المشروع الايراني ما بعد عاصفة الحزم …
عبدالرحمن كلو
إيران التي أرادت استثمار مناخات التحالف الدولي ضد إرهاب تنظيم ” الدولة الاسلامية ” داعش، حاولت تجاوز كل الخطوط الحمر، بتدخلها المباشر الميداني في الساحات اليمنية والسورية والعراقية، ضاربةً عرض الحائط كل ما تبقى من السيادات الوطنية لهذه الدول، لكن الرد الأمريكي – من خلال حلفائها- كان حازماً في اليمن من خلال عاصفة الحزم التي أوقفت هذا التمادي، وأجبرت إيران على التراجع في الكثير من ساحات الصراع، بالإضافة إلى انتزاع تنازلات مؤلمة منها على صعيد ملفها النووي في لوزان، ومن ثم إخضاعها غير المشروط لنتائج العاصفة في الساحة اليمنية، بعد تدمير الأسلحة الاستراتيجية التي كانت تهدد أمن دول منطقة الخليج والسعودية، وكل الأهداف العسكرية الثابتة وتأمين المنفذ البحري (باب المندب) أمام الملاحة الدولية، واضطرت – من خلال وكلاءها اليمنيين – إلى الانصياع والرضوخ لكل بنود المبادرة العمانية في القاهرة التي تبنت بخطوطها العريضة: عودة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى اليمن ومزاولة عمله كرئيس شرعي للدولة، ومن ثم انسحاب كافة الميليشيات المسلحة لـ علي عبدالله صالح والحوثيين من المدن اليمنية وتسليم كافة الأسلحة والعتاد العسكري للجيش اليمني، وإجراء انتخابات برلمانية في البلاد تشارك فيها كل أطياف الشعب اليمني بغية تشكيل حكومة وحدة وطنية على أن تتحول جماعة الحوثي إلى حزب سياسي يشارك في الحياة السياسية اليمنية من خلال الطرق الشرعية، هذا دون أن يتخل التحالف العربي المشاركة في عاصفة الحزم عن خيارات إعادة القصف واستئناف العمليات العسكرية وحتى التدخل البري لمنع أي تحرك حوثي على الأرض يهدف إلى تغيير الموازين العسكرية.
و المشروع الايراني الذي دخل فعلياً مرحلة العد العكسي في أكثر من جبهة، أوقف كل أحلام دولة ولاية الفقيه بالتوسع حيناً لتعيد إيران النظر في مجمل حساباتها، فكما تراجع هذا المشروع في الساحة العراقية، نراه يتعثر في الجبهة السورية حيث الموازين العسكرية بدأت بالتغيير الفعلي لصالح الفصائل المسلحة المقاتلة للنظام على أكثر من جبهة، إذ تم إخراج النظام من إدلب ويصرى الشام والمعارك باتت على أبواب حلب، والأكثر أهمية من هذا هو أن قائد ” جيش الاسلام ” زهران علوش الذي كان يقاتل داعش والنظام معاً، استطاع الخروج من الغوطة الشرقية المحاصرة وتمكن من تجاوز القبضة الأمنية للنظام والذهاب إلى تركيا وتوجه من هناك إلى السعودية وبعض الدول الخليجية في زيارة لا يمكن تفسيرها إلا ضمن سيناريو إقليمي-عربي مخطط له من جانب دول الحزم العربي للبدء بالمرحلة التالية من المعارك، وهذا ما أكد عليه الأمير تركي الفيصل عندما قال: ( …أن السعودية تدعم الجيش السوري الحر …وأنه من المبكر الحديث عن عاصفة حزم في سوريا، لأن التدخل العسكري مرتبط بتشكيل قوة عربية مشتركة… ) أي المرحلة التالية من الصراع هو تشكيل قوة عربية مشتركة، والتي أقرتها القمة العربية الأخيرة، لتقوم بمهام الحزم في سوريا بالتنسيق والتعاون مع تركيا وباكستان النووية التي دخلت على الخط الساخن منذ اليوم الاول وتكفلت بأمن السعودية.
لكن هذا التراجع التوازني المؤقت لم تثن عزيمة إيران عن محاولة تحريك أدواتها في سوريا لتثبيت دعائم النظام في المناطق التي تخضع لسيطرته، تحسباً لأية عاصفة قد تطال سوريا من جهة القوة العربية المشتركة التي هي قيد التشكيل بمشاركة كردستانية وباكستانية وتركية، لذا فالنظام بات في عجلة من أمره بالتحرك في المناطق الكردية الخاضعة لسيطرة قوات الـ pyd لمواجهة “الأخطار ” القادمة من الجانب الكردستاني وسبل مواجهة المشروع القومي الكردي، كما جاءت زيارة هلال هلال الأمين القطري المساعد لحزب البعث وبرفقته عضو القيادة القطرية أركان الشوفي وباسم السوداني المسؤول عن كتائب البعث في سوريا في هذا الاطار العملياتي، إذ قام السيد السوداني بتخريج دفعة جديدة من كتائب البعث المسلحة في الحسكة، ووجه السيد هلال هلال قوى العشائر العربية بضرورة التنسيق والتعاون مع قوات ypg وأكد على أهمية التعاون والتنسيق بين مختلف الفصائل والتشكيلات المسلحة الموالية للنظام، لكن السؤال الذي سيبقى مطروحاً : هل بإمكان النظام النجاح في تثبيت دعائمه في هذه المناطق بموجب تلك التفاهمات والتحالفات؟ وإذا ما نجح في المناطق ذات الأغلبية العربية، فهل سيتمكن من ذلك في المناطق الكردية وينجح في وقف المشروع القومي الكردي ببعده الوطني الكردستاني؟ وأين يكمن موقع الحركة السياسية الكردية من مهامها في هذا الصراع؟ على أن لا تنسى الحركة أن سوريا – كجزء من المشروع الايراني- تعيش تداعيات العاصفة اليمنية، وهي بانتظار قدوم العاصفة السورية والتي قد تكون على شكل مجموعة زوابع لكنها ستغير من معادلة موازين القوى في الساحة السورية حتماً.
صحيفة يكيتي العدد 214 نيسان 2015