الطفل السوري الغريق “يثأر” من قاتليه
في ما يشبه الثأر من المأساة التي حلت به وأردته جثة هامدة على شاطئ تركي، وحولته إلى صورة “أيقونة” طبعت رحلات الموت السوري، عادت قضية الطفل السوري الغريق إيلان إلى الواجهة، إنما هذه المرة من على قوس العدل.
فقد بدأت محكمة تركية، الخميس، محاكمة سوريين اثنين متهمين، في حادث مصرع خمسة أشخاص بينهم الطفل السوري إيلان كردي، جراء غرق زورق كان يقلهم أثناء توجههم إلى إحدى الجزر اليونانية، تمهيدا للسفر لأوروبا في سبتمبر الماضي، في واقعة هزت الرأي العام العالمي.
ومثل أمام القاضي المتهمان السوريان موفق الباش وعاصم الفرهاد مع محامييهما، لكنهما رفضا كافة التهم الموجهة إليهما. وبغض النظر عن تورطهما فعلياً في تلك المأساة أم لا فإن النكران هو ما سيفعله العديد من المهربين بعدهما، كما سيرفضون تهم المشاركة في “قتل” أطفال سوريا وشبابها، قتل بطعم الملح، قتل بطعم الأحلام المجهضة التي أغرقتها الأمواج يوم ركبوا مركبا صغيرا، ظناً منهم أنهم سيصلون بر الأمان، فإذا بهم جثثاً مخطوفة اللون تتقاذفها الأمواج.
وعلى الرغم من أن قاتل هؤلاء لا يحمل اسماً واحداً وإن ثبتت التهم، لأن المتورطين كثر من النظام السوري إلى متطرفي داعش والنصرة الذين نبتوا كالفطر في سوريا، مروراً بالمجتمع الدولي الذي وقف عاجزاً عن صد الظلم والموت عن الآلاف ممن تشردوا وكانت لهم بيوت وديار وأهل، إلى المهربين والتجار، إلا أن المحاكمة تشكل أقلها خطوة أولى في درب المحاسبة ودفع ثمن “الاستخفاف” بأرواح البشر.
وفي تفاصيل قصة إيلان والمحكمة التي تنظر بالدعوى، اتهم الباش (أحد المتهمين)، عبدالله كردي، والد إيلان، الذي نجا من حادث غرق الزورق، بأنه “مهرب للاجئين”، نافياً أن تكون له هو أية علاقة بالحادث، وأنه لم يكن على متن الزورق أثناء غرقه، بحسب ما أفادت وكالة الأناضول.
وقال الباش أمام قاضي محكمة منطقة بودروم بولاية موغلا غربي تركيا: “قالوا لي عندما تصل مدينة بودروم، ابحث عن المهرب عبدالله الكردي، فهو مشهور، وكل الذين معي في محبسي يعلمون ذلك، عندما وصلت بودروم التقيت به في مطعم وكان معي عاصم الفرهاد وأشخاص آخرون يريدون الذهاب إلى اليونان، ومُنظم تركي لرحلات الهجرة ”
وفي نهاية الجلسة، قضى رئيس المحكمة القاضي يعقوب يلدز بتأجيل المحاكمة لعدم توافق إفادات المتهمين مع أقوالهم في النيابة العامة التي قامت بالتحقيق في القضية، التي وجهت للمتهمين تهما تصل عقوبتها إلى 35 عاماً.
أياً تكن التفاصيل التي ستروى خلال تلك المحاكمة، يدرك السوريون الذين “شلعوا” في أصقاع الأرض، أن عدداً كبيراً من المهربين خليط من الأتراك وأبناء بلدهم، ويدركون أيضاً أن لكل رحلة موت وقارب “تسعيرة”، ويعرفون أن العديد منهم اغتنى، وجمع أموالاً لا بأس بها من مآسيهم. هؤلاء كلهم ودموع أمهاتهم التي ذرفت قهراً “سينتقمون” يوماً، يوم يعود الحق إليهم وتنصفهم الأقدار.
العربية نت