آراء

الكرد في سوريا نحو المجهول

يكيتي ميديا_Yekiti Media
محمد رمضان
يعتبر الكرد في سوريا ثاني أكبر قومية في البلاد بعد المكون العربي, ويعيشون في الجزء الشمالي ويطلقون عليه اسم ’’ كردستان سوريا ’’ وهي ثلاثة مناطق رئيسية ’’ عفرين وكوباني المعربة إلى ’’عين العرب ’’ والجزيرة ’’ وكذلك يعيشون في المدن الكبرى مثل حلب وأطراف العاصمة السورية ’’ دمشق ’’ وهم الشريحة الأكثر معاناة من الاستبداد والظلم على يد الحكومات المتعاقبة التي حكمت البلاد خلال الفترة الماضية ,وطبقت بحقهم أبشع المراسيم والقوانين الجائرة مثل’’الحزام العربي والإحصاء’’ وغيرها من القوانين الأخرى وكان للحزام واقع مأساوي على الكرد تم بموجبها جلب المكون العربي من محافظتي حلب والرقة و إسكانهم في القرى الكردية بهدف التغيير الديموغرافي للمناطق الكردية ,و الإستلاء على أخصب الأراضي الزراعية فيها . وتم ذلك بحسب توصيات محمد طلب الهلال التي تنص على عدة نقاط أهمها أبعاد الكرد عن شريط الحدودي مع تركيا والعراق أو ما يسمى بخط العاشر بغية قطع الحبل السري بين الكرد في كل من تركيا والعراق إبان ثورة ’’ملا مصطفى البرزاني ’’ في بدايات السبعينات من القرن المنصرم في كردستان العراق .
حيث تم تجريد حوالي 200ألف كردي من الجنسية السورية بموجب إحصاء جرى في محافظة الحسكة عام 1963مما أضافت فصلا أخرا من المعاناة اليومية للكرد كحرمانهم من العمل في مؤسسات الدولة وحق التعليم والسفر ومن المضحك ورود اسم رئيس أركان الجيش السوري آنذاك ’’اللواء توفيق نظام الدين ’’ كونه كردي من مدينة القامشلي ضمن قائمة المجردين من الحقوق المدنية ,ولم تتمكن التيارات السياسية الكردية على إحداث أي تغيير حيال قواعدها الجماهيرية ,منذ إعلان أول تنظيم كردي في صيف 1957علي يد مجموعة من الطلاب والمثقفين الكرد بمساعدة بعض الطلاب الكرد من أجزاء كردستان الأخرى بوضع برنامج سياسي ونظام الداخلي لها أمثال ’’ جلال الطلباني ’’ رئيس الجمهورية العراقية السابق أنذاك حيت كان طالبا في كلية الحقوق بجامعة دمشق, وبقي هذا التنظيم عاجزا على ايجاد مفردات مؤثرة في بنية خطابها السياسي لمواجهة الشوفينية الصماء التي امتازت بها الحكومات السورية المتعاقبة في ظل الايدولوجية نفسها القائدة للدولة والمجتمع ,اذ بقيت الدولة في قبضة حديدية محكمة أركان ,والمجتمع القابع في ظل القوانين الاستثنائية الصادرة من عقلية حزب الواحد و ضياع الكرد في سوريا وخروجهم حتى الآن بدون مكاسب او انجازات على الصعيد السياسي او الثقافي ,وباعتقادي يتحمل التيارين اللذان كانا يعملان وفق تفاهمات خاصة بعيداً عن القضية المركزية النصيب الأكبر حيال هذه المسؤولية الأخلاقية ,فحركة المجتمع الديمقراطي ’’ تف دم ’’ المنضوي تحت راية حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يقال عنه الجناح السوري للحزب العمال الكردستاني في ’’تركيا’’ الموالي للنظام السوري ,والذي لم يحقق أي مكسب للكرد على الأرض الواقع حتى هذه اللحظة ,عدا أمتيازات حزبوية ضيقة لا تذكر ولا ترقى الى مستوى الانجاز السياسي في ادنى مستوياتها , والطرف الآخر – المجلس الوطني الكردي الذي يضم حزبين الرئيسين هما حزب الديمقراطي الكردستاني السوري وحزب يكيتي الكردي في سوريا وبعض الأحزاب الكردية الأخرى – لم يكن هذا الجانب تمتلك الأدبيات والأدوات اللازمة لبناء تحالف متين مع قوى المعارضة الأمر الذي اضعف موقفهم حتى على مستوى التصريحات التي تطغى عليها سمة الاجتهاد الشخصي والارتجالية الواضحة, وفي الحالتين لم يحصل الكرد في سوريا عبر الطرفين على اعتراف موثق بحقوقهم لا من النظام ولا من المعارضة وحتى الأطراف الحزبية لا تعلم إلى أين متجهة وليس لديها برامج سياسية مدروسة وعملية وبعيدة كل البعد عن المشروع الوطني الكردي السوري ,وهنا يمكننا القول بأن المجتمع السوري ما زال في طور الانسلاخ من المرحلة القاتمة في ظل حكومة البعث , ولعل جنيف 3 باتت كنموذج لتعرية العقلية السياسية وأبعادها الأخلاقية في المجتمع السوري ,وبالتالي اثبتو فقط الفرضية الجدلية وهو أن الشعب السوري ما زال ضحية نفس العقلية المخصبة للقوانين الاستثنائية والانكفاء على النفس والاستحواذ على الأدبيات الدالة على الاحتكار وتهميش الأخر ,وربما تكون هذه نتيجة طبيعة الإرهاصات المرحلة السابقة ,أذ بات مجرد ذكر مكونات الحقيقة للمجتمع السوري أمر مقحما في السرد مثيرا لحفيظة البعض واستفزازهم بدون أية وجه حق ..عدا الثقافة والتربوية الايدولوجية للمرحلة السابقة ..فهل نحتاج إلى جيل سوري جديد كي يكون قادرا على صياغة أدبيات قادرة على الحفاظ على سوريا مجتمعا ودولة !ويبقى للكرد خيار الوحيد وهو العودة إلى الكفاح السياسي من جديد وانتظار فرص أخرى للخوض معارك سياسية في المحافل الدولية بصورة أكثر جدية وحكمة ,بعد ما تخلى عنهم دي ميستورا في وثائقه التي لا تحمل أبعاد أخلاقية ترقى إلى مستوى الصكوك المتعلقة بحقوق الإنسان التي ما برحت هيئة الأمم تنتجها وتفرزها بصورة طاغية في العبثية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى