المرأة بين جمالية المجتمع وعبودية التقاليد ..
نسرين جتو
إنّ تحرير المرأة ومشاركتها في صنع القرار مقدماتٌ مهمة لتحرير المجتمع وتطوره ، حيث بقول جبران خليل جبران : ( وجه أمي وجه أمّتي ) فمفهوم الشعب لا يمكن أن يكتمل معناه ما لم تتحرّر المرأة من عبودية الرجل والمجتمع ؛حتى يساهم الشعب كلّه في الحكم لا فئة او طبقة منه دون غيرها .
لقد تعرّضت المرأة عبر التاريخ لشتى أنواع الظلم والاضطهاد ، وعاشت على هامش الحياة وبقيت أسيرة العادات والتقاليد البالية، واقتصر دورها في الكثير من المجتمعات على الخدمة والإنجاب، وإن كانت نضالات المرأة في ميادين أخرى قد أثمرت عن نيلها لحقوقها ، فتبوّأت مناصب سيادية ومسؤوليات مرموقة في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .
وبالرغم من التطور الكبير في الحضارة الإنسانية إلا أنه لا تزال هناك مساحة فاصلة بين الرجال والنساء في الكثير من الأمور ،بما في ذلك الدول المتقدمة .
وتبقى مشاركة المرأة في كافة المناحي مقياساً ومؤشّراً على تطور هذه المجتمعات ، إلا أنها لا تزال في بلادنا تعيش المراحل الأولى من تحررها؛ ولا زالت تجهل حقوقها وأهمية دورها في صناعة الحياة لترتقي إلى مستوى المرأة المتحرّرة، فهي شريكة الرجل ونصف المجتمع وأساس تطوره ، وهنا تكمن أهمية تحرر المرأة من أجل النهوض بالمجتمع ككلٍّ، وهذا يتطلّب منها تحمل مسؤولياتها والتسلح بالإرادة والجرأة و المزيد من العمل والنضال لاستعادة دورها ومكانتها .
فمنذ انطلاقه الثورة السورية وحتى اليوم يعاني شعبنا السوري بكافة مكوناته ويلات ومآسي الحرب على نحو عشر سنوات، وإنّ المرأة السورية والكُردية ليست بمنأىً عن الأزمة المستدامة التي عصفت بالبلاد ، ومرّت بظروفٍ عصيبة، وتعرّضت خلالها لشتى أشكال العنف والاضطهاد ،من الاعتقال والاغتصاب والسبي والقتل والتهجير والاستغلال الجنسي ، إضافة إلى الأعباء الإضافية مثل رعاية الجرحى والمعوّقين ومساعدة الأسرة، والمرأة الكُردية ليست بعيدة عن هذه المآسي وخاصةً في مناطق عفرين وسري كانييه وكري سبي وجميع المناطق الكُردية .
فنحن نعلم أنّ المناطق الكُردية منذ انطلاقة الثورة انتفضت وتضامنت مع المحافظات الأخرى وكان للمرأة دور فعال منذ اليوم الأول وحتى يومنا هذا، جنباً إلى جنبٍ مع الشباب، وقدّمت الكثير من التضحيات ومع ذلك لا يزال الاهتمام بها ليس كما يجب، ويُنظر لها من منطق التابع وليس المكمّل ، وخاصةً من قبل الحركة الكُردية لأنّ العقل الذكوري لازال مسيطراً لذلك لا بدّ من التسلح بثقافةٍ تشاركية المجتمع واكتماله لتغيير هذه العقلية، وفسح المجال أمام المرأة لكي تقوم بواجبها القومي والوطني والإنساني والاجتماعي. وعلينا جميعاً أن نعمل بكلّ جدٍّ وإخلاصٍ على الارتقاء بدور المرأة داخل المجتمع، من الجوانب السياسية والثقافية وايلائها الاهتمام اللازم وانخراطها في ميادين المواقع السيادية.
ولقد ساهم حزبنا( حزب يكيتي الكُردستاني – سوريا) في مؤتمره الأخير في تعزيز دور المرأة و مشاركتها في القيادة ، وكذلك لجان و منظمات المجلس الوطني الكُردي ، وهو مؤشّر التأكيد على مواصلة النضال بكافة الوسائل السلمية ضد التخلف والاستبداد والإرهاب وتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، وتثبيت ذلك في دستور البلاد مستقبلا” .
وفي النهاية أقول: تستحقّ المرأة السورية والكُردية الرائعة القوية و الشجاعة و الصبورة كلّ التقدير والاحترام ، فهي التي أعطت للثورة السورية جمالها وطابعها الخاص، وقدّمت الكثير من التضحيات ، وبطولات المرأة هي العنوان للحياة الحرة والسلام والازدهار .
المقالة منشورة في جريدة يكيتي العدد 301