آراء

المرأة بين الحقوق والواجبات

ليلى قمر
كثيرا ما يتردد مفهوم حقوق المرأة ويتم المطالبة بها وتهيئتها لتكون فعالة في معظم المجالات وتغدو قادرة للقبض على زمام الأمور أسوة بالرجل شريكها في كل شيء ونقيضها أيضا في كثير من الأمور ، ولتترجح الكفة عبر الزمن للرجل ، وهنا تتعالى الأصوات المطالبة بذلك حتى بات عنوانا للكثير من الندوات والمناسبات القومية منها والإجتماعية ولأي عمل يكون قيد الإنجاز في مجتمعاتنا الشرقية وهذا يشمل الحركات الإجتماعية الرائدة والسياسية الفعالة والإطر المحلية المختلفة وبحسب تموضعها في المجتمعات وتأثيرها فيه.

وفي العودة الى موضوعة المرأة وحقوقها خاصة في المجتمع الشرقي ، سنرى كيف تم العمل لإيجاد صراع غير متكافىء بين الند والنقيض حيث الكفة الذكورية المتحكمة والمتسلحة بالقوانين والشريعة من جهة ، واللمسة الأنثوية المترددة في خوض معركة خاسرة ، ولعب دور ريادي كي تثبت لمن حولها بأنها كفىء لذلك ، ومن هنا ومع الهيمنة الذكورية ، خلقت المراة لنفسها مظلمة تقوقعت ضمنها وما إستطاعت الحياد عن مجمل مايواجهها الرجل حيث أنها لم تستطع ألا أن تكون الزوجة المتألمة والأم الثكلى والحبيبة المنتظرة عودة حبيبها من غيبته ، ولكن رغم كل جبروت وهيمنة العنصر الذكوري ! إلا أنها لم تفقد إيمانها المقدس بأنها جزء من الشعب والوطن وهمومه ، ولعل هذا هو الجزء الذي إستطاعت المرأة أن تكون فيه أيقونة للتضحيات والنضال لتكون العين الساهرة التي تقاوم بكل ماتملك من قوة متوارثة فيها جينات الحرية التي تصنعها هي في الوقت الذي تتراجع وبالهوينى عن حدود مملكتها العتية أسوار العبودية التي مازالت تتوالى فيها نسج الحريات وبحسب ما يحتاجه كل مجتمع على حدة ، حيث ترسخت نوعا ما نظرية الرعب من اختلاط النساء بالرجال ، ولتتراجع أمام فكر جديد وبواقعية تمارس في تقبل فكرة الإختلاط الذي كان لزمن بغير بعيد شبه محرم ، فأصبحت المرأة المنتجة تشارك الرجل في بناء الأوطان وبنفس الوقت تكون أعلم بما تحتاجه من حقوق وما عليها من واجبات التي هي بالأساس حق لأي انسان سواء رجلا كان أو إمراة ، فالإنسان خلق حرا ولايحق لأي من البشر استملاك حرية آخر بحسب ما تقرره مصالحه.

وبالمجمل فقد لخصت تجارب نسوية كثيرة في تعميق فكرة الإختلاط وتطبيقها أيضا حتى يقتنع المجتمع بأن المرأة توازي نصفها عددا ، فكيف للنصف المشوه السقيم المستعبد أن يربي مجتمعا قويا ، ولأن القمع وحجب الحقوق يخلق انواعا من التمرد ، فنرى في كثير من الحالات التي استطاعت فيها المرأة نيل حقوقها من جهة ، وتحكمت في إدارة قرارت تتجاوز حق المرأة ، كيف انها تتحول الى شخصية غير منصفة تمارس ذات الظلم الذي كان يمارس بحقها.

وبالرغم من كل الجدليات التي ساهمت في تغيير وجهات النظر عن المرأة وحقوقها ، واصدار قوانين ناظمة لذلك ، إلا أنها بقيت مطوقة في كثير من الحالات ، ولم تنصفها القوانين والنظم الداخلية ، التي بقيت رهينة الهيمنة الذكورية المقوننة من جهة والمحوطة ايضا بالشريعة .
لقد ظلت المرأة في كثير من جزئيات حياتها تواجه جبروت المجتمع الذكوري والذي في كثير من الحالات يحكم بظلم وغير منصف لإنسانية المرأة وهي تهان من قبل شريكها الرجل ولتتسع الدائرة الى دائرة الظلم المجتمعي المثقلة بالعادات والتقاليد التي تحطم المرأة داخليا بالرغم من إرادة الصبر وطاقة البناء الكبيرة عندها.

إن الحقوق بقدر ما هي حقوق ، لكنها في ذات الوقت تفرض رباطا مقدسا بينها والواجبات أيضا ، وبالتأكيد هذا يعني بعدم الخروج عن المألوف بل تآطير الأخلاقيات والسلوكيات المجتمعية ، وتعطي انطباعا رائعا للمحيط بعكس اللاتي يرونها للحرية النسوية كنوع من البروباغندا ، وكوصفة قد تصلح لكل مناسبة أو غاية ، وباختصار أن معادلة حقوق المرأة وواجباتها لابد ان يكون مقياسها دائما على أرض المساواة والتكامل الأسري وصولا الى المجتمعي.

 

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “٢٧٢”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى