الكرد – المعارضة – النظام
يكيتي ميديا_Yekiti Media
محمد رمضان
منذ وصول حزب البعث العربي الاشتراكي إلى سدة الحكم في سوريا عبر انقلاب عسكري قاده حافظ الأسد مع مجموعة من ضباط البعثيين في بداية الستينات من القرن المنصرم عمل على تكريس ثقافة أحدية البعد وقائمة على تبجيل القائد،وأتخذ من القومجية ومواجهة (الامبريالية العالمية) ذريعة للبطش لأي فرد تسول له نفسه بمجرد الحديث بعبارات تحمل شيء يسير من السياسة أو التنظير ،وعمل على ترسيخ ثقافة إلغاء الأخر بامتيازالى حد تقسيم المحافظات السورية إلى موالية وغير موالية وتأتي في المقدمة محافظتي درعا ودير الزور،ناهيك الحديث عن باقي المكونات ..الكردية والتركمانية ،وجند في هذا المضمار عتاة الفكر العنصري أمثال سهيل الزكار وأخرين الذين سعوا مشكورين إلى تزييف الحقائق التاريخية واطلاق عبارات عنصرية لا تخلو من تسفيه الأخر واحتقاره واتهامهم بالعمالة أو الخطر على أمن الدولة القومية الرائدة في صناعة القومجية الفجة وقلعة التصدي والصمود في وجه الامبريالية العالمية والصهيونية، وأضيف إلى شعاراته في منتصف الثمانينات ما اسموه ‹العهد›آنذاك وأصبح شعاراً يردده الأطفال في المدراس وحتى الجنود والضباط في قطعات الجيش«عهدنا أن نتصدى للإمبرياليةوالصهيونية وعصابة الإخوان المسلمين العميلة ».
لكن لم يشأ البعث أن يظهر الصراع طائفياً، لكن بغية إخفاء نفسه وطائفته عمد إلى محاربة الدين جملة وتفصيلاً بلا مسميات، الأمر الذي يجعل الشعب السوري لوناً واحداًأمام آلة القمع التي صنعها البعث،وكان من أولى الخطوات التي قام بها تغيير المناهج الدراسية وابتداع هرطقة الحدود السياسية والحدود الطبيعية وخارطة مؤقتة وخارطة في طور النضال للوصول إليها وتدريس التربية القومية وأدبيات حزب البعث في مختلف المراحل بغية بناء أجيال محشوة بالعنصرية تجاه كل من يخالفه الرأي او العرق أو الدين.
لعل المكون الكردي جاء في المقدمة ليواجه مصيره ويتحمل عناء السياسات المستحدثة، أولها الإنكار المطلق لدوره في بناء الدولة السورية ، وتبيض مرحلة النضال ضد الاستعمار لصالح طوائف ومبادئ سوريالية غامضة،على سبيل المثال الثورات التي قام بها الكرد ، إذ لم تذكر في تاريخ سوريا لا تلميحاً ولا تصريحا ،انتفاضة بياندور في بلدة تربي سبيه المعربة إلى القحطانية في شمال شرق البلاد، وانتفاضة عامودا التي على إثرها تم قصف المدينة من قبل طيران سلاح الجوي الفرنسي لمدة سبعة أيام، وما حصل في مدينة كوباني/عين العرب، شمال البلاد، حيث قام الفرنسيين بحرق المنازل الأهالي اللذين تمردوا ضدهم، كذلك دور شخصيات الكردية المؤثرة في حالة السورية أمثال، يوسف العظمة ومحمد علي العابد وابراهيم هنانو وغيرهم الكثير من الشخصيات التي قدمت الكثير من أجل بناء الدولة السورية الحديثة.
هنا كان رد المعروف من قبل حكومة البعث لتلك الشخصيات بحق أبناء جلدة عدم قبولهم في الإدارة البلاد عسكرياً وسياسياً حتى أخذت الأمور أبعاداً أكثر من ذلك بإصدار مراسيم وفرمانات وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة اليومية حيث بات اللغة الكردية محظورة في أماكن العامة وأصبحت اللغة المنزلية لا أكثر، ومع ذلك حافظ الكرد على للغتهم الأم كذلك زج الشباب الكرد في السجون للسنوات طويلة مجرد حملهم في جيوبهم روزنامة تحمل في طياتها كتابة باللغة الكردية، غير ذلك لم يتوقف الشباب الكرد عنن ممارسة العمل السياسي المحظور.
نجد أن المعارضة التي رافقت الحالة السورية لا تختلف من النظام نفسه،و الأنكى النظام يمتلك أدبيات في تسويق سياساته ومبادئه بينما المعارضة تعتمد الانشاء والارتجال وسيلة لتسويق نفسها،وتبدو وكأنه الوجه المشوه للنظام،من خلال دعوات التعبئة الشعبية ضد الكرد وترويج لأكاذيب على إنها حقائق تاريخية، وصل الحد إلى استحضار تاريخ صلاح الدين الايوبي والمحاولة على نفي انتمائه القومي، ولعل هذا هو الافلاس الاخلاقي في أجلى صوره،رفض المطلق للحقوق الكرد في سوريا حتى ذهب بعضهم إلى إنكار وجود الكرد في سوريا كقومية وتبرز هنا نجاح النظام بتكوين المعارضة طبق الأصل لها،لا بل كل ما سبق يؤكد لنا أن النظام ما زال فتي وقادر على صناعة شتى الهياكل والدمى باسم المعارضة والمضي قدماً صوب بناء دولة مركزية قمعية طائفية، لا بل يمكننا القول النظام والمعارضة معا يسعيان غلى صناعة مستعمرة وليست دولة مدنية أو أي أشكال للحكم في التاريخ المعاصر