المرأة الكُردية والسياسة
نسرين جتو
لقد لعبت المرأة الكُردية دوراً هاماً في المجتمع الكُردي في كثيرٍ من المجالات، ومنها السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة، ولا يقلُّ دورها عن دور الرجل في المجتمع، ولكن تختلف درجة تقدّمها في كلِّ جزءٍ من أجزاء كُردستان.
وقد تحقّقت حقوق المرأة الكُرديّة بشكلٍ كبير في القرن الواحد والعشرين، بسبب الحركات التقدّميّة داخل المجتمع الكُردي، وأكثر ما يهمّنا هو وضع المرأة الكُرديّة في كُردستان سوريا، فعلى الرغم من التقدّم الحاصل في مجتمعنا، لا تزال المرأة الكُرديّة تعيش المراحل الأولى من مسيرة تحرّرها، ولا زالت تجهل حقوقها؛ وأهميّة دورها في صناعة الحياة، لترتقي إلى مستوى المرأة المتحرّرة، فهي شريكة الرجل ونصف المجتمع ومربّية النصف الآخر وأساس تطوّره وهنا تكمن أهميّة تحرّر المرأة من أجل النهوض بالمجتمع ككلٍّ.
ونحن نعلم جميعاً بأنّ المرأة الكُرديّة تعرّضت عبر الزمن لشتى أنواع الظلم والاضطهاد من قِبل المجتمع من جهةٍ، ومن قِبل النظام الحاكم من الجهة الأخرى وعاشت على هامش الحياة وخاصةً في مجال السياسة وبقيت أسيرة العادات والتقاليد البالية، فاقتصر دورها في الإنجاب وخدمة الرجل لزمنٍ طويل.
أمّا اليوم وبعد دخولها أبواب التعليم واختلاف المفاهيم عن السابق، فقد آن لها أن تستلم دورها في السياسة وكافة المجالات الأخرى، وبات من حقّها أن تتبوّأ مواقع سياديّة، وتشارك جنباً إلى جنب مع الرجل في صناعة القرار السياسي من أجل رفع الظلم والاضطهاد عن كاهل شعبها، والدفاع عن حقوقه المغتصب.
إنّ المرأة الكُرديّة في سوريا ليست بمنأى عن الأزمة المستدامة التي عصفت بالبلاد، فقد دفعت ثمناً باهظاً في الآونة الأخيرة، وخاصةً ما آلت إليه الأوضاع في بعض المناطق الكُرديّة مثل عفرين وكري سبي وسري كانييه، يجب علينا أن لا ننسى بأنّ المرأة الكُرديّة قد قطعت شوطاً لا بأس به إلى الأمام، وقد تجاوزت الكثير من العقبات الاجتماعية، ودخلت الميدان السياسي بشكلٍ خجول، ولكنّ نضالها لم يرتقِ إلى المستوى المطلوب، ولا يزال الاهتمام بها ليس كما يجب، وخاصةً من قبل الحركة الكُرديّة، لأنّ العقل الذكوري لا زال مسيطراً على ذهنية بعض قيادات الحركة الكُرديّة، لذلك لا بدّ من العمل معاً لتغبير هذه العقليّة القبليّة، وإفساح المجال أمام المرأة كي تقوم بواجبها القومي والوطني والانساني والعائلي.
كما يجب عليها ايضاً أن تعمل بكلّ جدٍّ وإخلاصٍ على الارتقاء بدورها بشكلٍ فعّالٍ داخل المجتمع الكُردي، وخاصةً في الجانب السياسي والثقافي وعليها مواصلة نضالها بكافة الوسائل السلميّة ضدّ التخلف والاستبداد والإرهاب وتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، وتثبيت ذلك في دستور البلاد، والعمل على بناء سوريا جديدة، سوريا ديمقراطيّة اتحاديّة فيدراليّة، ينتهي فيها التمييز على أساس الدين أو العرق أو الجنس، سوريا لكلِّ السوريين.