجنوب ، طبعاً لن يكون هناك سقوط للنظام المجرم مادامت اسرائيل غير مطمئنة على أمن حدودها الشمالية .
لكن ، نحن نعيش في منطقة حبلى بالمفاجآت ، والدول الكبرى في سوريا والمنطقة بشكل عام تمارس لعبة الصغار ، قياساًلمصالحها ، وقد تأتي الرياح بما لا تشتهي سفن الدولتين قبالة شواطىء غزة ؟؟ ، إلا إنَّ اسرائيل ليست غافلة عما يجري والحلول رهن مشيئتها وقد تعمل على تأسيس وترتيب وضع خاص جداً ، لإقليم الجولان ؟ في أسوء الإحتمالات، منعاً لوصول فرسان اردوغان (داعش وأخواتها) الى حدودها ، حيث القدس ثاني القبلتين المسجدالاقصى، تحت عباءة اهل السنة والجماعة.
* عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكُردي في سوريا
في ٢٠١٥/٢/٢٢

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى