المجلس الكُردي في مهب الحملات المغرضة
عبدالله كدو
يتعرّض المجلس الوطني الكُردي راهناً لحملة شعواء من قبل جهات مغرضة رغم كل ما تعتري المجلس من نواقص تستدعي التصحيح ذلك مع التقدير والاحترام للأقلام الخيّرة المسؤولة، التي تتناوله بالنقد البناء والتقييم بقصد الإصلاح.
إنها حرب نفسيّة ضد المجلس ومشروعه الكُردي والغاية غالباً هي صرف الأنظار عن الساحة الكُردية في سوريا نحو خارجها، بما يفيد النظام واستطالاته، فالمجلس يفكّر بعقل كُردي، ويعكس فكر ومصالح الكُرد في سوريا، ويقدّر خصوصيّة ومصالح أبناء جلدتنا من الكُرد، ويتضامن مع حقوقهم المشروعة في باقي أجزاء كُردستان.
أما استهداف حزب هنا وقيادي هناك من المجلس، فهي تكتيكات عدوانيّة مدروسة ومنتقاة غايتها فتح ثغرات في جسد المجلس وتحطيم العقل الكُردي السوري.
لذا على الشرفاء أن يتصدوا لهذه الحملات، وأن يدافعوا معاً عن جميع مكوّنات المجلس وأحزابه المؤتلفة في إطار حضاري، فهو منجز يحلم به أخوتنا الكُرد في إيران وتركيا.
علينا التمسُّك بالمجلس كمظلة جامعة، فصيانته واجب قومي وحزبي كُردي شرط أن نستمر في تطويره وتصحيحه.
وحول مصير عفرين، لا بد من الإشارة إلى أنه من كان له السلطة والقوة العسكريّة والأمنيّة في عفرين، كما في غيرها من المناطق الكُرديّة في سوريا، في المرحلة التي أعقبت بدء الثورة السوريّة القائمة، هو حزب الاتحاد الديمقراطي pyd أما المجلس الوطني الكُردي، فقد عمل ويعمل في عفرين، كما في كوباني و الجزيرة وغيرها على امتداد مساحة سوريا بأسلوب سياسي سلمي.
ليس بخاف على أحد أن الحركة الوطنيّة الكُرديّة خلال تاريخها السياسي المعارض، قد انطلقت من إمكاناتها الذاتيّة والظروف الموضوعيّة السائدة بدون الانزلاق إلى مغامرات غير محسوبة النتائج، لدرجة أن الحركة لم تقم باتهام النظام السوري في أدبياتها بالاستبداد، إلا مؤخراً، رغم إيغاله في الاستبداد، حيث اكتفت الحركة الكُردية باتهام النظام بالشوفينيّة والعنصريّة إزاء الكُرد، ذلك على خلفية مشاريع النظام العنصريّة وممارساته الاستثنائيّة، التي كانت أقرب إلى الاستعماريّة منها إلى الوطنيّة، بحق الكُرد، ومنها مشروعي الحزام العربي والإحصاء الاستثنائي العنصريَيْن، رغم أن النظام أظهر ممارسات ديكتاتوريّة عامة، ومع الكُرد خاصة، منذ بدايات عهده، وكانت “الموضوعيّة السياسيّة” هي المبرر لعدم الإفصاح عن حقيقة النظام من قبل الحركة الكُرديّة في ظل الإرهاب العاري الذي كان يمارسه النظام لدى تجاوز خطوطه الحمراء، وخاصة في ظل قدرته على تسويق “التشكك”.
في وطنيّة الحركة الكُرديّة، واتهامها بـ “بالانفصاليّة” وفي ظل إمكانيّة إقناع المكون العربي بمن فيه معظم تقدمييه، بخطاب الكراهية تجاه الكُرد، علماً أن جزءاً من المعارضة العربيّة السوريّة قد سبق الحركة الكُردية في المبادرة لمقاطعة “انتخابات” النظام وتسميته بالنظام المستبد.
أي أنَّ الحركة الكُردية، ومنها المجلس الكُردي، لم تتغير، وتستسلم، فجأة، إزاء عفرين تحديداً، حتى يسترسلَ بعضُ المتأثّرين بإعلام حزب الاتحاد الديمقراطي pyd الذي يعمل على تصدير فشله هناك، وإلصاقه بالمجلس الكُردي، واتهامه بالتخاذل إزاء عفرين، وإثارة النعرات المناطقيّة.
الحقيقة إن أداء المجلس لم يكن استثنائياً بالمعنى السلبي في محنة عفرين كما يسوقه خصومه، الأداء الذي عليه ما عليه شكلاً ووتيرةً، لكنه ظل نقياً، فهو أداء وطنيٌ كُرديٌ على مدى اثنين و ستين عاماً، والأفضل أن يُشار الى أخطاء المجلس الكُردي بدون أي حرج، لكن بشكل مَوضوعي، مع الأخذ بعين الاعتبار إمكانيات المجلس والظروف التي يمرُّ بها، فأظن بأن أداء المجلس يكاد يكون المعادل النوعي لإمكانات شعبنا الكُردي الحقيقية، تلك الإمكانات التي لا تنسجم مع الشعارات والأهازيج والخطابات الشعبويّة الرتيبة التي (تشحذ الهمم وتستنهضها) في استهلاك إعلامي، لتذكرنا بتلك المهزومة في التجربة العربيّة ومنها الفلسطينيّة.
الحل الناجع لمسألة عفرين مرتبط بالحل العام للمسألة السوريّة، مسألة عفرين بحاجة إلى معالجة موضوعيّة، متمثلة بعودة أهلها إليها بأقرب وقت، وزج القوى السياسيّة والمجتمعيّة من سكانها في عمليّة الحوكمة هناك، دون تسويف وانتظار الأوهام، التي لن تصل.
ويُراد لأبناء عفرين وبناتها، الإغراق فيها خدمة أجندات حزبيّة متناقضة مع المصالح القوميّة العامة لشعبنا الكُردي عامة وسكان عفرين خاصة.
المقالة منشورة في جريدة يكيتي العدد 263