المركز العربي للأبحاث يُطلق “الذاكرة السوريّة” كأضخم قاعدة بيانات للثورة السوريّة
أطلق المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أمس الاثنين، في مقره بالدوحة، منصة (الذاكرة السوريّة) الرقميّة، التي توثّق وتؤرشف الأحداث التي عرفتها سوريا منذ اندلاع الثورة في مارس/آذار 2011.
تضم المنصة يومياتٍ تشمل توثيقاً لأحداث مدنيّة وعسكريّة وسياسيّة، محليّة ودوليّة، وتغطي جميع المحافظات السوريّة في الفترة الممتدة بين عامَي 2011 و2015، مزودة بالمصادر والوثائق المرتبطة بها. وتضم أيضاً، أول مكتبة مرئيّة في التاريخ الشفوي للثورة السوريّة تتضمّن أكثر من 2500 ساعة، وتغطي مساحة زمنيّة واسعة من الأحداث والموضوعات وشرائح مختلفة من الشهود.
وتضمّ المجموعات الأرشيفيّة الرئيسيّة للمنصة أكثر من 100 ألف وثيقة، معظمها غير حكومي، تعود إلى مؤسسات مدنيّة محليّة ثوريّة، وفصائل عسكريّة، ومنظمات سياسيّة، وقوى مختلفة. وقد تحقق فريق الباحثين في المنصة من كل وثيقة، على أن يعرض 50 ألفاً منها في المرحلة الأولى، ثم ترفع الوثائق الأخرى تدريجياً.
وتحتوي المنصة على أكثر من 11200 إصدار من الدوريات السوريّة غير الحكوميّة؛ ما يجعل هذه المنصة أوسع مرجع للدوريات المنشورة التي ظهرت منذ اندلاع الثورة. كما تضم بيانات لأكثر من 10 آلاف كيان عسكري ومدني وحكومي ظهرت منذ عام 2011، وتعريفات لأكثر من 13 ألفاً من الشخصيات كانت فاعلة بشكل أو بآخر طيلة السنوات التي تلت الثورة.
وقال مدير (الذاكرة السوريّة)، عبد الرحمن الحاج، في حديث مع موقع العربي الجديد، على هامش إطلاق المنصة: إنّ “المنصة تتضمن أضخم أرشيف للذاكرة السوريّة بني على أساس علمي وهذه هي الميزة التي تقدمها المنصة، فلا تقدم مادة إعلاميّة ولا مادة لأغراض جنائيّة، ولكن يمكن استخدامها في كل الاختصاصات وكل الأغراض، وهي مادة علميّة متخصصة تتضمن يوميات موثقة يوماً بيوم، ترصد كل ما عرفته المناطق السوريّة، والتفاعل الدولي مع الأحداث”.
وخلال إطلاق المنصة استعرض الحاج الصعوبات التي واجهت المشروع، وأبرزها التحقق من عشرات الآلاف من المواد المكتوبة والمرئيّة، وفي ظل وفرة المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، والتشتت الكبير للمصادر، على حد وصفه “كان علينا أن نخترع شكل المنصة وآليّة عملها، في ظل كل هذه المواد التي بحوزتنا. ولمواجهة ذلك، شكّلنا فريقاً سورياً 100 في المائة، على أساس التنوع في الانتماء الجغرافي والخبرات”.
كذلك تحدّث المشرف على قسم اليوميات في منصة الذاكرة السوريّة، أحمد أبازيد، عن أرشيف يوميات الثورة من مارس/آذار 2011 حتى سبتمبر/أيلول 2015: “تشمل هذه اليوميات المستويات المحليّة الصغرى، وصولاً إلى مستوى سوريا والتفاعل السياسي الدولي… اليوميات تتألف من 29 ألف سجّل للأحداث اليوميّة، وتشكل الأحداث المحليّة القسم الأكبر منها”، موضحاً أنّ أبرز المواضيع التي تغطيها اليوميات هي: الضحايا، والمجازر، وغيرها…
وشرحت المشرفة على قسم التاريخ الشفوي في المنصة، سهير الأتاسي، أهميّة توثيق الشهادات الشفوية: “فأحياناً قد تكون الشهادة المصدر الوحيد للمعلومات وسياقاتها”، مضيفة أنّ “هدف التاريخ الشفوي بناء أرشيف وطني للتاريخ الشفوي يساهم في حفظ الذاكرة الجمعيّة للشعب السوري، وحماية روايته الحقيقيّة من التهميش والضياع”.
والكلمة الأخيرة كانت للمشرف على قسم الأرشيف عثمان آغا، الذي شرح أنّ هدف الأرشيف حفظ كل ما له علاقة بالثورة السوريّة من التلف والتزوير، “وعرضه بطريقة علميّة، وتسهيل الوصول إليه وتصفحه، كما يهدف إلى جعل الوصول إلى هذه المواد سهلاً للباحثين في الشأن السوري”.
من جهته، وعلى هامش إطلاق المنصة أيضاً، تحدث رئيس هيئة التفاوض السوريّة، بدر جاموس، عن أهميّة هذا المشروع في حفظ ذاكرة الثورة السوريّة، موضحاً أنّ هناك “أرشيفاً كبيراً للثورة يضيع ويوثّق حصراً على مواقع التواصل الاجتماعي، لذا هذا التوثيق يحفظ الوقائع من التزوير”.
استغرق العمل على منصة الذاكرة السوريّة التي أطلقها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ست سنوات، لتوفير أكبر قاعدة بيانات للثورة السوريّة التي اندلعت في مارس/ آذار 2011، ولمجمل المسار التاريخي على مدار السنوات اللاحقة. وأمام ثلاثة عناوين كبرى نعاين مئات آلاف المواد في حقول اليوميات، وهذه مرحلة حرجة تمتد من 2011 إلى 2015، والتاريخ الشفوي والأرشيف منذ 2011 حتى 2022. وتعد المنصة في هذا السياق الأولى من نوعها التي تتولى هذا الدور لجهة ضخامة حجم البيانات ومنهجية العمل التي اعتمدت معايير علميّة صارمة.