آراء

النيروز في عيون امراة

الدكتورة: اسماء كفتارو

إنها فرصة رائعة أن أطلَّ على نساء الكُرد الرائعات في يوم النيروز، الذي كنا ننتظره عيداً للمرأة والأمّ والربيع والحياة والشعب الكُردي الرائع.

النيروز يوم الأمّ بحضنها وحنانها وهو أيضاً يوم أمّنا الأرض تنادينا لنتذكّر أننا خلقنا من هذا التراب وأننا أخوة فيه على الرغم من اختلاف ألواننا وقومياتنا وأدياننا، وقد لا تلتقي أنسابنا إلى آدم، ولكننا لن نختلف أبداً أنّ أمّنا الأرض.

النيروز إنه يوم الأرض الخضراء الذي يشرق الله فيه على الناس بجمال هذا العالم البهيج واخضرار ألوانه، ومع أنه فرح الرجال والنساء ولكن تبقى المرأة في النيروز سحره وجماله وعشقه وعبق رياحينه وصوت عصافيره.

تعود بي الذاكرة إلى أيام طفولتي يوم كنا ننتظر النيروز لنشهد يوماً جميلاً ملوّناً زاهياً تصفو فيه القلوب وينتشر الفرح ويغنّي الرجال والنساء للحبّ والحياة.

يمضي الإنسان سائر العام في صخب الحياة وأسواقها ومبانيها الاسمنتية وشروطها القاسية، فيكون هذا اليوم موعداً مع الأرض والحياة نأوي فيه إلى حضن الطبيعة نتذكّر الأرض التي هي أمّنا جميعاً وهي تنثر ورودها ورياحينها وتعيد إلينا ألق الحياة وبهجتها.

وكنا نروي بغبطةٍ وفرحٍ ما كان يرويه المسلمون أيام المجد الإسلامي من مشاركةٍ في النيروز الجميل، حيث كان الجميع في المجتمع الإسلامي يشارك الشعب الكُردي النبيل نيروزه وفرحه، ويغنّون معه للحبّ والحياة، وكان يملأ عليك دهشتهم بألوانه ورقصاته وأفراحه، وأشهر ما قالته العرب في ذلك ما غنّاه الشاعر البحتري:
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً ****من الحُسن حتى كاد ان يتكلّما
وقد نبَـّه النوروز في غلس الدُجى *** أوائل ورد كـُن بالأمس نوَما

المرأة والنيروز يحملان رسالةً واحدة، وهي أنّ الإنسان الذي أبدع في اختراع الحروب وصنع السلاح ونشر الموت قد بات بحاجةٍ إلى يومٍ تستفيق فيه إنسانيته ويبتعد عن رمجرة السلاح وشرّه ومكر الإنسان وغدره ويعترف بالصفاء والوفاء في حضن أمّنا الأرض.

في موقفٍ لا يبتعد كثيراً عن روح نيروز جاءت النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطالبن بحقوقهنّ، وكانت خطيبة النساء آنذاك هي أسماء بنت يزيد بن السكن، وحين تقدّمت أسماء واثقةً أمام رسول الله فقالت يا رسول الله إني أرى الرجال يُذكرون في القرآن والنساء لا يُذكرن وإني أرى انكم فضّلتم الرجال بالغزو والجهاد، ونحن معاشر النساء شركاء في بناء الحياة قواعد بيوتكم وحافظات أولادكم، ونريد الإنصاف، وننتظر بشائركم!
كان موقف الرسول الكريم عجيباً في الوعي بحاجات الحياة، وتحدّث طويلاً عن ثواب الله للمجاهدين والصابرين والمنفقين، ولكنه قال لأسماء إن تبعل إحداكن يعدل ذلك كله.

والتفسير الدقيق لهذه الكلمة إنّ رسالة المراة هي الجمال والحنان والفرح والرضا، وإنها جزء من جوهر الأرض وحنانها في منح الأجيال الأملَ والعملَ.

اليوم تعيش مناطق النيروز في الشمال والشرق السوري أفراحاً متميّزة، فقد جاء هذا النيروز في وقتٍ أنجز فيه الشعب السوري من عربٍ وكُردٍ انتصاراً ساحقاً على الإرهاب، وكانت المرأة الكُردية مقاوِمة ومقاتلة، واستطاعت أن تقدّم للعالم نموذجاً فريداً في القوة والإرادة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى