آراء

العرب وفوبيا الانفصال الكوردي

فرحان مرعي

إن البنية الثقافية والفكرية عند معظم العرب والرغبة في السلطة والاستبداد نابعة من الموروث الثقافي والتاريخي القائم على الدولة المركزية والتي لا تقبل القسمة، ولا تتجزأ ، لذلك دائماً هناك خوف وفزع عربي من التعدد والاختلاف الذي يعني عندهم إضعاف هيبة الدولة والسلطان وسحب السلطة المطلقة من يده، ليس خوفاً على السيادة الوطنية، إنما حرصاً على السلطة والحفاظ على نزواته الشخصية ومكتسباته وامتيازاته .

هل العرب امة واحدة؟ وهل من دون قيام الدولة الكردية ، العرب امة واحدة، ومستقرة، وخالية من الاضطرابات ، هل هناك دولة قطرية عربية واحدة منسجمة ومستقرة؟ إن معظم الدول العربية مقسمة أو تتجه نحو التقسيم، بسبب الديكتاتورية والاستبداد والتخلف مثل : العراق ، لبنان ، سوريا ، السودان ، ليبيا ، فلسطين ، اليمن وغيرها ، والسلطة في جميع الدول العربية استبدادية، قمعية، وعندما يطالب أي شعب أو قومية ضمن هذه الدول، بالحرية والديمقراطية والحقوق ، يتهم بزعزعة امن البلاد وإضعاف هيبتها ووحدتها الوطنية أو اقتطاع جزء من أراضيها ، ويتعرض للإبادة والقتل والتهجير ، كما حصل للكورد في العراق ويحصل لهم الآن في سوريا . في جميع الأدبيات ومناهج التعليم العربية ولمدة مائة سنة اعتبر العرب اتفاقيات سايكس – بيكو مؤامرة دولية، ولا بد من إلغائها، هكذا تم شحن وتلقين الناس والطلاب في هذه البلاد ،ولكن عندما يلامس الأمر القضية الكردية يريدون الحفاظ على سايكس – بيكو ؟! الملاحظ إن هناك خوف وفزع عربي دائم من الانفصال الكوردي ليتحول إلى مرض نفسي وخوف غير طبيعي .

الكورد وعبر معظم مراحل تاريخهم كانوا هم الطرف المعتدى عليه والمظلوم ، لم يختار بحريته وإرادته الدولة والنظام الذي يحكمه، بالعكس فرض عليه شكل ونموذج الدولة والحكم الذي يريده الطرف الآخر المعادي لطموحاته، بل أكثر من هذا تشتت وطنه والحق قسراً بالآخرين ، وعليه دائماً وحتى يحظى بقبول الآخر أن ينكر ذاته، فإما أن يقول أنا عربي أو تركي أو فارسي أو يتعرض للإبادة والقمع والإقصاء والإنكار ، واليوم عندما يطالب الكوردي بخصوصيته القومية، و انتمائه إلى الأمة الكردية، كما يعلن العرب انتماءهم للعروبة و يفتخرون به، يواجه برفض مطلق، ويتهم بالخيانة والانفصال والخروج عن الخط الوطني ، انه مرض عربي بامتياز اسمه الخوف من الانفصال الكردي .

المقالة منشورة في جريدة يكيتي العدد 277

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى