المجلس الوطني الكردي وتحديات المرحلة
Yekiti Media
مزكين شوقي
لم نكتفِ بعدُ من الشفافية المشبعة لإرادة حرة يتمتّع بها كُرد سوريا لصيغ أو تفاهمات تجمعهم أو توحّدهم في رآيٍ متقاربٍ نحو المصلحة العامة و بما يخدم مصلحة القضية الكُردية في كُردستان سوريا ، أم إنّ الضغوطات المتراكمة من حكمٍ تلو الآخر قد فرضت عليهم تجنّب التعبير الجريء و عدم إفساح المجال الحرْ لكي يصنعوا خصوصية قومية بهم و مشروع خاص متعلّق بقضيتهم ، غير أنّ المجلس الوطني الكُردي الذي تأسّس مع بدايات الثورة السورية لم يكن له جديد من دون أن يتمسّك بثوابته المبدئية و القومية التي ناضل لأجلها أحزابه منذ سنواتٍ طويلةٍ و كي يُتّكل عليه و يتجنّب أيّ صراعٍ قد يخدم الغير من دون اعترافاتٍ متعلّقة بقضية الشعب الكُردي في سوريا ، و هذا هو الاتّجاه المستقبلي الأصحّ لشعبٍ قد ذاق أقسى أنواع الظلم و الاضطهاد منذ نشوء الدولة السورية ناهيك عن التشرّد و التهجير ، و هنا مَنْ عليه أن تعود به الذاكرة السياسية يجب عليه أن يحمل مسؤولية التغيّرات التي انعكست سلباً على قضية كُرد سورية من النواحي الاقتصادية و السياسية و الجغرافية و عسكرياً لاحقاً .
التاريخ بالتأكيد مرير على الكُرد في أجزاء كُردستان المختلفة و لكن يبقى لسلسلة تجاربهم المتكرّرة أوجه الاستفادة ، و ما يهمُّ هنا هو الجزء الأكثر سخونةً الأن و يُقصَد به جزء كُردستان سوريا ( كُردستان الغربية) الذي تناقض عليه طرفان أساسيان و سياسيان من حيث المطلب و الاستراتيجيا و تبني مشاريع و حلول لمستقبله ، و مع ذكر الطرفين لسيرهما العملية السياسية الراهنة قد يتشاءم المواطن الكُردي السوري بالعموم من سوء الحالة لما وصلت إليها القضية الكُردية في كُردستان سوريا ، و في الوقت نفسه من الصعب تجاوز أيّ طرفٍ منهم و الممثّل أولاً بالمجلس الوطني الكُردي و ثانياً بحزب الاتحاد الديمقراطي . فالصراع الذي طال و مازال بينهما يُستشَفُّ منه أنه لا يقلّ عن صراع الأعداء مع الأسف و هناك ملفات معقّدة موضع الخلاف بينهما منها :
( ملفّ المعتقلين – ملفّ المنفيين – ملفّ الرؤية السياسية – الملفّ الإداري – الملفّ العسكري ) . وما يشترطه كلّ طرفٍ على الآخر لخلق أجواءٍ للبدء بحوارٍ جدّيٍ حول توافق رؤيةٍ سياسيةٍ للشعب الكُردي في سوريا يبدو صعباً و خاصةً طلب الاتحاد الديمقراطي في سوريا من المجلس انسحابه من الائتلاف الوطني لقوى الثورة و المعارضة السورية .
نعلم جميعا بأنّ المجلس الوطني الكُردي هو أول من تبنّى المشروع القومي الكُردي و أصرّ على عدم التنازل عنه رغم مخالفته لرغبة النظام السوري ، و حافظ على نهجه السياسي و فضّل عدم دخول الكُرد في صراعاتٍ عسكريةٍ عبثيةٍ قد تلحق ضرراً بمسيرة نضالهم السلمية لأكثر من نصف قرنٍ ، و إنما سعى إلى بناء جسور التواصل بينه و بين القوى السياسية للمعارضة السورية و حافظ لأن يكون أحد الارقام الأساسية لفئة سورية أساسية تمثّل مطالبها .
و أمّا الطرف الآخر و الممثّل بحزب الاتحاد الديمقراطي فهو غير قادر حتى هذا الوقت لتبنّي مطلبٍ واضحٍ و صريحٍ مرتبط بخصوصية كُرد سوريا و لا تترفّع عن إطلاق تلك الشعارات المستهلكة التي لا تلبّي طموحات الشعب الكُردي .
أُطلِقت حتى الآن عدّة مبادراتٍ و مساهماتٍ بين الطرفين للحوار و ذلك بإشراف بعض الدول ذات القرار في الشأن السوري سواءً كانت فرنسا أم أمريكا و اللتان لهما تأثير كبير على مستقبل سوريا و العملية السياسية المستمرة ، لتشكيل جبهة كُردية موحّدة يستطيع الفريقان السياسيان المتنازعان من خلاله الوصول إلى صيغِ جدّيةٍ تخدم القضية الكُردية في سوريا .
و لكنّ الامر لا يبدو بهذه البساطة فقد لا ينكر أحد بأنّ تركيبة المعارضة وتشتّتها و تعامل حزب الأتحاد الديمقراطي ال pyd مع المشروع القومي الكُردي و خاصةً المجلس الوطني الكُردي ليس أقلّ شأناً من النظام السوري،
و ما يتطلْب لوحدة الصف الكُردي في كُردستان سوريا و عدم تشتيت أذهان هذا الشعب المغلوب على أمره هو مراجعة دقيقة لل pyd في سياساتها الأحادية و فكّ ارتباطها مع منظومة ال pkk و احترام الخصوصية الكُردية السورية و مشروعها القومي و تبنّي رؤية سياسية واضحة و قد تصل النتائج لبناء منصةٍ كرديةٍ تتّسم بشراكةٍ حقيقية في كلّ المجالات و تكون مرجعيتها كُردستان سوريا.
وبعد تنفيذ هذه الإجراءات المحقّة من قبل ال pyd عندها فقط يتحمّل المجلس الوطني الكُردي المسؤولية التاريخية أمام الشعب في فشل أيّ اتّفاقٍ كُردي كُردي .