العائلة والتفكك الأسري
ليلى قمر
في مجتمعاتنا الشرقية، والمصنّفة ضمن الدول التي يتمّ تعريفها – توصيفها بالعالم الثالث ، حيث يُلاحظ أنّ كلّ واحدةٍ منها وبحسب رؤيتها وآلية تطور وضعها ، ومعها الظروف الموضوعية التي لاتزال في كثيرٍ من قضاياها المجتمعية ، تدور حول نفسها في القضايا الهامة ، فتصول حول تلك القضايا في محاولةٍ يائسة للالتفاف على جوهر الأمور ، وبالأخص منها ما يتعلّق بخاصية المرأة وحقوقها ، هذه الحقوق التي ارتقت في عصرنا هذا ، خاصةً بعد دخولنا عصر المعلوماتية المنفتحة من جهةٍ ، وكذلك الآفاق التي باتت مشرعة الأبواب على مصاريعها في غالبية مجالات الحياة ، ومعها ظهور أو قوننة أنماط مختلفة عن السابق في ضبط العلاقات الأسرية من جهة ، والقوانين الناظمة والمتفاعلة بمرونةٍ كبيرة مع الأبناء ، ومنحهم حقوق ممارسة حياتهم المتحررة من ضوابط الأسرة التقليدية ، الأمر الذي باتت فيه ظواهر تفتّت الأسر ( حتى لا نقول تفرقها أو تفتتها ) ومن ثم تمرد الأجيال وفق السياق العمري وفق ضوابط محددة ، وبما يتوافق مع ما قوننته نظم الأسر في كلّ دولةٍ أو بيئة ، وهذا لا يمنع البتة – أقله في عودة إلى مناطقنا – إن تبقى المرأة خاصةً في مناطقنا أسيرة كثيرٍ من العادات والتقاليد ، وباتت حتى هذه الظاهرة تستخدم أو تسبّب نوعاً من الأرق والمشاكل الأسرية، وكذلك أزماتٍ تدفع بالشباب والشابات إلى اتخاذ مواقف انفعالية وقرارات مدمّرة كالضياع ورفقة أصدقاء سيئين يقودونه إلى شتى الممارسات السيئة من الإدمان و السرقة والعطالة، كما التسيّب من التعليم وما شابه ، وقد يدفع الأمر بالشابات والشباب إلى الفرار من الجوّ الأسري ومرافقة أهل السوء والانخراط معهم في ممارسة كلّ الأعمال المنحطّة التي تقوده بكلّ بساطةٍ الى عالم العصابات والجريمة ، وهي ذات الحالة التي تعرّضنا لها سابقاً بخصوص الفتيات؛ وما يمارَس بحقهنّ من الانتهاكات الجسدية من خلال تحرش الأهل والتي دفعت بالكثيرات للتحول إلى عاهرات وماشابه.
إنّ التفكك الأسري في عصرنا ومع الانفتاح العام هذا ،من خلال السوشيال ميديا ، وحسب ما يؤكّده غالبية المشتغلين والمهتمّين في هذا المجال يؤكّدون ، لابل يحمّلون الأهل والنظام الأسري الذي يتصدّع ويتفكّك بشكلٍ مذهل مسؤولية ما يحدث لأولادهم ، وكذلك ما يتراكم من سلوكيات شاذة وغريبة عن كلّ أشكال وبنى العلاقات الأسرية، وبالتالي المشاكل الاجتماعية التي توجّهت في غالبيتها لتصبح أمراضاً مستفحلة ومستعصية الحل يُفرض على المجتمعات تداركها وايجاد الحلول المناسبة لحلّها ، وتوفير البيئات المناسبة لضبط كثيرٍ من السلوكيات من جهةٍ، وتوجيه الأجيال منذ الصغر لفهم آلية ضبط وقوننة البنى المجتمعية، وإيجاد أو التأسيس لأرضية توافقٍ حقيقي بين القوانين المجتمعية والضبط الذاتي للاستفادة المثالية مما توفّره المستجدات، بما فيه خدمة المجتمعات ككلٍّ.
إنّ الضبط العقلاني لكثيرْ من الممارسات وكذلك السعي لبلورة أو الخضوع لدورات توعية اجتماعية مختصة بالتدريب على التعامل المسلكي ضمن الأسرة والمجتمع من جهة ، والقوننة المنفتحة أيضاً والمرتكزة أصلاً على قاعدة وعي متّقدٍ تستطيع ممارسة دورٍ ريادي تقود بها شخوص الأسرة وتنمّيهم وفق ضوابط وأيضاً غير متزمّتة ، ستنمي بالتأكيد نفوساً في المستقبل منفتحةً أيضاً تفهم المفيد لها من الطالح .