آراء

الصمت الأمريكي على القصف التركي على المناطق الكردية في سوريا هل هي إدارة الظهر للحلفاء…!! أم ضغطاً لتصحيح المسار.

دوران ملكي

 

انسحبت قوات النظام السوري من جميع مناطق كردستان سوريا لصالح قوات YPG الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني العسكري إثر اتفاقٍ بين المخابرات السورية وقيادة حزب العمال الكردستاني مخلفة ورائها واقعاً معقداً داخلياً وخارجياً فهي إستطاعت بهذا الإنسحاب أن تنتقم من الشعب الكردي الذي دك معاقل النظام إثر إنتفاضة قامشلو 2004 حتى سمي الشعب الكوردي من قبل السوريين أنذاك بـ “كساري البلور” والذي انخرط في الثورة السورية منذ اليوم الأول وذلك بتوكيله حزب العمال الكردستاني لمواجهة الحراك الشبابي المتنامي الذي وصل في بعض الأحيان إلى أكثر من خمسين ألف متظاهر يطالبون بسقوط النظام هذا من ناحية ومن ناحية أخرى

معاقبة تركيا لتدخلها المباشر ضد النظام ومساعدة المعارضة السياسية والعسكرية وذلك بإعادة الدعم لحزب العمال الكردستاني من جديد بعدما كان مقوضاً من النظام السوري بعد اتفاقهم مع تركيا في العقد الأول من الألفية الثانية وذلك بتسليمه جميع المناطق المتاخمة للحدود التركية بطاقاتها العسكرية والاقتصادية وبذلك تحولت كردستان سوريا إلى حديقة خلفية ومنبعاً اقتصادياً مهماً لحزب العمال الكردستاني

حاولت تركيا مراراً جذب كل الفصائل الكوردية بما فيها حزب الإتحاد الديمقراطي الموالي لحزب العمال الكردستاني إلى صفوف المعارضة السورية ومحاولة عزلها عن العمال الكردستاني التركي عبر عدة محاولات ولقاءات بين المخابرات التركية وصالح مسلم الرئيس المشترك للحزب في تركيا وكذلك باركت تركيا إنشاء الهيئة الكوردية العليا بين المجلسين الكوردين في أربيل وذلك بلقاء وزير خارجية تركيا مع وفد من المجلس الوطني الكوردي برئاسة رئيس المجلس الأستاذ اسماعيل حمي عقب الإعلان عن الإتفاق

في النهاية لم تستطع تركيا عزل PYD عن PKK وبقيت عاجزة على المواجهة العسكرية بسبب تمدد الإرهاب في سوريا والعراق وانشغال العالم بمواجهتة وانخراط YPG في الحلف العالمي لمواجهة التنظيم المتطرف بعد الهجوم على مدينة كوباني في الوقت التي كانت فيها تركيا تغازل التنظيم وتتاجر بالنفط والغذاء معه من خلال معابر تل أبيض والراعي وجرابلس ولم تطلق تركيا قذيفة واحدة باتجاه التنظيم المهدور دمه عالمياً وتعزز دور YPGعالمياً من خلال طرد التنظيم من مدينة كوباني بالتعاون مع قوات البشمركة وقوات التحالف الدولي وحاولت الأخيرة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بتعزيز هذا التحالف الثلاثي بنقل قوات بشمركة روز إلى كردستان سوريا في عهد الرئيس باراك أوباما حيث أوحى إلى رئيس إقليم كردستان الرئيس مسعود البرزاني بالإشراف المباشر على إنجاز هذا الإتفاق وبالفعل تم الإتفاق على إعادة إحياء الهيئة الكوردية العليا والإتفاق على صيغة لنقل بشمركة روز بالإتفاق مع YPG وبرجوع الأطراف إلى كردستان سوريا حدثت خلافات نتيجة لتدخلات قيادة حزب العمال الكردستاني .

إستغلت تركيا الظروف في غرب الفرات حيث منطقة النفوذ الروسي وعدم وجود مواجهات مباشرة بين YPG في عفرين والتنظيم الإرهابي ولم تكن جزءاً من التحالف الدولي ضد الإرهاب وبوجود تواطىء ومقايضة روسية تم الهجوم على عفرين بواسطة الفصائل المسلحة الموالية لتركيا والطيران والمدفعية التركية تم إنسحاب الYPG منها قبل أن ينتهي شهر من المواجهات وكانت الغاية الروسية إجبارهم على تسليم جميع مواقعهم للنظام مقابل بعض المكاسب العينية وبذلك تم التضحية بالكانتون الأول بحسب تسميات PYD ومن ثم بدأت تركيا للتخطيط لعملية درع الفرات وتم بالفعل طرد التنظيم الإرهابي من مناطق جرابلس والراعي وشمال حلب بواسطة الفصائل الموالية وتغطية جوية تركية.

بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القضاء على جميع معاقل التنظيم في العراق وسوريا حتى سارعت تركيا عن طريق إدارة مخابراتها بإفتعال قصص وأعمال تخريبية في الداخل التركي واتهام خصومها بذلك والغرب يتفاعل مع هذه الإدعاءات وفقاً لمصالحهم فإذا كانت على النقيض منها فلا تصدق كما حدث مع إتهام تركيا لفتح الله كولان بالإنقلاب العسكري وحتى الآن لم تسلمه أمريكا لتركيا واذا كانت متماشياً مع مصالحهم فيصدقون عليها ولا يضحون بعلاقاتهم الإستراتيجية مع تركيا ووفقاً لهذا المآل إستطاع الرئيس التركي إقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الميكافيلي بالسيطرة على مناطق سري كانيية وكري سبي بمسافة 120KM وعمق 30 KM

بعد الإنتهاء من العمليات القتالية ضد التنظيم الإرهابي أدركت الإدارة الأمريكية إنها ستصطدم مع تركيا إذا بقيت مناطق شرق الفرات تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية فسارعت الى إرسال سياسين وموظفين من الدرجة الثانية والأولى أحياناً إلى المنطقة للتوسط بين المجلس الوطني الكوردي وأحزاب الوحدة الوطنية ينتج عنها إدارة جديدة تضم كافة الأطياف كنموذج لسوريا مصغرة ولكن جميع محاولاتها باءت بالفشل بسبب تدخلات حزب العمال الكردستاني ولم تستطع تطمين الجانب التركي والحليف الأطلسي العريق منذ الحرب الباردة وحتى الأن بالرغم من الخلافات الأمريكية والأوربية مع تركيا بمجيء حزب العدالة والتنمية ذات الميول الإسلامية وتغييرها للدستور التركي الا إنهم يحافظون على خيط التواصل.

يتكرر هذا السيناريو مع جميع الإدارات الأمريكية إذ لا بديل من بقاء القوات الأمريكية في سوريا ولا بديل عن إنشاء إدارة جديدة لشرق الفرات وقطع نفوذ حزب العمال الكردستاني فيها وفي كل مرة يفشلون موظفي الإدارة الأمريكية من إقناع إدارة PYD بالتخلي عن السيطرة المطلقة لإدارة المنطقة وفك الإرتباط مع حزب العمال الكردستاني ولا تريد الإدارة الأمريكية أن تضع نفسها في المواحهة المباشرة مع حليف الأمس في مواجهة الإرهاب وعندما تريد أن تضغط على إدارة PYD يكفي تلميح بسيط لتركيا المستعدة دائماً لضرب قوات سوريا الديمقراطية.

في كل مرة كانت تتأهب تركيا كان يأتي الرفض من الجانب الأمريكي بأن التدخل التركي سيقوض العمليات ضد التنظيم الإرهابي وفي المرحلة الأخيرة وفي فترة إنعقاد مؤتمر المجلس الوطني الكردي في مدينة قامشلو وبتدخل من الجانب الأمريكي تم الحصول على الإذن من قائد قوات قسد مظلوم عبدي للسماح بإنعقاد المؤتمر في أحد الصالات العامة الا إن قرار قيادة PKK كان فوق قرارات مظلوم عبدي ولم تعير أي إهتمام لوعود عبدي لموظفي الإدارة الأمريكية وبوجود إتهام من تركيا على ضلوع قسد في تفجيرات إستانبول فجاء الموقف الأمريكي واضحاً وصريحاً بأن من حق تركيا الدفاع عن نفسها بشرط أن لا يؤثر على الحرب ضد داعش أي سمحت لتركيا بضرب قيادات حزب العمال الكردستاني ومن ثم ضرب مواقع قسد في مناطق نفوذها ولكن بدون تدخل بري في شرق الفرات وخرق الطيران التركي للأجواء السورية لدفع قوات سوريا الديمقراطية إلى خيارين لا ثالث لهما وهما فك الإرتباط مع حزب العمال الكردستاني والمصالحة وبناء إدارة جديدة أو المصير المجهول أمام الضربات التركية لذلك لابد من الرجوع إلى الذات ووقف سيل الخسارات أمام تمدد القوات التركية والتي تسعى جاهدة إل وضع يدها على مناطق شاسعة من الجغرافية السورية بشكلٍ عام وقتل الحلم الكوردي في الحصول على حقوقه القومية المشروعة ولكي لا يتكرر تجربة إقليم كردستان العراق في كردستان سوريا أيضاً، فإذا كنتم دعاة أمة ديمقراطية فالشعب الكردي جزء من هذه الأمم التي تدّعون الدفاع عنها وإذا كنتم كرداً وتدافعون عن حقوقه المشروعة فعليكم الإنصياع للإرادة الدولية والتي تسعى جاهدة إلى نزع الذرائع من يد الإدارة التركية ومنعها من الغزو على الأقل لمناطق شرق الفرات ذات الأغلبية الكوردية وليعيش الجميع بأمن وسلام بعيداً عن القصف والدمار ومزيداً من التهجير وبناء كيان موحد من الكورد وجميع الإثنيات المتعايشة معه كنموذج لسوريا مستقبلية تضمن حقوق جميع مكوناتها بعيداً عن المحسوبية والتدخلات الخارجية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى