آراء

العلّامة والشيخ ملا علي داري في ذكرى رحيله

إدريس شيخة

إذا أردنا أن نستذكر روح التاريخ الكُردي لابدّ لنا أن نذكر المناضل الكُردي العلّامة سيدايي ملا علي داري، الذي حطّ رحاله في يوم الخميس 20/تموز/2017عن عمر ناهز 87 عاماً، تاركاً وراءه إرثاً كبيراً ومشرقاً، دينياً، وسياسياً، واجتماعياً، وأدبياً، كما أنه عُرِف كمثقف وطني ذي رؤية علمانية، إذ ربّى أبناءه على محبة اللغة والأدب الكُرديين والإخلاص لقضية شعبهم.

كرس حياته للعلم والمعرفة منذ نعومة أظفاره، وواجه مصاعب الحياة لنيل العلم على يدِ علماء الدين في مسيرةٍ شاقةٍ حتى أنهى دراسته الدينية، كما مارس الحياة السياسية منذ ستينيات القرن الماضي حينما قدّم استقالته الحزبية بعد أن تقدّم في السن ، ليفسح المجال أمام الجيل الجديد.

حفظ ملا علي داري قصائد جميع الشعراء الكلاسيكيين الكُرد عن ظهر قلب، وغنّاها إنشاداً،وسرداً ومن هؤلاء: جزيري، وخاني، وفقه تيران، وماجن، ومينا، وسيابوش، وشيخ عبدالرحمن الآختبي، إضافة إلى جكرخوين، وتيريج.

كان رحمه الله متواضعاً طيب القلب ، وظلّ بابه مفتوحاً طوال حياته لمحبي ومتذوّقي الشعر والأدب والفن، خاصةً أصدقاءَ ابنه عبدالسلام داري، الذي انتهج مسيرة والده، ولم تفرغ زوّادته الأدبية من العطاء حتى وهو على فراش المرض بإلقاء القصائد والأشعار وبثها مباشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

برحيله،خسرت المكتبة الكُردية رجلاً غزير المعرفة غنيَّ الميراث ، أجبرته ظروف الحياة على ترك مسقط رأسه في كُردستان تركيا إلى كُردستان سوريا، ثم أرغمته ظروف الحرب إلى ترك مدينته قامشلو إلى مدينة دهوك في كُردستان العراق، حيث وافته المنية هناك.

كان سيداي ملا علي محبوباً ومحط احترام الناس وتقديرهم وله شعبية واسعة لذا كان دائم التردد على منازل أهله وجيرانه وأقربائه و أصدقائه، وكانوا يستشيرونه في الكثير من القضايا الأسرية والاجتماعية ، فقد كان ذو رؤية ثاقبة وبعيدة النظر.

لقد كان صادقاً مع نفسه ومع كلّ من حوله لذا كانت رغبته أن يترك سيرةً ذاتية خالية من التزوير والتسييف والتغير بتغَيْر الأزمنة وتعتقها فقام رحمه الله بكتابة سيرته الذاتية بخط يده وهذا سردٌ لما كتبه بنفسه

هذه نبذة من تاريخ حياتي أنا علي بن محمد علي بن أسعد ابن شيخو ابن حسين ابن عيسى إلى هنا أعرف أجدادي فقط .

ولدت في قرية دارى في كُردستان تركيا بتاريخ 1930 وعندما أصبحت في الثامنة من عمري ذهبت إلى المدرسة في القرية المذكورة درست فيها ثلاث سنوات وعندما نجحت إلى الصف الرابع تركت المدرسة، وبعدها انتقل أبي الى رحمته تعالى بقرية دارى. بقينا أنا وأخوتي، فذهبنا إلى سوريا- الى قرية كليجه- القريبة من مدينة عامودة.

وبعدها بدأت بالدراسة الدينية فدرست في قرية خالد عند الأستاذ ملا عبد الرزاق سنة واحدة وبعدها ذهبت الى قرية جولبستان “لأدرس على يدي” الأستاذ ملا اسماعيل ودرست عنده أيضاً سنة وبعدها ذهبت الى قرية مريشكى عند الأستاذ ملا محمود بزكوري ودرست عنده سنتين وبعدها ذهبت الى قرية آفكيرا عند الأستاذ ملا عبد الله القرطميني درست عنده خمس سنوات، وهكذا أكملت دراستي الدينية.

وبعد أن أكملت دراستي ذهبت الى قرية قاسمية وصرت إمام القرية. وفي سنة 1960 انتسبت الى حزب البارتي الديمقراطي الكُردستاني في سوريا. آنذاك كان الحزب موحّداً وبقيت مع الحزب الى 1965 وحين صار الانشقاق في الحزب- وتحوّل إلى-: يمين ويسار، بقيت أنا مع اليمين حتى 1972 وحينما انعقد مؤتمرنا بقرية قوتكي وحدث الاختلاف بيننا تركت العمل في الحزب.

في عام 1973عبرنا الحدود الى كُردستان العراق أنا وإلياس رمكو وبعض الرفاق الآخرين وعقدنا مؤتمراً هناك وعلى أثره تمّ تشكيل الحزب الديمقراطي الكُردي في سوريا (البارتي) ناضلت في الحزب حتى عام 1980حيث حدث الانشقاق في الحزب لذا انضممت إلى حزب الاتحاد الشعبي الكُردي وبعد حدوث الانشقاق في الحزب بقيت مع حزب يكيتي الكُردي جناح فؤاد عليكو حتى عام 2010 وبعدما كبرت في السن وثقل جسمي ولم أعد قادراً على القيام بالواجبات الحزبية قدّمت استقالتي من الحزب الى هنا انتهى الكلام والسلام.

الخلود لذكرى الشخصية الوطنية سيدايي ملا على داري في ذكرى رحيله السادسة.

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “310”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى