آراء

الصراع على الشرق الأوسط.. شعوب مقهورة أم تقاطع مصالح أنظمة؟

د. محمد جمعان

تعوّدنا أن نسمع بأنّ الدول الكبرى وراء مصالحها وبأنها تتهرول على منطقتنا. هذا الرأي متداول وطبيعي، ولكنّ السؤال الذي يفرض نفسه:

لماذا هذه الهرولة والتدخل بشؤون المنطقة على وجه التحديد؟

يبدو أنّ هناك عوامل عدة في منطقة الشرق الأوسط، كبيئةٍ خصبة لهذا التدخل، من قمع واستبداد الأنظمة وصهر القوميات في بوتقة القوميّة السائدة، ناهيك عن الفقر والأزمات التي نعاني منها، والتي تشكّل حالة الاغتراب وهشاشة الانتماء للوطن، والتي تشجّع التطرف والانحراف المسلكي لدى المواطن.

الوقائع التاريخية تقول: إنّ النظم السياسيّة في الشرق الأوسط هي التي تخلق كلّ أسباب التدخل العالمي, فهي لا تريد حلّ مشاكلها الاقتصاديّة والسياسيّة والثقافية، وبذلك تخلق المخاطر للأمن والسلم العالمي وهي بطبيعتها أنظمة صنيعة العالم الغربي، وبالرغم من الاتفاقيات الدوليّة والتي تسهّل أمن وسلامة السفن للعبور عبر المضائق الدوليّة، حيث تؤمّن التجارة العالميّة، فإنّ بعض أنظمة دول الشرق الأوسط تخلق الأزمات لسهولة عبور السفن من مضيق الخليج الفارسي و مضيق هرمز وقناة السويس تحت مسمّيات غير مبرّرة، فدول كثيرة تخلق منظمات وميليشيات خارجة عن القانون تمهيداً لتدخل الدول الكبرى – صاحبة المصالح الكبرى في العالم.

وبالتالي عدم استقرار الأنظمة السياسيّة.. وبذلك منطقتنا أصبحت هي المصدر الرئيسي في العالم كمنابع لتصدير الإرهاب والتطرف الديني ونزوح الملايين من اللاجئين إلى العالم الغربي بحثاً عن الأمان والعيش.

أنظمة الدول في الشرق الأوسط لم تحلّ لا تريد حلّ للقضيّة الفلسطينيّة مع إسرائيل، وقضيّة الشعب الصحراوي مع المغرب لم تحلّ منذ أجيالٍ ومشاكل اليمن لم تحلّ، وما التدخل الايراني ودول الخليج في المنطقة عبر ميليشياتها إلا سبب في انفجار حربٍ مدمّرة في اليمن، وكذلك عدم ايجاد حلّ للقضيّة الكُرديّة بين الدول الغاصبة لكُردستان والتعامل معها من منظور أمني وتهم الانفصال وبأنّ هناك خطر وتهديد على استقرار المنطقة وتشبيهها بإسرائيل ثانية؟!

فعدم حلّ مشاكل شعوب الشرق الأوسط واستهتار الأنظمة بها والاستقواء بالخارجي للانتصار على شعبه، هو سببٌ رئيسي لهذه التدخلات في مناطقنا، وبالتالي يساهم الشرق الأوسط في ترسيخ عدم الاستقرار العالمي والتوتير، ناهيك عن خلق بيئة ملوثة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً في مناطقها، وسلب خيراتها خدمةً لديمومتها على حساب كرامة وأمن شعبها.

فهل ستستفيق شعوب الشرق الأوسط من غفوتها أم مصالح الدول مع الأنظمة أقوى من إرادة الشعوب المقهورة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى