
الفيدرالية الكُردية في سوريا مشروع واقعي لوحدة مستقرة
صباح حمدو
في خضم التحولات الكبرى التي تعصف بسوريا، وبعد أكثر من عقدٍ من الصراع و المعاناة تبرز الحاجة الملحة إلى عقد إجتماعي جديد، ينهي عقوداً من التهميش ويؤسّس لوطن عادل يتسع لجميع أبناءه.
وفي هذا السياق، من المفترض أن يتقدّم الوفد الكُردي الموحّد برؤية واضحة وصريحة(( سوريا دولة اتحادية لامركزية( فيدرالية )
تقوم على أسس ديمقراطية تحفظ وحدة البلاد وتكفل الحقوق القومية المشروعة للشعب الكُردي)) .
لقد أثبتت التجربة أنّ الدولة المركزية فاشلة ولا تجلب سوى الاستبداد والتهميش والانفجار. أما الفيدرالية التي تمارس في أكثر من خمس وعشرين دولة حول العالم ليست شكلاً من أشكال التقسيم كما يصوره البعض بل ضمانة للوحدة و الاستقرار والعدالة وعليه فإنّ طرح خيار الدولة الفيدرالية أو الاتحادية كحل دستوري يستند إلى الواقع الجغرافي والديمغرافي يخدم مصلحة الجميع في سوريا.
يمتدّ الحضور الكُردي التاريخي في سوريا إلى حقبة طويلة من الزمن من جبل الأكراد( عفرين) غرباً مروراً ب كوباني وصولاً إلى قامشلو و ديريك في أقصى الشرق وهذا الشريط المتصل ليس مجرد تجمع سكاني بل منطقة لها خصوصيتها الثقافية واللغوية و الإدارية، تعرضت لعقود من السياسات التهميشية و التغيير الديمغرافي القسري بالإضافة لتوزعه في كلّ المدن السورية ومشاركته في الحياة اليومية في كافة النواحي.
هذا المشروع لا يدعو إلى إقصاء أحد من مكونات هذه المناطق من عرب وسريان و آشوريين وتركمان بل هو طرح لنموذج ديمقراطي يضمن الحقوق الجماعية والفردية للجميع في ظل إدارة منتخبة تشرف على الشؤون التربوية والثقافية والاقتصادية والخدمية.
مشروع الدولة الفيدرالية أو الاتحادية ومن ضمنها المشروع الكَردي الأنف الذكر لا يطلب أمتيازات بل يرفع الظلم و يعيد التوازن من خلال الإعتراف الدستوري بالشعب الكُردي كمكون رئيسي في البلاد واعتماد اللغة الكُردية لغة رسمية في المناطق الكُردية( الأقليم الكُردي) و تمثيل سياسي وإداري متكافئ في مؤسسات الدولة و تصحيح المظالم التاريخية من حرمان الجنسية إلى سياسات التعريب و التغيير الديمغرافي في المناطق الكُُردية.
إنّ مشروع الفيدرالية لا يهدّد وحدة سوريا، بل على العكس تماماً يحميها من التفكك، عبر تقاسم عادل للسلطة والثروة و إعتراف متبادل بين المكونات ومن هنا ندعو شركاء الوطن من القوى السياسية والمجتمعية السورية إلى تحمل المسؤولية التاريخية بعقلانية و حكمة.
فنحن الكُرد لسنا طلاب تقسيم أو امتيازات بل طلاب كرامة وعدالة، نطرح مشروعنا بكلّ صراحة و شفافية ونمدّ أيدينا للحوار والنقاش من أجل بناء سوريا حرة مستقلة ديمقراطية اتحادية فيدرالية يتساوى فيها الجميع بلا تمييز.
المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “332”