المجلس الوطني الكُردي بين تحديات الماضي وأفق المستقبل
هيئة تحرير جريدة يكيتي
بقلم : إسماعيل رشيد
منذ انطلاقة المجلس الوطني الكُردي في 26 اكتوبر 2011 تبنّى مشروعاً نضالياً وبرنامجاً سياسياً ، للتعبير عن تطلعات شعبنا الكُردي وربطها بالحالة الوطنية السورية، عبر الانخراط في المعارضة السورية السلمية، كخيارٍ استراتيجي وصولاً للمشاركة في العملية السياسية حول مستقبل سوريا، التي ترعاها الأمم المتحدة ، وبالرغم من المحطات الدولية المتعددة بشأن الأزمة السورية وتبني قرارات دولية للحل وخاصةً القرار 2254 والذي يضمن عملية الانتقال السياسي ووضع دستور يعبّر عن تطلعات وحقوق جميع مكونات الشعب السوري وعودة آمنة للمهجرين وبالتالي تأمين البيئة الملائمة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة ، فكلّ هذه المحددات واجهت صعوباتٍ عدة، ولم يتمّ إحراز تقدم يُذكر فيها، نتيجة عدم جدية المجتمع الدولي للقيام بمسؤولياته وخاصةً الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وتعنت النظام السوري واستقوائه بالحليفين الروسي والإيراني، وكذلك تشتت المعارضة السورية وتعدد منصاتها ومراكز قرارها.
فالمجلس الوطني الكُردي صاغ وثيقة جيدة مع ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية، رغم هشاشة ترجمتها عملياً، وكذلك تمثيل المجلس ككيان ذي شخصية اعتبارية من الكيانات السبع ضمن هيئة التفاوض السورية، وكذلك التمثيل في اللجنة الدستورية وهناك تفاهمات ومصطلحات أدرجت في وثائق المعارضة تتعلق بالهوية الوطنية واللامركزية ودولة متعددة القوميات واللغات الرسمية كوثيقة رياض2
فكلّ هذه المحددات هي نقاط ارتكاز مهمة للبناء عليها، بالرغم من تمسك البعض من المعارضة السورية بإرث النزعة القوموية العروبية، وتغليبها على الحالة الوطنية السورية، والعودة إلى ثقافة طغيان الفكر الشمولي ، فالقضية الكُردية حاضرة على طاولة المفاوضات الأممية ولايمكن إنكارها أو طمسها، كونها خرجت من الدائرة المحلية ، فالمشوار لايزال طويلاً ومعقداً ونحن بحاجةٍ إلى بذل الجهود وتوحيد الطاقات لكسب المزيد إلى جانب قضيتنا العادلة ، وهذا يتطلب من المجلس الوطني الكُردي إجراء مراجعة شاملة لمجمل سياساته في المرحلة السابقة والبحث عن آلياتٍ أكثر انسجاماً وتفاعلاً مع المرحلة، قبيل انعقاد مؤتمره المزمع عقده قريباً والتي تتلخص بعدة خطوط عريضة منها عل سبيل المثال لا الحصر :
– بناء مكاتب مؤسساتية تخصّ جميع النواحي ( القانونية – الإعلام- المجالس…..الخ ) ومن ذوي الكفاءات والمهنية بعيداً عن المحاصصات الحزبية .
– إيجاد مقاييس ومعايير لانضمام الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والفعاليات الكُردية .
– أن يكون هناك استقطاب الشخصيات الاكاديمية والكفوءة وتمثيلهم بنسبة جيدة ليكونوا مساهمين في صناعة القرار .
– المستقلين الوطنيين وآلية اختيارهم وفق معايير النزاهة والكفاءة فهم صمّام الأمان لدفع عجلة المجلس وتطويره .
باختصار ، يمكننا القول بأنّ المجلس يحتاج إلى مراجعات مسؤولة واعتراف بمكامن الخطأ، والتحلي بالشجاعة لمحاسبة المقصرين ، ومد الجسور مع الأحزاب الوطنية خارج إطار المجلس، وتمتين الروابط مع الجماهير ، فالمرحلة مفصلية ومعقدة ومحدقة بالأخطار ، تحتاج إلى التكاتف ورصّ الصفوف وترسيخ مبدأ الثقة ليكون مجلساً وطنياً كردياً يعبّر عن طموحات وتطلعات شعبنا بجدارة .
المقالة منشورة في جريدة يكيتي العدد 294