آراء

المثقفون والفكر القومي الكُردي – سورية والأردن نموذجاً –

محمد زكي أوسي

ليس بخافٍ على أحدٍ أنّ المثقفين الوطنيين لهم الدور الأبرز في توعية الجماهير وتعريفها بحقيقة ما عليه الواقع المحتاج
للتغيير والتطوير نحو الأفضل, ومن ثم تهيئة هذه الجماهير للعمل والنضال في سبيل الحقوق المشروعة والحياة الأفضل.
– المثقفون الكُرد في سورية التفوا حول مجلتي (هاوار و روناهي) وهما بمثابة مدرسة لإعداد الأدباء والمثقفين أصحاب الأقلام المنتجة والمهتمين بالجانب الثقافي والأدبي, ومن خلال هاتين المجلتين وعيرهما من المطبوعات كانت النهضة الأدبية واللغوية والثقافية الكُردية التي قادها كلٌ من المرحوم الدكتور الأمير كاميران بدرخان وشقيقه الرائع الأمير جلادت بدرخان.

ففي ثلاثينيات القرن العشرين نُقِلَت مجموعة من المثقفين الكرد إلى دمشق من قبل الفرنسيين, بقصد إضعاف الشعور القومي لديهم ، ولكنهم فشلوا, ففي هذا الوقت تأسّس نادي ثقافي كُردي باسم (نادي هنانو) من قبل الشخصية البارزة (بهاء الدين وانلي) وانضمّ إليه العديد من الشباب الكُرد.

وفي عام 1939م تأسّست في حي الأكراد بدمشق جمعية (يه كيتي خورتان) اتحاد الشباب وكثر أعضاوها وخاصةً عندما اندمجت هذه الجمعية مع النادي الثقافي وغيّرت اسمها إلى (نادي كُردستان) بمعاونة المناضلين الدكتور نور الدين ظاظا وعثمان صبري وأدّت هذه الجمعية دوراً ثقافياً وأدبياً بارزاً وفتحت الدورات لتعليم اللغة الكُردية وانبثق عنها كذلك فريق رياضي لكرة القدم (فريق كُردستان) وكان له دور بارز في مجال هذه الرياضة.

– قبل هذا في عام 1932م تأسّست في الحسكة (جمعية المساعدات وإعانة فقراء الكُرد) من قبل كلٍٍّ من حسن حاجو آغا -عارف عباس – جكرخوين – د. أحمد نافذ – المناضل عبد الرحمن علي يونس – حمزة بك مكسي مؤسّس مديرية المعارف في الحسكة ورائد حركة التعليم فيها – أمين أحمد برنحياني – عثمان صبري, وكانت أهدافها فتح المدارس – بناء المستشفيات وجمع التبرعات لمساعدة الفقراء.

– وفي منتصف الثلاثينيات افتتح (نادي جوان الكُردي) في عامودا حاضرة الكُردايتي بإشراف محمد علي شويش وبإدارة الشاعر الكبير جكرخوين الذي كان يُعلّم الطلبة الأشعار الكُردية إلى جانب مجموعة من الأساتذة لإلقاء الدروس باللغة الكُردية (ولدى الاصطفاف كانوا يرفعون العلم الكُردي ويردّدون الأناشيد الكُردية القومية, وفي عام 1950م تأسّست جمعية (انبعاث الثقافية الكُردية) من قبل عثمان صبري – حميد درويش – مجيد حاج درويش – محمد صالح درويش – خدر فرحان عيسى وعادل وسعدالله إيبو من جبل الأكراد ولم تستمرّ هذه الجمعية سوى سنة واحدة وأصدرت كتاب بعنوان (صفحات من الأدب الكُردي) بمساعدة روشن بدرخان, وفي عام 1951م تأسّست في حلب جمعية ثقافية بصورة سريعة من قبل المناضلين رشيد حمو – شوكت حنان – محمد علي خوجة – قادر ابراهيم, وكان هدفها نشر الثقافة والروح القومية بين الكُرد.

وفي عام 1953م تأسّست جمعية (اتحاد الشباب الديمقراطي الكُردي) في القامشلي من قبل خيرة شباب الكُرد المناضلين : الأستاذ محمد ملا أحمد – عبد العزيز علي عفدي – درويش ملا سليمان – عبد الله ملا علي – سامي نامي, وكانت تهدف إلى تحرير ووحدة كُردستان وأنّ الديمقراطية طريق الوصول إلى الحقوق القومية, وفتح المدارس باللغة الكُردية وتشكيل الجمعيات الخدمية والثقافية والاجنماعية ومساندة حقوق المرأة, وكانت تنشر بياناتها بخط اليد.

وفي عام 1956م بحلب وفي منزل الدكتور نوري دير سمي تأسّست جمعية (المعرفة والتعاون الكُردية) وضمّت الهيئة التأسيسية الدكتور نوري دير سمي – الأميرة روشن بدرخان – حسن هشيار – عثمان صبري – حيدر محمود كنجو, وعملت الجمعية على مساعدة فقراء الكُرد وتميّزت بعلاقاتها الواسعة ومنها علاقاتها مع حزب (أيوكا) اليوناني ووصلت أخبار ومنشورات الجمعية إلى الأستاذ قناني كردو في الاتحاد السوفيتي واستمرّ عمل هذه الجمعية سنتين ثم انحلّت بطلبٍ من مؤسّسي الحزب الديمقراطي الكُردستاني في سوريا.

– في عام 1957م تأسّس اتحاد الطلبة الكُرد في دمشق وعُقِدَ أول اجتماع في منزل مقداد بك وجميل باشا وضمّ هذا الاتحاد أعضاء من كُرد سوريا والعراق وضمّت الهيئة الإدارية علي فتاح دزه يي رئيساً – عزالدين مصطفى رسول سكرتيراً وعضوية كلٍّ من حميد درويش – قاسم مقداد – جميل باشا – عمر محي الدين شريف – مؤيد عبد الغفار نقشبندي – صبحي رشو – اسماعيل عبد الحنان – خليل محمد – عبد العزيز نادر, وفي عام 1934م عُقدَ في بيريفان مؤتمر عن الشؤون الكُردية وكذلك في أوربا تأسّست مجموعة كبيرة من النوادي والجمعيات والمراكز الثقافية التي أصدرت العشرات من الجرائد والمجلات, ومن الجدير ذكره أنه في تهاية الخمسينيات وبداية الستينيات أغلِقت جميع الأبواب أمام الأدب والثقافة والفولكلور الكُردي, حيث بدأت العنصرية تذر قرنها حتى وصلت سوريا إلى ما عليه الوضع الآن.

المثقفون الكُرد في الأردن: تشتت الكُرد في كافة أنحاء العالم لأسبابٍ عديدة, وكلما سنحت لهم الفرصة مارسوا دورهم واثبتوا وجودهم, ومن هذه الدول المملكة الأردنية الهاشمية التي ظهر مثقفون كُرد كبار فيها.

– ففي المجال الثقافي ساهم الكُرد في الأردن في الحركة الثقافية والأدبية والفكرية وفي مقدمتهم الكاتب الكبير سعد جمعة رئيس الوزراء 1967م حيث كتب عشرات المقالات في الصحافة, وأصدر عام 1947م جريدة (الحق) وألّف كتب فكرية منها (مجتمع الكراهية – الله أو الدمار – معركة المصير – أبناء الأفاعي..) وألّف المرحوم علي سيدو الكوراني أول كتاب عن أدب الرحلات وطبع عام 1939م في الأردن بعنوان (من عمان إلى العمادية) وصنّف كتاب عن التعليمات العظيمة وفي عام 1985م ألّف قاموس (كردي – عربي) بالإضافة إلى كتب أخرى تأليفاً وترجمة, وكان عضواً بارزاً في المجمع العلمي الكُردي في بغداد.

أما الدكتور محمد علي السويركي الكُردي رئيس اتحاد الأدباء والكتاب والصحفيين الأردنيين فقد ألّف أربعة كتب عن تاريخ الأردن وكذلك كتاب (الكُرد في بلاد الشام ومصر) وكتابه الرائع عن المشاهير الكُرد في أربعة مجلدات منذ القديم وحتى الآن, وفي المجال الديني هناك الشيخ محمد سعيد الكُردي, وفي مجال المسرح والإخراج الإذاعي برز اسم زياد الكُردي والوجه التلفزيوني ايمان ظاظا والإذاعي المعروف صاحب برنامج البث المباشر الأستاذ خلدون الكُردي والمذيعة مديحة المدفعي واشتهرت كذلك السيدة منيفة بنت بابان الكُردي زوجة الشاعر الأردني مصطفى وهبي التل (عرار) وأنجبت للأردن أعظم رجالاته وصفي التل رئيس الوزراء ولا ننسى الإشارة إلى العالم والطبيب الكبير الدكتور (أشرف الكُردي) مدير مدينة الحسين الطبية والطبيب الخاص للرئيس ياسر عرفات ومن ثم وزيراً للصحة وهذا غيضٌ من فيضٍ, وهدفي بيان أننا أمة بناءٌ وليس عامل دمار.

المقالة منشورة في جريدة يكيتي العدد 299

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى